الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ تعديلات مرورية بشارع العروبة بالطالبية لتيسير الحركة المرورية    تكريم مهندسي مصر للطيران للصيانة بعد أزمة طائرات إيرباص A320    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    مصير أسعار الذهب في 2026 بعد خفض الفائدة الأمريكية؟    رئيس مياه المنوفية: تحسين جودة الخدمات للمواطنين وتسهيل الإجراءات    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    شرق غزة تحت القصف، تصعيد عسكري جديد وغموض حول الخسائر    الاتحاد الأوروبي يدرج 40 سفينة على القائمة السوداء لنقلها نفطا روسيا    وفاة وفقدان 27 مصريا بينهم أطفال في غرق قارب جنوب جزيرة كريت باليونان    مانشستر يونايتد وبورنموث يتعادلان 44 في الدوري الإنجليزي    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    مباراة ال 8 أهداف.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في لقاء ناري    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    حادث مروع بقنا، انقلاب ميكروباص في ترعة الجبلاو وإصابات بين الركاب    القبض على عاطل أنهى حياة شقيقته خنقًا بعد اكتشاف حملها سفاحًا من طليقها بالعمرانية    سقوط حاويات فارغة من أعلى قطار بجوار طريق الإسكندرية الزراعي دون إصابات    القبض على المتهم بالشروع في قتل زوجة شقيقه وإبنته ببولاق الدكرور    الإيقاع ب"نصاب السفر للخارج"، حبس متهم استولى على مليون جنيه من الضحايا    تأجيل محاكمة 25 متهما في قضية خلية الظاهر    تعرف على تفاصيل تعطيل الدراسة اليوم بمحافظة شمال سيناء.. فيديو    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    العد التنازلي بدأ، خمسة نجوم يتنافسون على الجائزة الكبرى في SBS للدراما 2025    مركز محمود سعيد للمتاحف يحيي اليوم العالمي للغة العربية بتأبين الشاعر فوزي خضر    عمرو أديب مُهاجمًا محمد صبحي بسبب فيلم "الست": أنت عايز تعمل مؤامرة على مصر؟    اعتماد أوروبى للبلازما |مصر سادس دولة فى العالم تحقق الاكتفاء الذاتى    متحدث الصحة: إطلاق الرقم الموحد 105 لتلقي استفسارات المواطنين    متحدث الوزراء: لا مساس بأسعار الخدمات الطبية المقدمة لمحدودي الدخل    بدء تطبيق المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحى الشامل في هذا الموعد    شعبان يوسف: تجاهل معارك طه حسين مع درية شفيق غير جائز    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    عيد البحرين ال 26 |القاهرة تثمن مواقف المنامة تجاه القضية الفلسطينية    تركيا تسقط طائرة مسيّرة اقتربت من مجالها الجوي فوق البحر الأسود    دراما بوكس| ظهور مميز ل إنجي المقدم في «الست موناليزا».. وركين سعد تتعاقد على «أب ولكن»    نجلة جلال الشرقاوي تكشف سرا عن شقيقة الزعيم الراحلة    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين يهنِّئ جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بمناسبة اليوم الوطني ال54 لمملكة البحرين    تقارير إعلامية: القبض على نيك راينر بتهمة قتل والده المخرج روب راينر ووالدته ميشيل سينجر    عاهل الأردن يلتقي رئيس الوزراء الهندي لتنسيق الجهود الإنسانية والإقليمية    نائب رئيس جامعة عين شمس: تقديم أوجه الدعم والرعاية للطلاب الوافدين    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    قمة عربية نارية الليلة.. السعودية تصطدم بالأردن في كأس العرب 2025 والبث متاح للجماهير    البحيرة تستعد لأمطار اليوم: المحافظ ترفع درجة التأهب بجميع المراكز والمدن    سعر طن حديد عز.....