كتب - حمادة عبدالوهاب الكثير منا ربما لا يعرف عن وجود توترات كبيرة بين الجزائر والمغرب، وهما دولتان عربيتان ومغربيتان أيضا، وربما من يعرف لا يعرف إنة ثمت ما يمكن تسميته حربا باردة بين الدولتين، وأن الحدود مغلقة منذ أكثر من 20 عاما، ودائما يحدث تلاسن إعلامي وسياسي بين الدولتين. ولكن ما سبب كل هذا الصراع والحرب الباردة ؟ هو ما سنحاول الإجابة عنه في التقرير التالي. صراع مستمر يعتبر النزاع المغربي الجزائري من أطول النزاعات بين الدول المتجاورة في العالم، تستخدم فيه الأدوات السياسية والإعلامية والمالية والمخابراتية، تعود أسبابه لعوامل تاريخية جغرافية وسياسية، ويبدو أن هذه الحرب الباردة بينهما مستمرة في ظل غياب أي مؤشرات جدية لإنهاء الصراع. الحدود مغلقة بين البلدين منذ ما يزيد عن 20 سنة، حيث وقع انفجار بفندق أطلس آسني بمدينة مراكش سنة 1994، اتهم المغرب حينئذ الجزائر بالتورط في ذلك، ما جعله يفرض التأشيرة على مواطنيها، الأخيرة لم تتأخر في الرد فأغلقت الحدود مباشرة، منذ تلك الفترة والأحداث الاستفزازية والاتهامات المتبادلة بينهما لم تتوقف حتى الآن، بدءًا من تهريب المخدرات وقنص المواطنين وتدنيس الأعلام ودعم المناطق المتوترة بالبلدين. ورغم كل محاولات الصلح فقد باءت بالفشل، نظرًا لتجذر الأسباب المحركة للصراع وتبطنها، والتي تؤدي إلى توليد أسباب أخرى للنزاع بدورها، مما يدخل البلدين في حلقة مفرغة لا نهاية لها. أسباب الصراع الحدود بدأت قصة النزاع المغربي الجزائري، في الواقع، منذ العهد الاستعماري الفرنسي، حيث لم يكن هناك رسم للحدود بشكل دقيق وكامل بين البلدين المتجاورين، ولم تكن فرنسا معنية بذلك إلا بعد اكتشاف حقول من النفط ومناجم حديد في المنطقة الحدودية، إذ أعادت ترسيم الحدود بإدخالها كل من "الحاسي البيض" و"كولومب بشار" ضمن المقاطعة الفرنسية للجزائر آنذاك. حرب الرمال بعد استقلال المغرب سنة 1956، واستقلال الجزائر سنة 1962، طالب المغرب باسترجاع سيادته على المنطقتين، بالإضافة إلى مناطق أخرى كانت تعود لمغرب قبل الاستعمار مستندًا في ذلك إلى خارطة المغرب الكبير التي نشرها حزب الاستقلال المغربي في 7 يوليو 1956، لكن الجزائر رفضت الطلب، ودعت إلى عدم المساس بالحدود التي رسمها الاستعمار الفرنسي بالاستناد إلى مؤتمر باندوق المنعقد في 1956. أمام هذا الواقع المتوتر ازداد التصعيد بالمناطق الحدودية بين البلدين إلى أن اندلعت مناوشات في ضواحي تندوف وحاسي بيضة وفكيك، تحولت بسرعة إلى حرب ضروس في أكتوبر من عام 1963، سميت بحرب الرمال، تكبد فيها الطرفان خسائر مادية وبشرية كبيرة، لتنتهي هذه الحرب "السوداء في تاريخ البلدين" بتدخل منظمة الوحدة الأفريقية، التي أرست اتفاق وقف إطلاق النار بينهما في 20 فبراير 1964. بدءًا من هذه المرحلة بدأ العداء بين البلدين العربيين الجارين والذي ما زال ساريًا حتى الآن، ليتخذ الصراع بعد ذلك صورًا وأشكالًا أخرى غير العسكرية. تمت اتفاقية تقسيم الحدود بين البلدين في 15 يوليو 1972، بين الرئيس الجزائري هواري بومدين والملك المغربي آنذاك الحسن الثاني، إلا أن هذا الأمر لم يعنِ انتهاء العداء. الصحراء الغربية بعد إعلان تكوين جبهة البوليساريو سنة 1973، التي تدعو إلى استقلال منطقة الصحراء المغربية بالجنوب، كدولة مستقلة، قامت الجزائر – بالإضافة إلى دول أخرى- بدعم الجبهة عسكريًّا ولوجستيًّا في قتالها مع القوات المغربية في نهاية السبعينيات، الشيء الذي أدى بالجيش المغربي، بعد دحره قوات البوليساريو بعد عناء، في عام 1980 إلى بناء جدار أمني استمر تشييده مدة 7 سنوات، يمتد على طول الحدود الجنوبية بين البلدين الجارين. استمر دعم الجزائر جبهة البوليساريو سياسيًّا ولوجستيًّا حتى هذه الساعة، بدعوى "حق تقرير المصير والشرعية الأممية"، الأمر الذي لم يتقبله المغرب واعتبر ذلك وما يزال تآمرًا على وحدته الترابية. تسبب الخلاف السياسي بين الجزائر والمغرب حول مسألة الصحراء، في فشل كافة محاولات الصلح بين البلدين وتطبيع العلاقات بينهما، وهو ما جعل المغرب يدعو في الآونة الأخيرة الجزائر إلى التفاوض مباشرة لحل قضية الصحراء، لكن الأخيرة ترفض وتقول إنها ليست طرفًا في ذلك النزاع، وإنما تساند الشرعية الأممية حسب قولها. تهريب المخدرات كشف تقرير رسمي جزائري أن سلطات الأمن الجزائرية حجزت أكثر من 50 طناً من المخدرات خلال النصف الأول من 2013. وأشار التقرير إلى أن أغلب الكميات المحجوزة من المخدرات تتم في المناطق الغربية والقريبة من الحدود مع المغرب، ويعد المغرب أهم منتج لهذه المادة في العالم بحوالي 100 ألف طن سنوياً. وتعتبر الجزائر تدفق المخدرات من المغرب إلى الجزائر أبرز العوامل التي تعوق فتح الحدود بين البلدين، وفي وقت سابق قال رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان (هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية)، فاروق قسنطيني، إن الجزائر ترفض فتح الحدود الجزائرية المغربية في الوقت الحالي في ظل تفشي آفة المخدرات وتدفقها عبر الحدود الى الجزائر.