في الذكرى المائة ثلاثة وأربعون لحفر قناة السويس، تستعرض "ويكليكيس البرلمان" الظروف التي تمت فيها اتخاذ قرار الحفر، بما في ذلك رفض محمد علي للمشروع، وتكلفة المشروع، والشروط التي فرضتها فرنسا على الحكومة المصرية-آنذاك- لبدء أعمال الحفر. محمد علي يرفض مشروع حفر القناة ظهرت فكرة حفر قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط لأول مرة أثناء وجود الحملة الفرنسية في مصر(1798-1801م)، ولكن بسبب خطأ في الحسابات الهندسية، ظنّ مهندس الحملة الفرنسية لوبير أن البحر الأحمر أكثر ارتفاعا من البحر المتوسط، وبالتالي عدم جدوى حفر القناة. ظل هذا الاعتقاد قائم حتى جاءت جماعة "السان سيمونيين" إلى مصر( نسبة إلى هنري سان سيمون الفرنسي) وأعادت دراسة المشروع، وأثبتت أن البحرين في مستوى واحد، وأنه يمكن شق قناة بينهما. عرضت جماعة "سان سيمون" على محمد علي فكرة إنشاء القناة، بالإضافة إلى مشروعات أخرى في مصر، منها مشروع سد القناطر. ووافق محمد علي على مشروع القناطر، ولكنه لم يتحمس لمشروع القناة، ورفضه قائلاً "لا أريد بوسفور في مصر"، وذلك في إشارة إلى مضيق "البسفور التركي" والذي تسبب في تدخل الدول الأوربية في السياسة التركية من أجل ضمان حرية الملاحة فيه. كما اعترضت إنجلترا على مشروع القناة، لأنه سيسهل لبقية الدول الأوروبية مد نفوذها في جنوب شرق آسيا على حساب النفوذ الإنجليزي هناك، لذا كان محمد علي يعتمد على إنجلترا في الوقوف ضد المشروع وعدم إتمامه. الخديوي سعيد يحي.. ومنح فرنسا امتياز حفر القناة عندما تولى الخديوي سعيد باشا ولاية مصر خلال الفترة من 1854 إلي1863؛ أعاد المهندس الفرنسي فرديناند دليسبس إحياء فكرة مشروع شق القناة، وطلب من مسيو ميمو قنصل فرنسا السابق في مصر، أن يفاتح الخديو سعيد عن هذا المشوع، مستغلا قربه منه، وتحمس سعيد للفكرة بشدة، ووافق ديليسبس على إصدار فرمان مبدئي يحدد شروط الامتياز، وما للحكومة المصرية وما عليها من واجبات، وصدر الفرمان في 30نوفمبر 1854م. وكانت أهم شروط الامتياز: ** تنازل الحكومة المصرية عن كافة الأراضي اللازمة لحفر القناة دون مقابل!! ** تستخرج الشركة المحتكرة للمشروع المواد الخام اللازمة للمشروع من المناجم والمحاجر الحكومية دون ضرائب. ** إعفاء الشركة من الرسوم الجمركية على جميع الآلات والمواد التي تستوردها. ** تقدم الحكومة المصرية أربعة أخماس العمال من المصريين، وتحصل في المقابل مصر على 55% من صافي أرباح الشركة. واستطاع دليسبس أن يقنع سعيد باشا بالمشروع، ويأخذ منه امتياز حفر قناة السويس مع احتكار استثمارها لمدة 99 سنة من تاريخ افتتاح الملاحة. وبدأ الحفر في قناة السويس سنة 1859م، واستمر العمل لمدة عشرة أعوام متصلة، وتم افتتاح القناة للملاحة في عهد الخديوي إسماعيل في 11 نوفمبر 1869م. وبلغت تكلفة الحفر والتجهيز والمعدات 20 مليون جنيه استرليني في ذلك الوقت، وبلغ طول قناة السويس من بورسعيد شمالاً إلى السويسجنوبا حوالي 165 مترا. وقد توفي الخديوي سعيد في 1863 وترك لمصر ميراثا من الديون، وأثقل كاهل البلاد بنصوص تجاوزية في الامتياز الذي منحه لفردناند دليسبس لإنشاء قناة السويس، كما أنه أسرف في الاستدانة بفوائد مركبة فوصل دين مصر في عهده إلى ما يقرب من 21 مليونا دون أن تستثمر هذه الأموال في مشروعات تدر عائد قوي على البلاد وقتها.