وضع مجموعة من العلماء خمسة قرود فى قفص واحد، وفى وسط القفص يوجد سلَّم وفى أعلى السلَّم هناك بعض الموز، وفى كل مرة يصعد أحد القرود لأخذ الموز يرشّ العلماء باقى القرود بالماء البارد، بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد لأخذ الموز يقوم باقى القرود بمنعه، وضربه حتى لا تُرشَّ بالماء البارد. بعد فترة لم يجرؤ أى قرد على صعود السلَّم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات، خوفًا من الضرب. بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة، ويضعوا مكانه قردًا جديدًا، فكان أول شىء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلَّم ليأخذ الموز، ولكن فورًا الأربعة الباقية تضربه وتجبره على النزول، وبعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد أن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدرى ما السبب. بعدها قام العلماء أيضًا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد، وحلَّ به ما حلَّ بالقرد البديل الأول، حتى إن القرد البديل الأول شارك زملاءه الضرب وهو لا يدرى لماذا يضرب، وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة، حتى صار فى القفص خمسة قرود لم يُرَش عليهم ماء بارد أبدًا، ومع ذلك تضرب أى قرد تُسوِّل له نفسه صعود السلم دون أن تعرف ما السبب! لو فرضنا.. وسألنا القرود لماذا تضربى القرد الذى يصعد السلم؟ من المؤكد سيكون الجواب: لا ندرى ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا هكذا يفعلون. هذا بالضبط ما يفعله التعليم فى مصر! فلو سألنا أى طالب أو مدرس: مَن صاحب فكرة تغيير مناهج التاريخ مع تغيير الرئيس؟ وهل يمكن أن تكون انجازات الرئيس الحالى جزءًا من التاريخ؟ ولماذا كانت الثانوية سنة واحدة ثم أصبحت سنتين ثم عادت سنة واحدة؟ ومَن صاحب فكرة مكتب التنسيق وأرقام الجلوس والأرقام السرية؟ وما الهدف من التعليم إذا كان الطلاب لا يتذكرون ما قاموا بدراسته؟! لا أعتقد أن هناك طالبًا أو مدرّسًا فى مصر يعرف إجابة سؤال واحد من هذه الأسئلة، ويثق بصحة جوابه، والسبب فى ذلك أننا تبنَّينا نظرية القرود عندما تحول التعليم من قضية قومية إلى قضية أمن قومى، والفرق بين الاثنين كبير وشاسع، فعندما يكون التعليم قضية قومية يشارك فى وضع معاييره كل التيارات الفكرية، ويتم إرساء قيم التفكير وإعمال العقل، ويكون هدف الطالب هو الوصول إلى المعرفة والبحث عن الحقيقة لا عن النتيجة.