وزير الزراعة يكشف تفاصيل مشروع مستقبل مصر    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    ارتفاع تكلفة الواردات في كوريا الجنوبية وسط ارتفاع أسعار النفط    زاخاروفا ترد على تصريحات سوناك بشأن التصعيد النووي وقطع إمدادات الطاقة    جوتيريش يعرب عن حزنه العميق لمقتل موظف أممي بغزة    شولتس يقلل من التوقعات بشأن مؤتمر السلام الأوكراني    إعلامي: الزمالك يدرس دعوة مجلس الأهلي لحضور نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    لهواة الغوص، سلطنة عمان تدشن متحفًا تحت الماء (فيديو)    برج الأسد.. ماذا ينتظر مواليده في حظك اليوم؟ (توقعات الأبراج)    لطفي لبيب: أحمد السعدني لازم يفرح لأن والده في مكان أفضل    فريدة سيف النصر تكشف لأول مرة كواليس تعرضها للخيانة    سلوى محمد علي: الشعب المصري لا يكره إلا من يستحق الكره    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    انتقاما ل سلمى أبو ضيف.. كواليس قتل إياد نصار ب«إلا الطلاق» (فيديو)    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    هيئة الدواء تحذر من منتجات مغشوشة وغير مطابقة: لا تشتروا هذه الأدوية    رئيس شعبة الأدوية: احنا بنخسر في تصنيع الدواء.. والإنتاج قل لهذا السبب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    امتحانات الدبلومات الفنية 2024.. طريقة الحصول على أرقام الجلوس من الموقع الرسمي للوزارة    إبراهيم عيسى: أي شيء فيه اختلاف مطرود من الملة ومتهم بالإلحاد (فيديو)    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    محافظ الغربية يعقد اجتماعًا مع خريجي المبادرة الرئاسية «1000 مدير مدرسة»    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    ضابط استخبارات أمريكي يستقيل بسبب حرب غزة    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    فريدة سيف النصر: «فيه شيوخ بتحرم الفن وفي نفس الوقت بينتجوا أفلام ومسلسلات»    مقتل وإصابة 10 جنود عراقيين في هجوم لداعش على موقع للجيش    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو بالصاغة    عاجل - "احذروا واحترسوا".. بيان مهم وتفاصيل جديدة بشأن حالة الطقس اليوم في محافظات مصر    «اتحاد الصناعات» يزف بشرى سارة عن نواقص الأدوية    احذر.. هذا النوع من الشاي يسبب تآكل الأسنان    رئيس شعبة الأدوية: هناك طلبات بتحريك أسعار 1000 نوع دواء    وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف أسباب ارتفاع أسعار التفاح البلدي    "يأس".. واشنطن تعلق على تغيير وزير الدفاع الروسي    القضية الفلسطينية.. حضور لافت وثقته السينما العربية    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    الحرس الوطني التونسي يحبط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية    الحماية القانونية والجنائية للأشخاص "ذوي الهمم"    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية منذ نشأته يتعرض لحملة من الأكاذيب    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    إصابة شخصين في حادث تصادم بالمنيا    مستشار وزير الزراعة: إضافة 2 مليون فدان في 10 سنوات إعجاز على مستوى الدول    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    دبلوماسي سابق: إسرائيل وضعت بايدن في مأزق.. وترامب انتهازي بلا مبادئ    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عبد المعطى: عُدْنا لحكم الفرد الذى يستند إلى المؤسسة العسكرية
نشر في التحرير يوم 11 - 06 - 2015


حوار- أنور الهواري ويوسف شعبان
الفتى أحمد عبد المعطى حجازى عائد إلى الشعر، وبكل قوة، كما أغار على أسواره، وكما أورى أقداحه أول مرة.
لا تصدقه إن قال لك إنه قد بلغ من الدهر ثمانين حَوْلًا، مثل شيخه زهير بن أبى سُلمى، الذى وقف عند سدرة الثمانين، يبكى أطلاله فى مسامع ماضيه، ويودعُ حكمته فى جراب الزمن.
«أمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لم تكلّمِ -■ بحومانة الدُّرَّاجِ فالمُتثلَّمِ...
فلمّا عَرَفْتُ الدار قُلْتُ لربعِها -■ ألا عِم صباحًا أيها الرَّبعُ واسلَمِ»
صعدت إليه خمسة طوابق، فى شقة متواضعة، فى عمارة قديمة، فى مصر الجديدة، يتناثر فيها أثاث غاية فى رقّة الحال وزُهد المظهر والجوهر، حتى هتفت به: كيف أنجزت هذا العالم الشعرى والإنسانى الكبير من تحت هذا السقف الزاهد المتقشف؟!
لم أجد فيه شيخوخة زهير، وجدت فيه عنفوان طرفة بن العبد البكرى، وجدت فيه روح الفتى القادم من حقول «تلا- منوفية» قبل ستين عامًا من بندول الزمن، وقد انعطفت جوانحه على ثورية قلقة، يغلى حتى يفور، ولا يكاد يهدأ حتى يثور، ثلاث ساعات من النجوى المسافرة مع المطلق، وثلاث ساعات من القتال المتواصل.. قتال حوارى وشوارع، كأنه يطارد أعداءه فى قلب التفاصيل، كأنه يقاتل أعداءه ولو ذهب إليهم فى بطون الكهوف أو فى ثنايا الجحور، ولا يُثنيه عن تمام معركته عائقٌ، حتى لو صعد إليهم عند قمم الصخور أو انتظرهم عند معاقل القصور. كأنه -حين يعتدل ويصلب ظهره فى جلسته وتنتفض عروقه ويتدفق عقله ولسانه- يهتف هتاف سيدنا طرفة: «فإن كُنْتَ لا تملُك دفع منيّتى -■ فَدَعْنى أُبادرْها بما ملكت يدى».
بين يَدَىْ- أحمد عبد المعطى حجازى.. أشرقت الشمس ولا تزال.
