محمد حمدي وأمل مجدي: الطفل صهيب مسجون بكرسي متحرك.. ومحمود علي تهمته "وطن بلا تعذيب".. واليماني يعيش مرارة الاعتقال عفو رئاسي عن 165 سجينًا على خلفية أحداث سياسية مختلفة، صدر أمس الأربعاء، وسط فرحة من أهالي وأقارب المفرج عنهم، وحزن وبكاء من أسر المئات الذين لم يتضمنهم قرار العفو، خاصة مع دخول شهر رمضان المعظم. قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالعفو عن هذا العدد من المسجونين، أثنى عليه العديد من الساسة وأعضاء حقوق الإنسان، لكنهم في المقابل أن هناك مئات الأسماء الأخرى لا تزال تطارد أحلام الحرية من خلف القضبان بينهم طفل أصيب بروماتيزم ألزمه كرسي متحرك، وطبيب أضرب عن الطعام لمدة 400 يوم، وطالب كانت تهمته "تي شيرت" مدوّن عليه عبارة "وطن بلا تعذيب"، وفتاة خرجت للمطالبة بالإفراج عن شقيها؛ فتم القبض عليها.. "ويكيليكس البرلمان" رصدت بعض قصص الذين لم يشملهم قرار العفو الرئاسي. عبارة على "التى شيرت" وأخرى على "الكوفية" كانت كل جريمة محمود محمد علي، الذي ألقت قوات الأمن القبض عليهن يوم 25 يناير 2014، في كمين للشرطة بمنطقة المرج، في أثناء عودته إلى منزله، والسبب أنه كان يرتدي "تي شيرت" مكتوب عليه "وطن بلا تعذيب"، و"كوفيه" مكتوب عليها " 25 يناير"، وكان هذا هو سبب القبض عليه. "محمود" الذي ألقيّ القبض عليه وهو لم يكمل عامه ال 18، يقبع في السجون منذ عام ونصف، توجّه له تهم الانتماء لجماعة الإخوان التي طالما تظاهر ضدها في أثناء فترة حكمها، إضافة إلى تُهم التظاهر، وقطع الطريق، وتكدير الأمن والسِلم العام، رغم أن القبض عليه كان في كمين للشرطة وليس في تظاهرة. انتقل "محمود علي" الذي يتم تجديد الحبس الاحتياطي له طوال هذه المدة، دون محاكمة، من قسم المرج إلى سجن أبو زعبل ومن ثم إلى سجن الاستئناف الذي يقبع فيه حاليًا، وتتهم أسرته الشرطة بتعذيبه خلال فترة احتجازه. "إللي نظّم المسيرة عائلة علاء عبدالفتاح، وأنا واحدة منهم"، هذه العبارة التي أجابت بها سناء سيف على أحد أسئلة وكيل نيابة مصر الجديدة، كانت كفيلة باستمرار حبسها لمدة عامين. سناء سيف الإسلام عبدالفتاح، الطالبة في كلية لغات وترجمة بجامعة أكتوبر والتي تبلغ من العمر 20 عامًا، تم إلقاء القبض عليها ضمن 23 شابًا وفتاة أخرين، بتهمة الاشتراك في المسيرة التي انطلقت إلى قصر الاتحادية، يوم 21 يونيو 2014، لرفض قانون التظاهر، وقضت محكمة جنح مستأنف مصر الجديدة المنعقدة، بحبس "سناء" و22 أخرين، عامين بدلًا من 3 سنوات، بعد أن قضت المحكمة بسجن المتهمين ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ، وغرامة عشرة آلاف جنيه لكل منهم. سناء خرجت في المسيرة، للمطالبة بالإفراج عن شقيقها الناشط علاء عبدالفتاح، وزملائه الذين قُبض عليهم في وقفة أخرى، أمام مجلس الشورى، عُرف عنها النشاط في مجال مساعدة المعتقلين وأسرهم منذ ثورة يناير. "إنني ومئات الأطباء المصريين نعيش مرارة الاعتقال الظالم داخل السجون المصرية ما يقارب العام حتى الآن، دون جريمة اقترفناها، أكثر من أننا استجبنا إلى