"عام على حكم السيسي..هل جمهورية الخوف أفضل من الفوضى؟"، هكذا تسائل موقع "ميدل نيوز" الإخباري العبري أمس، لافتًا إلى أن مؤيدي الرئيس السيسي يطلقون عليه "المخلص" و"المنقذ" بينما معارضوه يفضلون أن يسموه بال"الإنقلابي" و"الجلاد"، وبين هؤلاء وهؤلاء لا يزال الرئيس المصري شخصية مثيرة للجدل ويحاول إدارة دولة غارقة في مستنقع سياسي وركود اقتصادي، متسائلًا "ما الذي حققه السيسي في العام الأول لحكمه؟ وهل بالفعل يختلف عن سابقيه؟". ولفت الموقع الإسرائيلي إلى أنه في "ال7 من يونيو 2015 مر عام كامل على صعود وزير الدفاع السابق، الجنرال عبد الفتاح السيسي للحكم في مصر، هذا العام الذي جاء بعد إسقاط نظام الإخوان المسلمين كان مليئا بالأحداث والوقائع السياسية والأمنية، وبالصراعات المحلية والخارجية، مؤيدو السيسي يصورون هذا العام كسنة إيجابية مليئة بالإنجازات الاقتصادية والسياسية ويطلقون عليه (المنقذ) بينما خصومه يفضلون أن يبرزوا الصعوبات الاقتصادية ويركزون على حقوق الإنسان التي تراجعت للخلف، والسؤال: من الأصدق؟". وقال "ميدل نيوز" إن صندوق النقد الدولي أعلن أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر في تصاعد مستمر، وذلك بعد هبوطها منذ عام 2009، كما أن الدخل من قطاع السياحة ارتفع إلى 50 % تقريبًا ومئات الآلاف من وظائف العمل تم توفيرها في القطاعين العام والخاص، هذا علاوة على مشروع حفر قناة السويس الجديدة الذي من المتوقع افتتاحه هذا العام والذي سيؤدي إلى تحسين في التجارة العالمية، أما في مجال التعليم فقد أقيمت العشرات من المدارس الجديدة وانخفضت نسب الأمية في العام الأول لحكم السيسي". فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، أضاف الموقع الإسرائيلي، يبدو أن السيسي سجل عددًا من الإنجازات، فبعد أن كانت العلاقات متوترة بين القاهرة وبين عدد من الدول، بالأخص الخليجية، في فترة حكم الإخوان المسلمين، أعادت مصر علاقاتها الدبلوماسية مع دول أفريقية، كما أن دولًا مركزية كانت غير راضية في الماضي عما حدث في مصر، كالسعودية والإمارات تعترفان الآن بالرئيس السيسي وبالحكومة الحالية في القاهرة وتراهم شرعيين. وأشار إلى أن "هناك مؤشرات على التوتر في العلاقات بين مصر والسعودية في الشهور الأخيرة، خاصة على خلفية صعود الملك سلمان للحكم، والذي يريد تحسين العلاقات مع تركيا، إحدى داعمات الإخوان المسلمين، كما أن الرياض تركز الآن على التهديدات المتزايدة من قبل تنظيم (داعش) وإيران وتهتم بدرجة أقل بمعاداة الإخوان المسلمين، في الوقت الذي تشجع فيه مصر سياسة محايدة تجاه الصراع في سوريا ولا تتدخل فعليًا في حرب اليمن، وهي السياسة التي تؤدي إلى احتكاكات بينها وبين شركائها في الخليج العربي". وأضاف "لابد وأن نذكر أيضًا التقارب البارز بين القاهرة وموسكو، والذي ترجم إلى صفقات سلاح ومناورات عسكرية مشتركة وتبادل للزيارات، السيسي حاول أن يوضح أن هذا التقارب لا يأتي على حساب العلاقات مع واشنطن، لكن الواضح أن الحديث يدور عن نوع من الانتقام بسبب المساعدة الأمريكية المشروطة للقاهرة، على الأقل في بداية حكم السيسي". على الصعيد الفلسطيني، قال الموقع الإسرائيلي إن "العلاقات مع السلطة الفلسطينية تحسنت، بينما تدهورت مع حركة حماس، القاهرة دعمت كل تحرك سياسي للرئيس محمود عباس، ومن بين هذه التحركات توجهه للمحكمة الدولية، وهاجم الرئيس المصري حماس أكثر من مرة في أعقاب العمليات الإرهابية بسيناء، كما كشف الكثير من الأنفاق الحدودية مع غزة وأغلق معبر رفح الحدودي البري، كذلك شاركت القاهرة في المفاوضات لإنهاء حرب إسرائيل الأخيرة في القطاع، ومؤخرا بعثت حماس رسائل تؤكد تحسن العلاقات مع مصر ومعبر رفح تم فتحه مجددًا". وبعنوان فرعي "الوجه الثاني من العملة..