■ نحن اليوم صعدنا إليك، دَرْج سلم بيتك، ونحن نعرف أننا نرتقى إلى أفق أعلى، نعرف قيمته ووزنه فى تاريخ العرب المعاصر، حين فتح لنا باب الدار، عرفنا معنى العظمة فى هذا الزمان، هذه دار لا يسكنها إلا عظيم، قمة فى التواضع، قمة فى الاستغناء، قمة فى الاكتفاء، فقد ذكَّرْتَنا بأهل النُّبل، من الذين وهبوا حياتهم للفكر والمعرفة والشعر والكتابة والقضية، فصنعوا عالمًا غير هذا العالم، لا يفرق فيه نوع الكرسى ولا المناصب، فهل أعطتك مصر بقدر ما وهبتَ لها من جهد وعرق وفكر؟
- مصر تستحق الكثير والكثير، وأنا دائما أتساءل: كيف يمكن لبعض من أهلها أن يصنعوا بها ما صنعوه؟ وعلى العموم، نحن الآن أفضل بكثير مما كنا عليه قبل 4 سنوات، فقبل ذلك التاريخ كنا متواطئين مع نظام متواطئ مع الفساد والهزيمة والهوان والتخلف والتعصب، إلى آخره.. ولذلك، فأنا أتصور ما مر بنا منذ 1952 حتى 2012 نوعا من الاستعادة الكئيبة والصغيرة والرخيصة لأسوأ عهود المماليك، وأنا أعلم أن هؤلاء ليسوا مجلوبين ولم نأت بهم من أسواق الرقيق والنخاسة كما كان يحدث فى عهد المماليك، فهؤلاء من أبناء مصر، وصحيح أن بعضهم كان يصنع للوطن، لكن هذا النظام، فى النهاية، آل لأن يكون نظاما مملوكيا.. حتى فى التفاصيل، كان الأمر يصل إلى حد أن تكون هذه الوزارة لفلان أو لعلان، هكذا كان يدار هذا البلد، شبه إقطاع أو سنجق (كلمة تركية تعنى بالعربية المنطقة أو المقاطعة) طيلة عمره، لا رقيب ولا حسيب، ويخرج من كارثة ويدخل إلى كارثة أخرى، وهناك تواطؤ كامل.. نحن خرجنا من هذا إلى الوجه الآخر لذات النظام.. فالوجه الأول، لم يدّخر وسعًا فى استخدام الدين، وأقصد هنا النظام العسكرى، الذى بدأ منذ عام 1952 حتى 2012.. هذا النظام لم يترك فرصة يستخدم فيها الدين ويبتذل إلا وانتهزها.
أولا جاء النظام العسكرى على ظهر هؤلاء الإخوان، واختلف معهم لا على الأفكار والمبادئ ولكن على السلطة، فقذف بهم فى المعتقلات والسجون، لكنه أراد أن يعوّض هذا حتى لا ينصرف الذهن إلى أن هذا موقف من الإسلام، فقرر أن يسابق وينافس الإخوان فى الاتجار بالدين.
■ ما مظاهر استغلال نظام يوليو للدين فى مواجهة الإخوان؟
- تجلَّى ذلك فى مظاهر عدة، منها تغييره للمناهج الدراسية، التى كانت تدرّس العلوم والمواد التى يصبح بها المواطن مواطنًا، أما أن يصبح المواطن متدينًا، فهناك مؤسسات أخرى، هناك المسجد والكنيسة والمنزل، وكانت هناك مادة التربية الدينية قبل 1952، لكنها لم تكن مادة نجاح ورسوب، ثم أضاف إلى هذا أنه بدلا من أن يكون الأزهر كليات تدرّس علوم الدين واللغة، فالطالب كى يكون إماما أو واعظا أو مفكرا فى الدين، عليه أن يدرس من الفقه والتفسير والحديث وعلوم اللغة، وهذا ما كان موجودا، وكان يدرس فى جميع معاهد الأزهر، حيث كان المعهد الأساسى فى القاهرة، والمعهد الأحمدى فى طنطا ومعهد الإسكندرية وعدد آخر من المعاهد فى المحافظات، لذلك كانت المساحة التى يحتلها التعليم الدينى محدودة، وقد تحولت الآن، لأنه تعليم الدين أصبح يطارد التعليم الوطنى، حتى فى داره، وهى المدرسة الوطنية، التى أنشأتها وزارة المعارف نتيجة النهضة.
■ أليس ممكنا أن نحقق النهضة فى العلوم المختلفة مع علوم الدين؟
- إذا أردت إجابة عن هذا السؤال فعليك أن تنظر أولا إلى ما لا نزال نتلقاه ونتبناه فى مصر، سوف تجد خرافات لا أول لها ولا آخر، وهى خرافات ليست نتيجة الجهل والأمية والوراثة من عصر الظلمات، ستجد ما هو أكثر من هذا من حقد وكراهية لمصر، فى كتب المقريزى والطبرى والمسعودى، وفى الأحاديث، ستجد الكثير من الأمور المنسوبة التى لا علاقة لها بالعقل، حتى وصلنا إلى الشيخ عبد الله الشرقاوى الذى كان شيخا للأزهر فى عصر بونابرت، وأصبح رئيسا للديوان، عليك أن تنظر إلى ما كتبه عن تاريخ مصر، فى رسالة كتبها بعنوان «تحفة الناظرين فى مَن وَلِىَ مصر من الولاة والسلاطين».. كلها خرافات، لا أول لها من آخر، فيقول: «عندما خلق الله الأشياء، جعل كل شىء لشىء.. قال العقل: أنا لاحق بالشأم، فقالت الفتنة: وأنا معك.. وقال الشقاء: أنا لاحق بالبادية، فقالت الصحة: وأنا معك.. قال البخل: أنا لاحق بالمغرب، فقال سوء الخلق: وأنا معك.. قال الخصب: أنا لاحق بمصر، فقال الذل: وأنا معك»، وهذا الحديث ينسب إلى بعض الصحابة.. ثم هذا الذى يُنسب إلى عمرو بن العاص، حين جاء إلى مصر، إذ أرسل إلى عمر بن الخطاب، يقول له عن مصر: «نيلها عجب وترابها ذهب ونساؤها لعب وصبيانها طرب وأمراؤها جلب وهى لمن غلب والداخل إليها مفقود والخارج منها مولود».. فلا يعقل أن ندرّس لأبنائنا مثل هذه الخرافات، ونتجاهل عصورا، لا يذكرها التاريخ، والفترة الوحيدة التى أبقينا عليها فى الدراسة هى العصر الفرعونى، وعليك أن تنظر أيضا كيف ندرسه اليوم وكيف كنا ندرسه بالأمس، حين كانت مصر تدرّسه فى السابق، كان يقف وراءها طه حسين وسلامة موسى وأحمد لطفى السيد، كل هؤلاء كانوا يُشيعون فى البلاد الاعتزاز بهذا التاريخ، لكن اليوم فنحن ندرس فى المدراس التاريخ الفرعونى، ونتلقى فى المساجد والزوايا والإعلام أقبح الشتائم فى تاريخ الفراعنة، بدعوى أن هؤلاء الفراعنة الذين طردوا موسى، كأنه كان عليهم أن يتركوا بنى إسرائيل يعيثون فسادا فى البلاد.
