لن نمنع عنكم السجائر، إلا أننا حنطفحهالكم بالسم الهارى، سوف نصدم أعينكم بصور فجة وقميئة نضعها لكم على ثلثى مساحة علبة السجائر وسوف نخبركم فى الثلث المتبقى بأضرار التدخين وبكيف أنه يسبب الوفاه والعديد من الأمراض السيئة و المميتة والحاجات الوحشة، وسوف نستخدم فى سبيل ذلك كل ما هو فج وقميء، بدءاً من الإستظراف وصورة السيجارة المتنية، وصولاً إلى الصديد النفسى وصورة غرغرينا القدم. لن نمنع عنكم السجائر، فقط حنطفحهالكم بالسم الهارى، تلك هى النظرية العالمية التدخينية الجديدة التى تفتقت عنها الأذهان للتوفيق بين ترك تلك الإمبراطوريات الإقتصادية الضخمة المتمثلة فى شركات صناعة السجائر تواصل عملها وبين حفظ ماء وجه منظمة الصحة العالمية، وكل تلك الكيانات السياسية التى تحكم العالم والتى تتحكم فيها وتديرها كعرائس ماريونيت، تلك الإمبراطوريات الإقتصادية الضخمة المتكئة بدورها على شبكات إعلامية تدير الكوكب وتلعب طوال الوقت فى أساسات عقول مواطنيه، إنها نظرية التوفيق بين الفسادين الأكبرين، الفساد السياسى والإقتصادى، وما تلك الصور القميئة على علب السجائر سوى إحدى تجليات تلك النظرية. * ما تشوفلى علبه تانيه يا معلم غير دى.. * اللى معاك إيه؟ * معايا سرطان اللسان.. * عندى غرغرينا القدم والراجل العجوز.. * هاتلى الراجل العجوز! إذا سمعت هذا الحوار أمام أحد أكشاك السجائر وكنت غير مدخن، فلا تتعجب، ولا تتهم صاحب الكشك والرجل الذى يختار المرض ذو الصوره الأقل قماءة ليشتريه بالجنون. فالشارى لا يريد شراء مرض من الكشك ولا حاجة، كما أن صاحب الكشك كذلك لا يتاجر فى الأمراض، وإنما بقى حنعمل إيه فى مدى أخلاقية الأجهزة المسئولة عن صحتنا كمواطنين وعن صحة سلامتنا الجسدية والعقلية كبنى آدمين، حنعمل إيه بقى فى الأجهزة المحترمة والمسئولين اللى ضميرهم صاحى. إنهم شرفاء للدرجة التى جعلتهم يشلفطون علبة السجائر بتشكيلة منتقاة من أبشع الصور و أكثرها فجاجة. ويؤكدون لنا ببنط أعرض من بنط ماركة السجائر نفسها على أن التدخين يسبب الوفاة، يا للصراحة، يا للأمانة، يا للأخلاق. ولكن.. لماذا وقع اختياركم على المنتج الوحيد الذى نعلم جميعاً الأمراض التى يسببها وقررتم كتابة كل تلك التحذيرات عليه؟! ألم يكن أجدر بكم أن تحذروننا من المنتجات الأخرى التى لا نعلم بالظبط الأمراض التى تسببها والتى ليس من المفترض فيها أصلاً أن تسبب أمراضاً لمتعاطيها إلا أنها و لظروف غامضة تسبب الكثير والكثير من الأمراض؟! وفى هذا الصدد.. لماذا لم تطرحوا حنفيات فى السوق على هيئة رئة مهترئة من المياة المسرطنة والملوثة وغير الصالحة للشرب التى سوف تندفع منها؟! لماذا لم تكتبوا تحذيرات على بوابات مدارسنا الحكومية تؤكد أن نظام التعليم المصرى يسبب التخلف العقلى والهطل وانعدام القدرة على اتخاذ القرار أو التفكير المرتب المرتكز على أسس علمية وهبوط معدل الإدراك مما يفضى بالعيل أو العيلة من دول فى النهاية إلى الإنضمام للقطيع وتبنى نفس الأفكار غير المنطقية التى تتبناها مجتمعاتهم و بالتالى مافيش حاجه تتغير؟! لماذا لم تكتبوا تحذيرات على المستشفيات الحكومية تحذرنا من عدم صلاحيتها لعلاج البنى آدمين؟! لماذا إخترتم المنتج الذى نعرف أضراره وأخذتم تحذروننا منه بكافة الطرق القميئة والمتخلفة والهمجية بينما تركتم المنتجات الضارة بجد والتى لا نعرف شيئاً عن أضرارها بدون أن تحذروننا منها ولو حتى بشكل غير مباشر؟! أعتقد أن أحداً لا ينتظر الإجابة، فنحن الآن فى زمن الأسئلة، لا زمن الإجابات. إلا أن الشعب دوماً سوف تبقى له الكلمة الأخيرة، و خصوصاً الشعب المصرى الإور اللى ما بيغلبش، والذى بدأ فى التعامل مع تلك الصور القميئة كقدر ينبغى عليه التحايل عليه، وبناءً عليه إزدهرت تجارة علب السجائر، كما إزدهرت أيضاً تلك التجارة الجديدة المتمشية مع الأحداث والمتمثلة فى حتة كرتونة بحجم ثلثى علبة السجائر عليها أشكال مختلفه تلبسونها للعلبة لتتكفل بتغطية كل تلك الهرطشة التحذيرية التى سوف تبدو للوهلة الأولى أنها أخلاقية، بينما للوهلة الثانية سوف تبدو أنها الهمجية بعينها قد تجسدت على هيئة تحذير. كما لجأ البعض الآخر من المدخنين إلى سياسة أخرى تماماً، سياسة تكبير الدماغ و ترك العلبة كما هى مع تحاشى النظر إليها واعتبار أن تلك الصور القميئة مجرد مكون آخر قمىء من مكونات تلك الحياة الخدعة، متخذين فى ذلك من المثل الشعبى الشهير.. "أصبر على الصورة السو.. يا تتشال يا تجيلها مصيبه تشيلها" نبراساً لهم فى التعامل مع تلك التحذيرات الفجة من "التدخين"! [email protected]