جمهورية الخوف"، قال الموقع إن الصحف الأوروبية التي راقبت الوضع في مصر بعد عام كامل من حكم السيسي، وصفت البلاد بجمهورية الخوف، وذلك بسبب اليد الحديدية للنظام، في الوقت الذي يقمع فيه الأخير الإسلاميين وعناصر المعارضة الأخرى، بما فيها هؤلاء الذي قاموا بثورة يناير 2011، وهناك الآلاف من الذين قتلوا في أعمال عنف في الفترة التي جاءت بعد سقوط محمد مرسي. وذكر أن "منظمات حقوق الإنسان كشفت عن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان منذ صعود السيسي، في الوقت الذي اتهم فيه النظام بإصدار قوانين مقيدة لحقوق الإنسان، من بينها على سبيل المثال، قانون التظاهر، علاوة على الاعتقالات الجماعية وحوادث الوفاة الغامضة في السجون". وأضاف أن "العام الأخيرة كان من أسوأ الأعوام فيما يتعلق بحرية الصحافة في مصر، وليس من فراغ أن يطلق على هذه السنة (سنة تكميم الأفواه)، القاهرة جاءت في المركز السادس في قمع الصحفيين بالدول العربية، في الوقت الذي يقبع فيه عشرات الصحفيين في السجون المصرية". ولفت إلى أن "علاوة على ذلك، يحكم الرئيس المصري دولته الكبيرة بدون برلمان، ومن غير الواضح حتى الآن، متى ستجرى الانتخابات، ويبدو أن السبب وراء ذلك هو حقيقة أن دستور 2014 يعطي للبرلمان صلاحيات واسعة يمكنها تقييد صلاحيات الرئيس، كما أن البرلمان يمكنه وفي ظروف معينة إسقاط الرئيس". وقال إن "معارضو الرئيس يعتقدون أن الإنجازات الاقتصادية تذهب لجيب النظام فقط، ولا توجد مؤشرات حقيقية تشهد على تحسن الوضع الاقتصادي، هذا في الوقت الذي يتنامى فيه عجز الميزانية وارتفاع معدل التضخم وزيادة الضرائب وارتفاع أسعار المواد الأساسية والشقق السكنية، والانخفاض في قيمة العملة المحلية والهبوط الحاد في معدل التصدير". وأشار إلى أن "انتقادات حادة وجهت ضد المشاريع التي وعد النظام بها والتي تبدو حتى الآن كأوهام، ويبدو أن مصر تجد صعوبة في إيجاد القدرات المالية لتنفيذها، وأحد هذه المشاريع هو عاصمة مصر الجديدة، هذا علاوة على مشاريع أخرى لبناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل وتحسين الطرق". وإذا عدنا للجانب الأمني، أضاف ميدل نيوز، يجب أن نذكر العمليات الإرهابية المستمرة في مصر، وبالأخص في شبه جزيرة سيناء، في الوقت الذي يشكل فيه أنصار داعش والجهاد العالمي في سيناء تهديدًا جديدًا لمصر، على الرغم من العملية الكبيرة التي يقوم بها الجيش ضدهم منذ عدة شهور". واختتم الموقع قائلًا " يبدو أنه ما زال من المبكر جدًا إصدار حكم على نظام السيسي، فالقاهرة لا زالت في طريقها للبناء السياسي والمؤسسي وعدد من المراقبين يرون أن الرئيس المصري سينجح في نهاية الأمر في إعادة الاستقرار لأكبر دولة بالشرق الأوسط، ويرون أن ديكتاتورية مستقرة أفضل من فوضى مستمرة، وأن الأمن والنظام أهم من حقوق الإنسان، وفي كل الأحوال، السيسي ملزم بتحقيق الاستقرار الأمني والتحسن في الوضع الاقتصادي لبلاده، وذلك لتجنب التدهور لحالة من الفوضي مجددًا ولحرب أهلية محتملة".