■ لماذا ترفض العروبة بمعناها الجغرافى؟
- فى العقود الستة منذ 1952 حتى 2012 أضعنا أشياء كثيرة جدا، ورفعنا شعارات غير صحيحة، منها شعار العروبة، وأنا أؤيده، لكن أى عروبة؟ إذا كنا نتحدث عن العروبة التى تصبح فيها إقليما جنوبيا لسوريا، فهذا مرفوض، لأن مصر غير سوريا، كما أن سوريا غير مصر، ومصر غير السودان وليبيا، فالعروبة الحالية هى عروبة أقوام متعددة وشعوب مختلفة وتواريخ وحضارات وثقافات من الممكن أن تتكامل، لكن لا يستطيع أحد أن يزعم أن الثقافة المصرية هى ذاتها الثقافة الليبية أو أن الثقافة السعودية هى ذاتها الثقافة العراقية.. هذا الشعار مضلِّل.
■ إذن، نحن نتحدث عن أن أولى الملاحظات النقدية على العقود الستة السابقة، فى الفترة من عام 1952 حتى عام 2012، فكرة العروبة التى قزَّمت من مكانة مصر.. فهل هناك بديل لفكرة العروبة يعمل على وحدة الناطقين بلغة الضاد؟
- العودة إلى ما كنا عليه قبل ثورة 1952 وهى العروبة الثقافية، التى كانت تجعل مصر تفتح المدارس والجامعات فى بيروت والكويت واليمن والسودان والمنطقة العربية كلها وترسل المدرسين وترسل إليهم مرتباتهم فى الدول العربية.
■ كان من نتائج العروبة الثقافية التى قادتها مصر أن عملت «ناصر الأسد» و«حسين عباس» و«سامى الدروبى»، فلماذا لا تُستكمل الوحدة الثقافية بوحدة شعبية؟
- هذه هى العروبة الصحيحة، العروبة الثقافية، العروبة التى تسمح لنا بأن ننشئ اتحادا على النمط الذى صنعه الاتحاد الأوروبى، أما العروبة بالمعنى الجغرافى، فهى نوع من العروبة الحماسية التى كانت تفرض على الحكام أن يقولوا كلاما حماسيًّا، ظنًّا أن الكلام الحماسى الذى يُرضى الجماهير ويقدم مادة لأحمد سعيد يقدمها فى «صوت العرب»، لن تكلفهم شيئا وستُرضى الجماهير، لكنها كلفتهم الكثير وكلفتنا نحن أيضا الكثير.
■ ماذا تقول ونحن فى 2015 ومر أكثر من 60 عاما على يوليو 1952؟
- أقول إن علينا أن نتعلم وأن نبحث، لأنه حتى هذه اللحظة أنا لم أقرأ دراسة صريحة موثقة عما ممرنا به من عام 1952 حتى الآن. الوثائق الخاصة بعلاقة النظام بالأحزاب والجماعات المختلفة وأيضا ما يقال حول علاقة جمال عبد الناصر بالأمريكان والروس ليست متوافرة لدينا، أيضا ما صنعه هذا النظام مع المثقفين المصريين، منذ أن بدأ طردهم من الجامعة عام 1954، حين اعترضوا على بقاء النظام، وكانوا يطالبون بتحقيق الديمقراطية وعودة الجيش إلى الثكنات، حتى دستور 1954، وكان من الممكن أن يعود دستور 1923 مع إجراء بعض التعديلات على المواد الخاصة بصلاحيات الملك وبعض مؤسسات الدولة، وهو دستور أفضل ألف مرة من الدستور الحالى، لأن الدستور الحالى يصنع دولة كما يقال فى العامية «بزرميط».
■ ما تحفظاتك على الدستور الجديد؟
- أنت تدّعى فى هذا الدستور أن مصر دولة وطنية ديمقراطية، لكنك مُصرّ على أن تكون الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.. لماذا نشرّع؟ نحن نشرّع كى ننظم أمور حياتنا فى هذا العالم، وفى كل يوم جديد والحياة متغيرة، ومعنى ذلك أننا نطلب من التشريع أن يكون مفيدا نافعا للوطن والأفراد، لا أن يكون تقيًّا، فنحن نبحث عن القوة فى قراءة القرآن الكريم والصلاة والالتزام بتعاليم الدين، لا بأس أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرا من مصادر التشريع، باعتبار أننا لا نحتاج من القانون إلى الفائدة فقط بل نحتاج منه إلى العدل، والعدل قيمة أخلاقية، والإسلام فيه مبادئ وقيم أخلاقية رفيعة لا بد أن نتمسك بها.. بالإضافة إلى أن الإسلام دين الدولة، بمعنى أنه سمة من سمات الهوية، وليس مبدأ تستنبط منه أو تقوم عليه أو تبنى عليه حقوق وواجبات، فتكون النتيجة أننا نتعامل مع المسيحيين على أنهم ذِمِّيين، وهذا ما يحدث الآن.
■ كيف تابعت قصة تهجير المسيحيين فى محافظة بنى سويف؟.. وكيف قرأتها؟
- أنا خجلت جدا، وشعرت أننى أنا المُهجَّر، لأن حالى لا يختلف عن حال هؤلاء الذين هُجِّروا، فأنا صاحب عقيدة ولا يجوز لأحد مهما اختلف معى أن يرغمنى على ترك بيتى وبلدى لأنه اختلف معى.. حقيقة ما حدث فى تلك الواقعة، أن شابًّا مسيحيًّا أساء إلى الرسول، وفى هذه الحالة يجب أولاً التأكد أن هذا حدث، ثم أعالج الأمر بالقانون، لكن أن أهجِّر الأم والأب والإخوة والأخوات، فهذا أمر خارج نطاق العقل والمنطق وغير مقبول.
أيضا قضية بناء الكنائس، ليس مقبولا أبدا أنه حين يسعى عدد من المسيحيين لبناء كنيسة يؤدون فيها صلواتهم فى إطار من الوطنية، يكون الرد أن الكنيسة لا بد أن تكون بلا صليب أو أى مظهر يدل على أنها كنيسة.
■ هل الفتنة الطائفية وليدة ال60 عاما الماضية أم أن الأمر يمتد إلى ما قبل ذلك؟
- الأمر يبدأ من قبل ذلك، لكن لا يمتد إلى ما قبل 1952، فهناك فارق فى الفترة من عهد محمد على حتى عام 1952، وما سبقها وما لحقها من فترات، ففى ظل هذه الأسرة الألبانية الغريبة، تقدمت مصر واستطاعت أن تعوض الكثير مما فقدته فى القرون الثلاثة للأتراك، وحتى عام 1952 كانت مصيبة أن تحدث فتنة طائفية فى أى منطقة فى مصر، ثم بدأت الفتن الطائفية تطل برأسها مع بداية انتشار الإخوان، فالفتنة ارتبطت بجماعة الإخوان المسلمين وعملها فى السياسة.