النداء الإنساني والضميري والمهني، لتأدية مهمتنا في علاج أبناء الوطن، في الوقت الذي تقاعست فيه مؤسسات الدولة عن علاج أبنائها لخلافات سياسية"، تلك العبارات تضمنتها رسالة إبراهيم اليماني، الطالب بسنة الامتياز في كلية الطب جامعة الأزهر. المعروف عن "اليماني" وسط المقربين، أنه دائمًا يتواجد في أثناء الاشتباكات للاعتناء بالمصابين والجرحى؛ كطبيب ميداني في كل أحداث الثورة وما بعدها، وتم القبض عليه عندما داهمت قوات الأمن مسجد الفتح، في ميدان رمسيس، يوم 17 أغسطس 2013. شرع اليماني، في إضراب عن الطعام منذ دخوله السجن، وعلى مدار عامين على فترتين، لأكثر من 400 يومًا؛ احتجاجًا على اعتقاله، وسوء أوضاعه داخل سجن وادي النطرون.. الإضراب الأول وصلت مدته إلى 89 يومًا، لكن بعد دخوله الحبس الانفرادي لمدة 20 يومًا، اضطر لإنهاء إضرابه في مارس 2014، ثم بدأ إضرابًا جديدًا بعد ذلك. ظل اليماني ما يقارب من عام دون محاكمة، لكن كانت أول جِلسة لنظر القضية، بمعهد أمناء الشرطة في 11 أغسطس من عام 2014، برئاسة محمود الرشيدي، الذي تنحى بعد ذلك عن القضية؛ لاستشعاره الحرج، وتم تحديد هيئة مغايرة برئاسة صلاح رشدي، لنظر القضية، وعقدت أولى الجِلسات بوادي النطرون في 29 مارس من العام الحالي. "تخيلت أن لحظة القبض علي ستمر بعد دقائق وربما ساعات وسأضحك عليها بعد ذلك وأحكي ما شاهدته في فض الاعتصام، لكن لم أكن أعلم أن الأمن يخبئ لي حكاية أكثر تشويقًا لأحكي عنها طوال مدة حبسي".. هذا جزء من إحدى رسائل محمود أبو زيد شوكان، المصوّر الصحفي، الذي عمل في العديد من الأوساط الصحفية، ونشرت أكثر من صحيفة أجنبية صورًا له، الذي تم القبض عليه في 14 أغسطس 2013، في أثناء تواجده للقيام بعمله كمصور لوكالة "ديموتكس" لتغطية أحداث فض اعتصام ميدان رابعة، ووجهت له النيابة العامة تهمًا بالقتل والتجمهر والانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وأمرت بتجديد حبسه طيلة 500 يومًا، و حتى الآن لم يحال إلى المحاكمة. شوكان الذي أصبح رمزًا للمصوريين الصحفيين، ونظّم زملائه المصوريين، عدة وقفات احتجاجية؛ للمطالبة بالإفراج عنه، وتضامنت معهم نقابة الصحفيين في هذا الطلب، باعتبار أنه لم يقم سوى بعمله في تصوير الأحداث، يواجه حتى الآن مصيرًا مجهولًا داخل السجن. إشعال النيران بسيارة تابعة للشرطة، وحيازة سلاح ناري "فرد خرطوش" دون ترخيص، وحيازة أدوات تستخدم في الاعتداء على الأشخاص "مولوتوف"، بقصد الإخلال بالأمن والنظام العام، كانت تلك التهم التب وُجهت للطفل صهيب عماد الذي ألقت قوات الشرطة القبض عليه من منزله يوم 11 فبراير من العام الماضي، وعمره لم يبلغ وقتها 15 عامًا. صورة الطفل صهيب، وهو يجلس على كرسي متحرك، بعد أشهر من حبسه أثارت تعاطفًا كبيرًا معه، حيث أصيب بالروماتيزم، وأجرى جراحة في ركبته خلال شهر أغسطس الماضي، وقالت أسرته إنه نُقل إلى الحبس دون استكمال العلاج، ما أثر على صحته وألزمته الكرسي لإصابته بالإعاقة عن الحركة، فيما تتهم أسرته الشرطة بتعذيبه للاعتراف بالتهم التي وجهت إليه.