اسعار الحديد اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير التعليم: إطلاق أول بنية وطنية موحدة لبيانات التعليم قبل الجامعي    "صحة الشيوخ" تُسرّع دراسة إنشاء مستشفى جديد بحلوان بعد توقف القرار 3 سنوات    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    بالفيديو.. الأوقاف: كل نشاط للوزارة يهدف إلى مكافحة كل أشكال التطرف    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان الكاشف فخر جيلنا وزهور إبداعه المشرقة
نشر في التحرير يوم 05 - 06 - 2015

فى أكتوبر عام 1976 عزم الطلّاب فى جامعة القاهرة على إقامة أسبوع كامل تحت عنوان «أسبوع الجامعة والمجتمع»، وأقيم هذا الأسبوع لمواجهة كل أشكال الخراب الوطنى والاقتصادى والاجتماعى والسياسى الذى خيّم على البلاد، من أقصاها إلى أقصاها، بعد إعلان سياسة «الانفتاح الاقتصادى»، والتراخى السياسى نحو تعقد القضية الوطنية، ومفاوضات الكيلو (101)، والتى أدت فى ما بعد إلى معاهدة كامب ديفيد عام 1978، وكذلك الديمقراطية الساداتية ذات الأنياب الحادة، والتى كانت تتستر تحت عباءات عديدة وكثيفة.
وشاركت فى هذا الأسبوع جماعات وأسر ورموز طلابية على المستوى الوطنى والتقدمى من جميع جامعات مصر، منهم نادى الفكر الاشتراكى بقيادة أحمد بهاء الدين شعبان، وجماعة الصحافة من حقوق عين شمس ومقررها أمير سالم، وأسرة عبد المجيد مرسى من «زراعة القاهرة»، ومقررها فريد زهران، ونزار سمك، وأسرة عبد الحكم الجراحى من اقتصاد وعلوم سياسية ومقررها على ما أذكر عبد الخالق فاروق بعد أنس مصطفى كامل ثم سامى عزيز ثم محسن عوض، وكذلك جماعة أنصار الثورة من «هندسة القاهرة»، وكان ممثلها إبراهيم عزام وصبرى فوزى، وهناك آخرون جاؤوا من كل حدب وصوب مثل تيمور الملوانى من هندسة إسكندرية، وأحمد صديق من خدمة اجتماعية وغيرهما، هذا عدا عناصر غير طلابية مثل محمد إبراهيم مبروك وسلوى بكر ومحمود مدحت.
ومن بين هؤلاء كان رضوان الكاشف ورفيقه سمير حسنى، من أبرز شباب الجامعة الثائر، وكانت أسرة مصر «آداب القاهرة» من أنشط الأسر الطلابية، وهذا لتنوع الثقافات التى كان ينتمى إليها أعضاؤها، هذا فضلًا عن البعد اليسارى الواضح والراديكالى، وكان شائعًا عن هذا التيار اليسارى تعبير «الأسياخ» لدرجة أن هذا التعبير كان يتماهى مع «أسياخ» الهند، وكان الرفيقان حسنى والكاشف يديران أعمال الأسرة بحماس منقطع النظير، وكانت مجلة الحائط الخاصة بأسرة مصر تصل إلى مسافات فريدة، لأنها كانت تنطوى على مقالات تحليلية ونوعية، لقراءة المشهد السياسى والديمقراطى المعقد آنذاك، وكانت مساهمات رضوان ذات منحى فكرى واضح، وليست مقالات سياسية عابرة، وكانت هذه المقالات تثير جدلًا واسعًا وكبيرًا يدور أمام مجلة الحائط هذه.