■ وأنت تنظر من أعلى إلى مسرح الساحة السياسية ومجريات الأمور وسيولة الأحداث، ما الذى تخشاه؟
- هناك أسباب كثيرة تدعو إلى الخشية، منها أن الأدوات والمؤسسات والشروط التى تتحقق بها الدولة المدنية، دولة المواطنة والقانون والديمقراطية وفصل الدين عن الدولة وتداول السلطة، غير موجودة، رغم أن الدولة المدنية كانت المطلب فى «25 يناير» وفى «30 يونيو».
■ لماذا اختفى هذا المطلب؟
- أولا، خرج الناس من الثورة لينشغلوا بحياتهم اليومية، ولم تكن هناك رقابة على المطالب الشعبية التى نادت بها الجماهير فى الثورة، وهنا سؤال ملحّ يطرح نفسه، كيف تكون الأمة أمة؟
■ نعم، هذا هو السؤال، كيف تكون الأمة أمة؟
- أقول لك، إن الأمة تكون أمة حقيقية بتنظيماتها، سواء بالأحزاب، أو النقابات، أو البرلمان، أو القانون، أو الدستور، وكما قلت، فإن الدستور الحالى يصنع دولة «بزرميط»، لأنه بالإضافة إلى مادة الشريعية الإسلامية، فهناك مادة أخرى تنص على أن الأزهر الشريف هيئة مستقلة وأن هيئة كبار علماء المسلمين يُرجع إليها فى ما يتصل الشريعة، معنى ذلك أن النائب المصرى الذى ينوب عن الأمة فى وضع القوانين عليه الرجوع إلى هذه المؤسسة الدينية التى أصبحت سلطة، ولذلك كيف أقول إن الدولة وطنية ومدنية وديمقراطية، وهى فى ذات الوقت تجعل التشريع مشروطًا بشرطين ينفيان حق الأمة فى أن تشرّع لنفسها: الأول الدين كنص، والثانى الدين كمؤسسة، فهناك قيد بالنص وقيد بالمؤسسة.
■ هذا يعنى أن الدستور يؤسس لدولة ثيوقراطية (دينية) فعليًّا؟
- نعم، وهو يخلط فى الحقيقة بين الدولة المدنية والدولة الثيوقراطية، وهو يصب فى النهاية لصالح الدولة الثيوقراطية، وأقول لك، إن الدولة إما أن تكون مدنية وإما أن تكون ثيوقراطية، لكن الثيوقراطية من الممكن أن تتخفى فى العبارات. فمثلا نحن رأينا السلفيين لا ينهضون وقوفًا للسلام الوطنى، فالدولة الوطنية بالنسبة إليهم لا معنى لها، لأن وطنهم هو العقيدة التى يؤمنون بها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى «الإخوان المسلمين»، لكن ما الذى صنعناه بعد أن طردنا الإخوان فى «30 يونيو»؟
■ نعم، هنا أسأل، ما الذى صنعناه حقًّا بعد أن تخلصنا من الدولة الدينية فى «30 يونيو»، هل أنشأنا ديمقراطية أم أحللناها بدلا منها دولة شبيهة بها؟
- هى نفسها الدولة، ولكن بغير رجال الدين أو بغير المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، لهذا أنا أذكر أن أحد الإعلاميين كان يسألنى يوميا بعد «30 يونيو» عن موقفى من إمكانية ترشح المشير عبد الفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية، وقد تمنيت أن لا يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، وأن يترك الأمر للمصريين، يمكن بعد 6 عقود من الحرمان من ممارسة حقوقهم السياسية أن يشقّوا الطريق إلى ذلك.. نعم، قد يجدون صعوبة فى ذلك، وقد تكون هناك أخطاء، لكن لا بد من خوض التجربة، حتى نعبر الجسر الفاصل بين الطغيان إلى الحرية، وقلت أيضا، لو فعل المشير السيسى ذلك، سوف يظل بطلا ساعدنا فى الخلاص من هذه العصابة الإرهابية، وسوف يظل أيضا، بحكم موقعه فى القوات المسلحة، حارسًا على الشرعية والإرادة الشعبية ومشروع الديمقراطية.
■ أما وإن هذا لم يتحقق، وسارت الأمور على النحو الذى سارت عليه، وأمضى الرئيس السيسى عامًا من حكمه، كيف تنظر إلى هذا العام؟
- لا شك أن الرئيس السيسى بذل مجهودا واضحا فى كل المجالات، لكننا نرى تعثرا شديدا فى ظهور الكيانات السياسية والحزبية، التى يمكن لها أن تجعل فكرة «الأمة مصدر السلطات» فكرة واقعية، وعليك أن تنظر إلى المؤسسات الموجودة حاليا، سوف تجد مؤسسة الرئاسة والحكومة، التى تعد حكومة موظفين، وهو أمر يجعل ممارسة العمل السياسى مقصورا على السلطة العليا، أى على شخص الرئيس فقط، ومن خلفه المؤسسة العسكرية.
■ هل نحن انتقلنا من حكم دينى إلى حكم عسكرى؟
- هذا هو الذى نخشاه.
■ دعنا نوصّف الحالة بدقة.. هل انتقلنا من حكم دينى إلى حكم مدنى، أم إلى حكم عسكرى، أم إلى حكم نصف مدنى ونصف عسكرى، أم إلى حكم عسكرى متخفٍّ فى قناع مدنى؟
- فى تقديرى أننا عدنا مرة أخرى إلى حكم الفرد الذى يستند إلى مؤسسة ليست مدنية وهى المؤسسة العسكرية، لأننا نطرح السؤال الآن: ما المؤسسات المدنية التى يستند إليها الرئيس السيسى فى عمله؟ ما الأحزاب، وما الكيانات المدنية التى يستعين بها؟ وأين البرلمان الذى يسيّر أمور البلاد؟ فى الحقيقة، وبقدر ما أعبر عن خشيتى، وأتمنى أن يكون لى الحق فى التفاؤل، مستندا فى هذا إلى أن المصريين قاموا بثورتين، وأن هاتين الثورتين لن تضيعا، فلا شىء يضيع ما دامت هناك إرادة شعبية.. هذا هو الذى نعيشه الآن، نحن نخشى أن نعيد إنتاج النظام الذى ثُرنا عليه وصنع بنا ما صنع، وهنا يجب أن نعيد فكرة كشف الحساب، فحتى الآن لا يوجد كشف حساب للنظام الذى خرجنا منه، كأنه مطلوب التعمية على المصريين حتى يتكرر ما حدث من قبل، كما يجب أن يكون هناك كشف حساب للنظام الأسبق، وهو النظام الملكى، لأنه أيضا فى ظل ذلك النظام حدث ما حدث مع الطهطاوى وعلى مبارك وأحمد نصر السيد وطه حسين والسنهورى، فالدولة مطلوب منها أن تقدم كشف حساب عن كل العصور الماضية.
