رحل عبد الرحمن الأبنودي، "الخال..شاعر الإنسانية..أيقونة الشعر العربي"، منذ بضعة أيام، لتفقد الأسرة الثقافية المصرية والعربية واحدًا من أعظم الشعراء الذين شكَّلوا وصاغوا حالة خاصة في الشعر العربي، والذين لامسوا بشعرهم وقصائدهم القضايا العربية كافة، وأهمها "جُرح فلسطين". لقد تعدَّت خسارة الراحل الأبنودي، الوسط المصري، لتمتد وتشمل كافة أرجاء العالم العربي من المحيط إلى الخليج، بل وشتَّى بقاع المعمورة، وفي فلسطين كان لفقدان "الخال" وقع جلل في نفوس الأدباء والشعراء الفلسطينيين، الذين رأوا أن رحيل الشاعر الكبير يعد بمثابة خسارة كبيرة وفادحة لفلسطين والقضية الفلسطينية بشكل خاص، وللحركة الثقافية والشعرية العربية عموما، وليس للحركة الثقافية في مصر وحدها. استطاعت قصائد وأشعار الأبنودي، الذي وافته المنية مساء الثلاثاء الماضي، عن عمر يناهز 76 عامًا، التي قرضها دعمًا ومساندةً للقضية الفلسطينية أن تنفذ من صيغتها المحلية المصرية إلى العالمية مباشرة، لدرجة أنه اُعتبر هنا في فلسطين أحد كبار شعراء القضية الفلسطينية، بل و"فقيد الشعر الفلسطيني" وليس فقط من الشعراء المصريين الذين قرضوا أشعارًا في فلسطين. وتلقى شعراء وأدباء فلسطين نبأ وفاة الأبنودي بصدمة وحزن وألم، وعبَّروا، في تصريحات لهم، عن حزنهم وألمهم الكبير لفقدان "الخال"، مقدمين أحر التعازي لشعراء وشعب مصر والشعراء العرب، داعين أن يتغمد الله الفقيد الرحمة ويدخله فسيح جناته. الدكتور زياد أبو عمرو، نائب رئيس الوزراء، وزير الثقافة الفلسطيني، قال إنَّ رحيل شاعر الأمة الكبير عبد الرحمن الأبنودي خسارة كبيرة للأمة العربية وللقضية الفلسطينية على وجه التحديد، والتي ساهم شعره في دعمها وبلورة الوعي القومي والعربي تجاهها. وأضاف أنَّ الأبنودي ترك بصماته على الوطن العربي بأسره، حيث كان لشعره الملتزم بدعم القضية الفلسطينية أثر كبير، داعيًا المولى عز وجل أن يلهم أسرته الصبر والسلوان، وأن يتغمده بواسع رحمته. من جانبه، رأى الشاعر مراد السوداني، الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، والأمين العام للجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم بمنظمة التحرير الفلسطينية، أنَّ الأبنودي يعد واحدًا من الأسماء العالية والوازنة في الثقافة العربية حيث قدم من أجل حرية الإنسان ومن أجل حرية هذه الأمة الكثير في شعره وفي سياقه الشعري، بما يؤكد قدرته كشاعر كبير على الوصول إلى الوجدان الجماعي العربي والتعبير عن هذا الوجدان بأدق الأحاسيس. وأوضح أنَّ الشعرية العربية والمشهد الثقافي في مصر والعالم العربي يفقدان برحيل الأبنودي واحدًا من الأسماء التي تركت كل هذا العطاء وكل هذه العطايا الإبداعية في الشعرية العربية والكونية، فالخسران كبير لمصر وللمشهد الثقافي العربي بأن فقدا هذا الاسم العالي والكبير الذي ترك لنا كل هذا الموروث الذي يعبر عن قدرة التعبير الحقيقي عن الوجدان العربي. ولفت السوداني إلى أنَّ الراحل الأبنودي كان إحدى القامات الكبيرة التي حافظت على قوتها وأصالتها والتزامها القومي والعربي لاسيما تجاه القضية الفلسطينية فظل رمزا للتمرد والثورة ورفض الظلم. واعتبر الشاعر عبد الناصر صالح، وكيل وزارة الثقافة الفلسطينية، الأبنودي "فقيد الشعر الفلسطيني" أولاً، وفقيد الشعر العربي والفلسطيني، وفقيد الأمة العربية كلها، وأنه كرس إبداعه الشعري ومواقفه الوطنية دعما لقضية الشعب الفلسطيني، التي هي قضية العرب الأولى. وذكر أنَّ رحيل الأبنودي خسارة كبيرة للحركة الثقافية ليس المصرية فحسب وإنما للحركة الثقافية العربية، مشيرًا إلى أنه قبل أشهر تم منح الأبنودي جائزة "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية" من قبل عثمان أبو غربية في رام الله في احتفال مهيب عقد في مركز محمود درويش الثقافي. وأكد صالح أنَّ الأبنودي قيمة وقامة شعرية وثقافية وطنية وتاريخية عالية، فهو (أيقونة الشعر العربي، وسيبقى شعره خالدًا كخلود النيل وأهرامات مصر كخلود الشعب المصري وستبقى مصر هي درة تاج الدول العربية، وهي الخلاقة وهي المبدعة التي تتصدر دائمًا المشهد الثقافي والمشهد الفني والمشهد الوطني العربي.