فى تلك الأيام رأيت رضوان الكاشف، وكانت له طريقة فى الكلام مميزة، وحادة، وكان يؤكد ما يقوله بطرق متعددة، لدرجة أنه كان يعيد ما قاله، وربما بنفس الصياغة، وهذا للتأكد من وصول المعلومة، وإبراز محوريتها فى المناقشة، ولفت نظرى أنه لم يكن يتوقف عند القضايا السياسية، على اعتبار أنها أحداث عابرة، ولكنه دوما كان يؤصل حديثه برؤية فكرية عميقة، مدعومة بثقافة واسعة، وكان يدهشنى هذا الإبحار الملحوظ فى مجالات ثقافية وفكرية كثيرة، والأكثر لفتًا لنظرى هو اهتمامه المبكر بالسينما، وكنت أندهش من ولعه العظيم بالسينما وتطورها، وكنت مذهولًا من هذا الربط المبكر عند رضوان بين الأفكار السياسية التى كان ينتمى إليها ويتبناها، وبين فن السينما، الذى اشتهر به وانتمى إليه تمامًا، دون أن يفقد رؤيته الفكرية والسياسية والفريدة لتثوير الواقع كله.
هذا الشاب والرفيق الذى كان يقف ثائرًا بين جموع الطلاب فى جامعة القاهرة وشوارعها، هو ذاته الذى صنع مجدًا كبيرًا فى السينما المصرية، وجعلنا نحن رفاقه نزهو بأننا من جيل رضوان الكاشف، وانتظرنا منه أن يقدم الكثير والكثير فى هذا المجال، كما عبر عن ذلك صديقه وابن حى «المنيل» المخرج الكبير مجدى أحمد على فى مقال له عن فيلم «ليه يا بنفسج»، كتب مجدى يقول: «منذ بدء تصوير فيلم (ليه يا بنفسج)، وحتى مراحل تشطيبه وخروجه للعرض وجمهور النقاد والفنانين ينتظرون بفرح عرض الفيلم، فرضوان الكاشف منذ مشروع تخرجه فى المعهد العالى للسينما -الجنوبية- والجميع يتشوقون لرؤية أول أفلامه التى تأتى بعد دراسته للفلسفة وتخرجه فى المعهد، وعمله كمساعد ليوسف شاهين ورأفت الميهى».
إذن لسنا نحن الذين كنا ننتظر رضوان الكاشف وجديده، ولكن النقاد كانوا كذلك، فما فعله رضوان فى أفلامه، يستحق أن نصطلح عليه بكل جدارة «سينما رضوان الكاشف»، هذه السينما التى تجرح ولا تدغدغ ولا تثير أنواع «الطبطبة» المعهودة فى السينما المصرية، سينما تقول الحقيقة من بابها الواضح، لا من بابها الملغز والرمزى والغامض، ففى ثلاثيته العظيمة «ليه يا بنفسج» و«عرق البلح» و«الساحر»، بأفلامه الأخرى القصيرة، استطاع رضوان أن يبدع «جدارية» فنية تطاول جداريات فنية مصرية، مثل ثلاثية نجيب محفوظ، ومومياء شادى عبد السلام، ومصير يوسف شاهين ومسرحيات صلاح عبد الصبور وأشعاره، وكعكة أمل دنقل الحجرية، وطوق يحيى الطاهر عبد الله وأسورته، وأرض عبد الرحمن الأبنودى وعيالها، استطاع أن يضع اسمه وإبداعه فى قلب الإبداعات المصرية العظيمة.
ورغم ذلك حوربت أفلامه، خصوصًا فيلمه الأعظم «عرق البلح»، وقال عنه البعض بأنه فيلم فولكلورى، وهو مصنوع للأجانب، وأنه يسىء إلى سمعة مصر، هذه الأغنية الرديئة، والأسطوانة المشروخة، والتى ما زالت تعمل حتى الآن، وكأن هناك بعض الناس يحتفظون بتوكيل خاص من «مصر» دون البعض الآخر، والأكثر مرارة أن الفيلم تم رفعه من السينما بعد أسبوع واحد، بما يشبه المؤامرة، ولكنه ككل فن عظيم، حصل الفيلم على أعلى الجوائز العالمية، ليضع اسم رضوان الكاشف بين أعظم المخرجين فى مصر والعالم العربى، ومن أعظم أبناء جيلنا، نتذكره وهو الحاضر دائمًا معنا فى يوم رحيله 5 يونيو 2002.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.