■ هل هذه وظيفة الدولة أم وظيفة المثقفين، بحكم أنه عمل من أعمال التأريخ؟
- طبعا هو وظيفة من وظائف المثقفين، لكن الدولة جاءت كى تعبّر عن أحلامنا وشعاراتنا التى خرجنا من أجلها فى الثورتين، ولذا من حقنا أن نقول لها: يا دولة بعد يناير 2011 ويونيو 2013 لا بد أن تساعدى من خلال وزارة الثقافة على كشف ما جرى خلال العهود السابقة.
■ لو بادرت بوضع خارطة طريق من 10 نقاط للخروج من الأزمة والوضع الحالى، ماذا تقول؟
- أول ما ينبغى علينا أن نصنعه، أن نقول للمؤسسة الدينية عليكى بهداية الناس واتركى تمامًا موضوع السياسة، فأنا كانت لى مآخذ كثيرة، ولا يزال، على الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة السابق، سواء وهو فى الوزارة أم قبل الوزارة، لكنى أرفض تماما أنه حين يختلف مع الأزهر يُطرد من الوزارة بضغط من الأزهر، فأنا يمكننى أن أحاوره وأصوّب له خطأه لو كان قد وقع فى خطأ، وأظن أن علماء الأزهر ما داموا معترضين على كلام جابر عصفور حول الرقابة على الأفلام وتجسيد الأنبياء، فعليهم أن يقولوا معترضين ليه؟ وعلينا أن نناقش الطرح، إما أن تثبت صحته أو خطؤه. ثانيا، يعاد النظر فى الدستور، خصوصا فى المواد الخاصة بالشريعة الإسلامية والأزهر وسلطة هيئة كبار علماء المسلمين.
■ ألا تخشى أن إعادة النظر فى الدستور قد تأتى بنتيجة عكسية، بمعنى أن يعاد النظر فى المواد الخاصة بصلاحيات الرئيس مثلا، التى حققنا فيها تقدما ولا يُنظر إلى المواد التى لك عليها ملاحظات؟
- لذلك يجب أن يعاد النظر ليس فى الدستور كاملا ولكن فى هذه المواد، فلا بد من التمسك بما حققناه من نجاحات، وأن نبنى عليه، لأن الدستور فيه أيضا مواد جيدة.
■ أعتقد أن باب الحقوق والحريات من أفضل مواد الدستور؟
- لكنه معطَّل، لأن هذا الفصل يتحدث عن حرية التفكير والتعبير والاعتقاد وإبداء الرأى، وفى نفس الوقت، تجد تهمة ازدراء الأديان وهى تهمة غامضة جدا، كما حدث مع إسلام بحيرى، لأنه تحدث عن أمور مثل البخارى، وهو جمع أحاديث لم يصح منها غير 1% مما جمعه، فكيف يكون هذا ازدراء للأديان حين يقول هو ذلك؟ ثانيا: على المؤسسة الدينية أن تراجع تاريخها، كما فعلت «الفاتيكان»، وهذا ما قلته للشيخ أحمد الطيب، حين دعانا للاتفاق على وثيقة حول الحريات، فقلت له «فضيلة الإمام.. المصريون نقلوا عن الفاتيكان، ومجمع البحوث الإسلامية منقول بالنص عن الفاتيكان، حيث أنشأ المجمع فى القرن ال16 هيئة تقوم بمراجعة الكتب وتقول ما الذى ينشر وما الذى لا يجوز نشره، وما الذى يُقرأ وما الذى لا يجب أن يُقرأ، والأزهر نقل عنه نفس الفكرة» حين قرر الرئيس جمال عبد الناصر أن يواجه الإخوان المسلمين وأن ينافسهم فى موضوع الدين وحدث ما حدث فى المناهج التعليمية وأنشأ من ضمن ما أنشأ مجمع البحوث الإسلامية، وحوَّل الأزهر بدلا من أن كان 4 كليات، أصبح جامعات ومعاهد، وحل التعليم الدينى محل التعليم الوطنى.. قلت أيضا لشيخ الأزهر «لقد أسقطنا الإخوان، ألا يصح أن نراجع موقفنا من الشيخ على عبد الرازق، حين فصله الأزهر بسبب كتاب (الإسلام وأصول الحكم)؟ ألا يجب أن نراجع موقفنا من طه حسين بسبب كتابه (فى الشعر الجاهلى) والمستشار سعيد العشماوى، حتى نصدق أن الأزهر ينشئ وثيقة للحريات؟».
■ كيف ترى فكرة تجديد الخطاب الدينى التى تشغل الساحة السياسية والإعلامية والقيادة السياسية وصولًا إلى رئيس الجمهورية؟
- أمر غير مجدٍ على الإطلاق، فما الذى يجعل الأزهر هو المسؤول عن تجديد الخطاب الدينى، فهذه جهة دينية غير مختصة بتجديد الخطاب الدينى، وهى التى فرضت علينا هذا الخطاب الدينى المتخلّف.. نحن نشكو أن هذا الخطاب الدينى يرفع شعار الخلافة ويجعل «الإخوان المسلمين» و«داعش» وأبو بكر البغدادى عائلة واحدة، فى حين أن الأزهر دافع عن الخلافة، وأراد أن ينقلها من تركيا، بعد أن ألغاها أتاتورك، إلى الملك فؤاد، ولذا على الأزهر أن يراجع نفسه، ولا بد أن نعلن بوضوح تام أن الخلافة انتهت فى هذا العصر، لأننا تجاوزنا هذا الزمن وهذا النظام، وكان من أسوأ الأنظمة، ففى ظل هذه الخلافة كان الطغيان والفساد والقتل.. فالأزهر مطالب بمراجعة موقفه من الخلافة، وأيضًا مراجعة الموقف الموروث من المرأة، فهى لها الحق الكامل فى كل شىء، وموضوع أن المرأة ينظر إليها على أنها نصف رجل أو نصف إنسان أو أنها ناقصة عقل ودين، وعلينا أن نعلن فى الخطاب الدينى الجديد أن العقوبات البدنية انتهت، سواء موضوع الجلد والزنى وحدّ الردة والرجم وقطع اليد، وغيرها من العقوبات التى كان من الممكن أن تكون فى العصور القديمة.
■ هذا يعنى أنك ضد أن تحصل المرأة على نصف ميراث الرجل؟
- أنا أعتقد ضرورة إعادة النظر فى هذه القوانين، وأقول لك إن المرأة كانت نصف ميراث الرجل لأن الرجل وحده هو الذى كان ينفق، لكن اليوم فإن المرأة تعمل وتنفق أيضًا، وما دمنا قد اعترفنا بحق المرأة فى أن تتعلَّم وأن تعمل وأن تحكم وأن تصبح قاضية وأن تصبح وزيرة وأن تصبح رئيسة، فلا يجوز أبدًا أن تتحدَّث عن أن المرأة لها نصف حظ الرجل فى الميراث، فمَن يقول إن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التى التقاها الرئيس السيسى، تحصل على نصف ميراث شقيقها الذى لم يصل إلى ما وصلت إليه.
