النظام الملالي الإيراني تطغو على تصرفاته النزعة القومية الفارسية تجاه الأقليات التي تعج بهم إيران خاصة على حدودها الغربية والجنوبية. وكانت آخر انعكاسات هذه النزعة المتعمقة في أساليب الحكم داخل النظام منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وصعود الخميني إلى السلطة انتفاضات متعاقبة بدأها عرب الأحواز قبل الماضي، وامتدت لتطال الأكراد ثم أخيرا الأذريين الأتراك. وعلى ما يبدو، فإن المحتجين يرفعون في كل مرة ذات الشعارات التي تتركز على اضطهاد النظام الإيراني وتعمده قمع حرية الأقليات والمبالغة في تجاهل خلفياتهم العرقية التي تمثل نسبة كبيرة من الشعب الإيراني. ونظم عدد من الإيرانيين الأذريين مسيرة في العاصمة التركية أنقرة، الإثنين الماضي، احتجاجا على "التمييز" الذي يتعرض له الأذريون، الذين ينتمون للعرق التركي، في إيران. وتوجهت المجموعة - التي تطلق على نفسها اسم النشطاء الأتراك المستقلون الأذريون الجنوبيون - من حديقة كوغلو في وسط أنقرة باتجاه السفارة الإيرانية. والأذريون يشكلون الأقلية الأولى في إيران بعد الفرس الذين تقول طهران إنهم يشكلون الأغلبية من الشعب الإيراني. ودعا المتظاهرون إلى وضع حد للنزعة القومية الفارسية، مؤكدين ضرورة السماح للتدريس باللغة التركية في إيران. ومطلع الشهر الجاري، شهد إقليم أذربيجان أيضا احتجاجات واسعة نظمها الأكردا بعد أن حاول ضابط استخبارات إيراني اغتصاب فتاة كردية قبل أن تقرر الانتحار. وشهدت المدن الكردية، خاصة إقليم ماهاباد، احتجاجات واسعة أدت إلى إصابة العشرات في مواجهات مع قوات الأمن التي سعت إلى قمع الاحتجاجات. ولطالما شهد إقليم ماهاباد الذي يطالب بالانفصال ويشعر السكان المحليون فيه بالاضطهاد كفاحا مسلحا قام به حزب الحياة الحرة الكردستاني خلال العقود الماضية. وفي مارس الماضي، أشعلت مطالب سكّان إقليم الأحواز العربي، في إيران، لينطلقوا في مظاهرات حاشدة، تندد بإهمال جكومة طهران، وتعاملها معهم كمواطنين من الدرجة الثانيّة، لاسيما لما يفتقر إليه الإقليم من خدمات تعدّ الحد الأدنى من المطالب التي يستحقها كل مواطن. وأبرز الأحوازيّون، أنَّ إيران احتلت منطقتهم، وسطت على مقدّراتها من النفط والغاز، فضلاً عن الماء، الذي بدأت تحوّل مساره إلى طهران وأصفهان، حارمة بذلك أهالي المنطقة الأصليين من أحد حقوقهم في الحياة. وأكّد المتظاهرون استيائهم من التجاهل الحكومي لأزمة التلوث البيئي في الأحواز، حيث أصبحت الأحواز أكثر مدينة من حيث نسب التلوث في العالم، بسبب وجود الشركات الإيرانية والصينية العاملة في تنقيب النفط والغاز، واستخدام تلك الشركات لمواد وغازات سامة ومحرمة دوليًا للتنقيب في البلاد. يذكر أنَّ الأحواز توفر غالبية الميزانية الإيرانية من إيرادات النفط والغاز، كما تتمتع جغرافيًا بموقع استراتيجي بالغ الأهمية بإطلالتها على الخليج العربي. ويرى مؤيدو النظام الإيراني في أحداث مهاباد والأحواز والأذريين "مؤامرة على النظام الإسلامي"، كما وصفها مسؤولون إيرانيون، إلا أن الاحتجاجات التي تشهدها معظم المحافظات والمدن الإيرانية، وسط تعتيم إعلامي لافت، يوحي بالكثير.