■ هذا ما يجب أن يكون بالنسبة إلى الدستور والمؤسسة الدينية، لكن ماذا يجب أن يكون على صعيد أهداف الثورة؟
- لا بد من إعادة النظر فورا فى قانون التظاهر، ولا بد أن نتعامل بمنتهى الرفق مع هؤلاء الذين قد يتجاوزون الحدود قليلا، لكن لم يحملوا السلاح، وأنا أعرف شابًّا اسمه عمر حاذق تظاهر فى الإسكندرية فسُجن سنتين، وهو الآن لا يزال فى السجن.
■ هل تعترف بموهبته الشعرية؟
- نعم أعترف بذلك، وأشهد بها.
■ هل يجوز أن يُسجن شاعر شاب يُعدّ نبتًا لثورتين؟
- هذا لا يصح ولا بد من إعادة النظر فى هذه القوانين السيئة، كما أن خارطة الطريق التى أصدرناها بعد «30 يونيو» ضلَّت الطريق، فالخارطة تتحدث عن خطوات، وقد خرجنا عنها، فقد قلنا إننا سوف نبدأ بالانتخابات البرلمانية، لكننا بدأنا بالانتخابات الرئاسية، وهذا فى ظنى خطأ، لأن هذا يعنى شيئا من اثنين، إما أننا أخطأنا فى الخارطة وإما أننا أخطأنا فى التطبيق، لذا لا بد من إعادة النظر فى خارطة الطريق، على أن نقدم رؤية شاملة، نحدد فيها الأهداف قبل الخطوات التى نسعى إليها، ونقول فيها بصراحة ووضوح، نحن لا نريد نظاما عسكريا، ولا نريد نظاما دينيا، لا نريد فاشية عسكرية ولا نريد فاشية دينية، ونحن أكْفَاء ونحن راشدون ونحن قادرون على أن نبنى ديمقراطية حقيقية وأن نتقدم كما تقدم الآخرون، وربما كنا مؤهلين لأن نسبقهم، وعليك أن تقارن بيننا وبين ما صنعوه فى جنوب آسيا، ألم نكن مؤهلين لأن نحقق أفضل منه؟ وقد كنا أسبق من إسبانيا واليونان فى الثلاثينيات، والإيطاليون كانوا يمشون وراء موسولينى، و«الفاتيكان» كانت تقول على موسولينى «رجل الأقدار»، ونحن كنا فى الثلاثينيات ندير ظهورنا إلى الملك والإخوان المسلمين ونتمسك بالدستور ونقف إلى جانب مصطفى النحاس، وأنا هنا لا أتحدث عن أشخاص ولا أحزاب، ولكن أتحدث عن اتجاهات وتيارات ورؤى ومشروع للنهضة.
■ كيف نؤسس لمشروع نهضة حقيقى يعيد إلى مصر قوتها وريادتها ومجدها الذى كان فى السابق؟
- لا بد لنا أن نوقظ مشروع النهضة، لأن هذا المشروع الذى بدأ فى عهد محمد على تخلينا عنه الآن، ورغم أننا تحولنا عن النظام الملكى لكننا لم نصل بعد إلى النظام الجمهورى، لأن النظام الجمهورى هو نظام الشعب، وهو الذى يصنع النظام، فهل نحن الآن، ومنذ أن خرجنا من النظام الملكى عام 1952 حتى الآن وصلنا إلى النظام الجمهورى؟ لم نصل بعد، وعلينا أن نعيد الاعتبار للنظام الجمهورى، على أن نبدأ بالشعارات التى رفعناها فى الثورتين، الدولة المدنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية وتداول السلطات حتى نستكمل النهضة التى بدأناها منذ مطلع القرن التاسع عشر. كما يجب أن تكون حرية التعبير مقدسة ولا مساس بها، فالمجتمع المصرى عانى الكثير من التخلف والمرض والنفاق، ولا ينقّى هذا إلا حرية الرأى والتعبير.
■ البعض يأخذ على المثقفين أنهم طيلة 30 عاما، هى فترة حكم مبارك، لم يقفوا على الدفة الأخرى، دفة المراقب والمقوّم للسلوك، لكن غالبيتهم دخل تحت عباءة النظام، فهل قصَّر المثقفون فى حق هذا المجتمع؟
- لا أتفق معك فى أن المثقفين قصَّروا فى حق هذا الأمة، وأتفق معك فى أن هناك مثقفين ساروا وراء السلطة والتحقوا بها واستفادوا منها، بمعنى أنهم كانوا ذيولا لها، ولكن لا بد أن ننظر إلى هذه المسألة فى إطارها الحقيقى، والإطار الحقيقى أن مؤسسات الثقافة كلها مع السلطة، فأنت لا تستطيع أن تكتب مقالا إلا فى إطار معين، أنت لا تستطيع أن تقدم عرضا مسرحيا إلا على مسارح السلطة.
■ البعض يأخذ على المثقفين أنهم طيلة 30 عاما، هى فترة حكم مبارك، لم يقفوا على الدفة الأخرى، دفة المراقب والمقوّم للسلوك، لكن غالبيتهم دخل تحت عباءة النظام، فهل قصَّر المثقفون فى حق هذا المجتمع؟
- لا أتفق معك فى أن المثقفين قصَّروا فى حق هذا الأمة، وأتفق معك فى أن هناك مثقفين ساروا وراء السلطة والتحقوا بها واستفادوا منها، بمعنى أنهم كانوا ذيولا لها، ولكن لا بد أن ننظر إلى هذه المسألة فى إطارها الحقيقى، والإطار الحقيقى أن مؤسسات الثقافة كلها مع السلطة، فأنت لا تستطيع أن تكتب مقالا إلا فى إطار معين، أنت لا تستطيع أن تقدم عرضا مسرحيا إلا على مسارح السلطة.
■ البعض يأخذ على المثقفين أنهم طيلة 30 عامًا -هى فترة حكم مبارك- لم يقفوا على الدفة الأخرى، دفة المراقب والمقوّم للسلوك، لكن غالبيتهم دخلوا تحت عباءة النظام، فهل قصّر المثقفون فى حق هذا المجتمع؟
- لا أتفق معك فى أن المثقفين قصَّروا فى حق هذه الأمة، وأتفق معك فى أن هناك من المثقفين الذين ساروا وراء السلطة والتحقوا بها واستفادوا منها، بمعنى أنهم كانوا ذيولًا لها، ولكن لا بد أن ننظر إلى هذه المسألة فى إطارها الحقيقى، والإطار الحقيقى أن مؤسسات الثقافة كلها مع السلطة، فأنت لا تستطيع أن تكتب مقالًا إلا فى إطار معيّن، وأنت لا تستطيع أن تقدّم عرضًا مسرحيًّا إلا على مسارح السلطة، ولا تستطيع أن تغنِّى إلا فى الأوبرا، ولا تستطيع أن تنشر كتابًا إلا من خلال مؤسسات الدولة.
■ لكنك كنت دائمًا على يسار السلطة، ومع ذلك تبوَّأت عديدًا من المناصب فى «روزاليوسف» و«الأهرام» ومجلة «إبداع»، فلماذا لم يكن هذا مسلكًا لكثير من المثقفين، حفاظًا على الاستقلال وتقويمًا لمسار النظام؟
- نعم، قد كنت دائمًا محافظًا قدر الإمكان على استقلالى، لكن لا أدَّعى أننى كنت راغبًا فى الصدام مع السلطة، ولم يحدث لأننى نشأت فى أسرة بسيطة، وأعتقد أن ما أتمتع به منذ أن اشتغلت بالصحافة حتى الآن لم يكن يحلم به آبائى، وأظن أن هذا كان كافيًا بالنسبة إلىّ، وكان كافيًا لى أكثر من المتعة المادية، فكانت الناس تلقانى وتقابلنى قبولًا حسنًا، لذلك لم أكن محتاجًا إلى السلطة، وأنا لى زملائى، لا يمكن لأحد أن يقول إنهم أفضل منّى فى شىء، ولا أنا أقول إننى أفضل منهم، لكنهم كانوا يرون أنهم لن يتحققوا إلا بوظيفة كبيرة فى السلطة، ولهم الحق فى هذا، لأن هذه الوظيفة كانت فى بلدهم، وهم مواطنون ومن حقّهم أن يتبوّؤوا تلك المناصب، فأنا لا ألومهم كما أننى لا أطلب هذا، حفاظًا على استقلالى قدر الإمكان، لكن السؤال هنا: هل كنت وحدى الذى سلك هذا الطريق؟ أقول لك، أنت لا تستطيع إنكار أن جزءًا كبيرًا مما قيل فى الثورتَين هو نتاج عمل مثقفين وشعارات رفعت هنا وهناك ونضال ومؤلفات ومسرحيات، فمن يستطيع أن ينكر ما صنعه فرج فودة ونجيب محفوظ والمستشار عشماوى، كل هؤلاء أضاؤوا الطريق وواجهوا هذا الغيلان وتلك الأخطار ودفعوا الثمن، فهؤلاء هم المثقفون.. وللأسف، هناك الآن، نغمة سيئة جدًّا، ونغمة سامة، هناك «شتيمة» للمثقفين، فكل ما أفتح صحيفة الآن وأجد كلامًا لأحد علماء الأزهر، أجده شتيمة للمثقفين، نفس الأمر عند بعض الإعلاميين، والمثقفون بشر يخطئون ويصيبون، وإذا أخطؤوا علينا أن نصحّح أخطاءهم، فبعض المثقفين ارتكبوا أخطاء فى العالم كله، لكن انظر إلى ما تم على أيدى المثقفين فى العالم كله وفى مصر، فكيف كان من الممكن أن تكون مصر دون المثقفين على مختلف أجيالهم؟
■ لماذا اختفى شعر الفصحى؟
- لأن اللغة العربية الفصحى نفسها اختفت.
■ ماذا تقول فى اللغة وفى الشعر وفى الذوق وفى الجمال وفى الإحساس وفى الإنسان؟
- اللغة الفصحى كالنهضة، ومصير الفصحى هو مصير النهضة، وهو مصير الديمقراطية، والناس تظن أن الديمقراطية هى العامية، على اعتبار أنها لغة الشارع.
■ هذا يعنى أن الفصحى تنهض بالديمقراطية، والديمقراطية تنهض بأن يكون لدينا مشروع نهضة، والمشروع يأتى بأن تكون لدينا رؤية، والرؤية تأتى من المدنيين لا العسكريين، فهل وصلت بهذا إلى ما تريد أن تقوله؟
- نعم، هذا حقيقى تمامًا، ولذلك أقول: علينا أن نبحث عن كيفية نهضة الفصحى بعد أن ماتت، أحمد شوقى وطه حسين، كتبا لغة عربية لم تكتب فى تاريخ العرب، كتبا شعرًا لم يكتب فى تاريخ العرب، جماعة أبولو أنشؤوا لغة جديدة، توفيق الحكيم أضاف إلى العربية التى لم تكن إلا لغة صحراء، فجعل منها فنًّا هو فن المسرح والرواية، ولذلك أقول إن المصريين أعادوا بناء العربية فى تلك الفترة، وإن قريش إذا كانت قد قدَّمت لسان العرب، فمصر هى التى أحيته من جديد وأغنته وأضافت إليه ما لم يكن فيه.
■ مصطفى صادق الرافعى قال أنا أعلم الناس بشعر شوقى وبمواضع المغامز فيه، لكن رحلة الشعر العربى بدأت فى نجد وآلت إلى دار شوقى، أظن فى هذا تأكيد على كلامك؟
- نعم، ولذا نحن فى حاجة إلى ديمقراطية حتى نعيد الفصحى من جديد، والديمقراطية لا تعنى مملاءة العوام أو منافقتهم، ولكن تعنى الارتقاء بالجماهير للخاصة أو الطبقة العليا.
■ كان لديك مشروع رائع هو «صالون حجازى» فى مقهى ريش، ما مصير هذا الصالون بعدما أغلق المقهى؟
- هذه أزمة مشروع النهضة، فمقهى ريش كان المنتدى والمنبر الذى جمع كل المثقفين، وكل منشورات ثورة 1919 كانت فى مقهى ريش، والمطبعة لا تزال موجودة حتى الآن، كنت تذهب هناك تجد المثقفين المصريين، تجد نجيب محفوظ ولويس عوض ويوسف إدريس وجمال كامل، فمقهى ريش هو مشروع نهضة لا بد من إحيائه.
■ أنت اختلفت مع الرئيس جمال عبد الناصر وراجعت موقفك، ثم اختلفت مع الرئيس السادات وراجعت موقفك، هل من الممكن أن يتكرر هذا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى وتراجع موقفك فى ما بعد سواء سلبًا أو إيجابًا؟
- طبعا، وهذا دائما حق لى، أحتفظ به وأدافع عنه، فى أن أراجع مواقفى، فأنا أحببت جمال عبد الناصر جدا، وكتبت فيه شعرًا، نحو 4 قصائد، ودائما كنت متحفظًا، وفى بعض شعرى كتبت أقول:
«يظلمك الشعر إذا غناك فى هذا الزمان
لأنه لا يستطيع أن يرى مجدك وحده بدون أن يرى
ما فى الزمان من عذاب وهوان!»
وفى وجود عبد الناصر كتبت قصيدتى «السجن»:
«لى ليلة فيهِ
وكلّ جيِلنا الشهيدْ
عاش لياليهِ
فالسجن باب، ليس عنه من محيدْ!»
ثم كتبت «مرثية للعمر الجميل» أقول له فيها:
«مَن ترى يحمل الآن عبء الهزيمة فينا
المغنى الذى طاف يبحث للحلم عن جسد يرتديه
أم هو الملك المدَّعى أن حلم المغنى تجسَّد فيه؟»
■ أعتقد أنك اختلفت مع الرئيس السادات أكثر من مرة، فلماذا؟
- نعم، اختلفت مع الرئيس أنور السادات، لأننى كنت لا أزال موهوما بإمكانياتنا التى خرجنا بها من هزيمة 1967 أن نواصل القتال، وقد غضبت مرتين، إحداهما فى 1973 حين وقفت فى نقابة الصحفيين، أدعو زملائى الصحفيين كى لا ينتخبوا موسى صبرى وقد كان مرشحا وقتها من قبل الرئيس السادات، وأن ينتخبوا على حمدى الجمال، وفُصلت وقتها من الاتحاد الاشتراكى و«روزاليوسف» حتى أعادنا السادات قبل دخول حرب أكتوبر 1973 بأسبوع، وأظن أنه كان فى 28 سبتمبر 1973. ثم مرة أخرى وجدت نفسى ممنوعا من الكتابة فى «روزاليوسف»، حين كان الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوى رئيسًا لتحريرها، وقد كان الشرقاوى يناصر الرئيس السادات ويدافع عنه ويعمل معه، ثم قررت لهذا السبب أن أغادر لمدة قليلة إلى أوروبا، وعرضوا علىَّ أن أعمل مدرسا للأدب العربى فى جامعة باريس، فقبلت، وبدلا من العمل سنة أو اثنتين، ظللت أعمل فى الجامعة منذ عام 1974 حتى عام 1990. وبعد أن عدت، وجدت أن الرئيس السادات، ما لم يوقع اتفاقية السلام مع إسرائيل، ربما ظلت سيناء حتى هذه اللحظة تحت يد الإسرائيليين، وقد راجعت نفسى فى هذا الأمر وعدت عنه، مع تحفظاتى عليه فى مجالات أخرى، وأهمها استعانته بالإسلاميين وفتحه الطريق أمامهم، وقد دفع ثمنًا غاليًا لهذا.
■ إذا كان هذا عن جمال عبد الناصر والسادات، فهل تكرر هذا مع حسنى مبارك؟
- فى بداية حكم مبارك، ظننا أنه قد يعالج أخطاء سابقيه، وقد صارحت مبارك مرتين، وجهًا لوجه، ففى عام 1982 كنت فى فرنسا ودعونى لأشارك فى أول ملتقى ثقافى صنعته مصر بعد المقاطعة العربية التى حدثت مع مصر بعد اتفاقية السلام، وجاء إلىَّ كل المثقفين العرب للمشاركة فى هذا الملتقى، وكنت المثقف الوحيد الذى جلس مع المثقفين العرب الذين جلسوا مع الرئيس مبارك، وقد تحدثوا حول أن اتفاقية السلام أخرجت مصر من ساحة القتال، والرئيس مبارك وقتها، قال «نحن لم نخرج من المعركة، وأنتم لا تعلمون أن القوة العسكرية الإسرائيلية الأكبر موجودة على الحدود المصرية الإسرائيلية، والخطر قائم دائما وأن الإسرائيليين دائما لا يصدقون المصريين، لذلك فهم يضعون قوتهم العسكرية الأساسية مع الحدود المصرية».. وقد قلت له وقتها: «يا سيادة الرئيس، لا أحد يطلب من مصر الآن أن تقاتل، لكن المطلوب الآن من مصر أن تعمل من أجل أن لا تُهزم إذا فُرضت عليها الحرب»، فسأل و«ما المطلوب إذن؟» فقلت له «أن نتجنب الخطأ الشنيع الذى وقعنا فيه من قبل وأدى إلى الهزيمة، وهو غياب الديمقراطية»، فقال لى «أنت قادم من فرنسا وتتحدث عن ديمقراطية الغرب، نحن أيضا لدينا ديمقراطيتنا، فأنا أعدت الصحف التى أُوقفت»، فقلت له بحدة «هذه ليست الديمقراطية»، فقال، «أنت تتحدث عن الديمقراطية الغربية»، فرددت قائلا «لا يا سيادة الرئيس أنا أتحدث عن ديمقراطية مصر، التى كانت موجودة قبل عام 1952، فهذه تكفينى.. إنها الديمقراطية التى كانت تجعل عباس محمود العقاد يقف فى البرلمان يقول سوف نحطم أكبر رأس فى البلاد إذا اعتدى على الدستور».
■ ومتى كانت المرة الثانية؟
- المرة الثانية حين سافر إلى أديس أبابا وتعرض لمحاولة اغتيال، وطلبوا منى أن أقول كلمة المثقفين، فقلت له «نحن معك بشرط، فموقفنا ليس توقيعا على بياض»، فقال «ما شرطك؟»، فقلت له «تحقق الديمقراطية.. فأنا فى كل الحالات كنت أطالب بالديمقراطية، ومع جميع الرؤساء»، قد أكون قد ظننت سوءا فى هذا أو ذاك وراجعت نفسى وأنا حريص على هذا الحق، ونحن الآن فى هذا الامتحان مرة أخرى، فما الذى يستطيع أن يقدمه الرئيس السيسى لنا، لتحقيق مطالبنا المشروعة؟ وماذا يمكن أن نقدمه لتحقيق تلك المطالب؟
■ أنت القيت الرئيس السيسى كما التقيت الرؤساء مبارك والسادات وجمال عبد الناصر، ماذا دار بينك وبين الرئيس السيسى؟
- قلت له قبل أن يصبح رئيسًا وبعد أن أصبح ما قلته الآن، وهو أن لا نعود مرة أخرى إلى ما قبل يناير 2011 ولا إلى ما قبل يونيو 2013، والرئيس السيسى قال لى: «أنا أعدك أن أكون مع المثقفين المصريين من أجل الديمقراطية»، وهذا ما حدث أمام المثقفين المصريين جميعا، وأنا أصدق الرئيس السيسى كشخص، لكنى لا أستطيع أن أأمن المصالح والمؤسسات والمناخ الذى نعيش فيه، الذى أخشى أن لا يسمح بتحقيق ما نريده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.