تمام السابعة بتوقيت القاهرة.. اعتذرت الأم لطفلَيْها بنظرتها الحاسمة التى يعرفون معناها، وعادت بالريموت إلى محطة الكبار كما اتفقوا، وصمت البيت.. امتثل التوأم «آدم وأندو» لوعدهما وقبلا التضحية بأحلى حتّة فى الكارتون.. جلسا على مقعد واحد، وتجهّما مقلدَين الكبار فى الاستماع إلى كل كلمة من السيسى.. لم يفهموا أغلب الكلام، لكن المارش العسكرى لأغنية «مصر هى أمى» كهربت المشاعر والعضلات فرقصا فى مقعديهما، وابتهجا وهمَّا يقلدان كل حركات السيسى بإتقان.. أحبا السيسى لأنه يتكلَّم فيصمت ماما وبابا وتلمع عيونهما.. غدًا سيكون «آدم» رئيس جمهورية مصر فى الحضانة و«أندو» سيأمر الجميع بالصمت، وسيتكلمان العربية. ورغم انتهاء حظر الكارتون، راقبا حوار ماما مع العائلة فى مصر على الخطاب، ليسمعا كلمة راجعين.. لم تقلها، لكن المهم أنها فرحانة. مساءً فى الفراش وسط أحضان سبايدرمان سألا ماما، خلاص مش هنخاف تانى؟ أجابت بقلق: نخاف مِن مين؟ أجابا من العفاريت السودا.. أجابت العفاريت مش حقيقية دى بتمثّل فى الكارتون بس.. سألا بصدق: يعنى مايقدروش يدخلوا البيت يضربونا ويسرقونا ويدبحونا، فأكدت الأم نفيها بثقة.. يعنى همَّ عند بحر مصر بس؟ احتارت وأجابت: لأ، ده بحر بعيد عن مصر.. هوّ السيسى خلاص موّتهم زى سبايدرمان؟! أجابت: لأ، هوّ هيقفل التليفزيون حالًا.. وغمرتهما قبلاتها فاطمأنَّا، لثقتهما بأن ماما لا تكذب، وبأنها تعرف كل شىء، ولأنهما سيذهبان إلى مصر والبحر فى الصيف تانى، وناما. ناما باطمئنان.. فى لحظة اختفت جدران الغرفة، انفتحت السماء، اختفت كل سدود وزحاليق الثلوج البيضاء فاتسعت الدنيا وتلوّنت زهورها زى مصر.. لكن الديناصور صديقهما لم ينم، لأنهما أصدرا له أمرًا أن يتحوَّل إلى طائرة تعود بهما إلى بيتهما الحقيقى فى مصر.. خرجت جيوش الديناصورات تؤمِّن الجو والأرض، وقبل الفجر فرد الديناصور العظيم جناحَين واسعَين انتظارًا لأمر الطيران للوطن. وهكذا تلقَّى كلٌّ منا خطاب السيسى بانطباع خاص. المتحذلقون المصممون على إفساد حياتنا انشغلوا بمهاترات عن عيوب فنية فى تصوير الخطاب، لا تهمنا.. والمتربصون اصطادوا كلمات ووعودًا يكمنون له بها.. والبسطاء انتظروا وعودًا تخديرية كاذبة بتخفيض الأسعار كما اعتادوا من زمن. أما المسيحيون فاستمعوا إليه بامتنان، لأنه الرئيس الذى اعترف بوجودهم فى بلدهم الأصلى، الذى ارتوت رماله بدماء آلاف شهدائهم فى كل العصور.. ولأنه أخذ ثأر كل المصريين بفعل فورى جسور حكيم عادل، أكد عهوده، وأرعب أعداءنا وفضح تحالفات المصالح، وفرز الأقزام والعمالقة، ورفع قامة مصر. لكن أمهات شهداء مصر المذبوحين والمهاجرين والمضطهدين، والعاجزين عن الخنوع وعن التمرد، قرأْنَ الخطاب بقلوبهن أولًا.. صحيح أن القلوب موجوعة، لكنها مؤمنة بقوة مصر، وأرضها العفية ولّادة الأبطال، ومانحة الشهداء.. وقلوب الأمهات هى السور الحصين لتحيا مصر آمنة. - د.غادة والى وزيرة التضامن.. تلقيت ردك الرسمى على اقتراحى إنشاء بنك للفقراء بالمنيا، من حصيلة المستحقات والتبرعات لأهالى ال21 شهيدًا، ومنحهم ملكية مشروعات متناهية الصغر تجدّد حياتهم بالعمل والأمل وليس بفلوس الشهداء المغموسة فى دمائهم. سيدتى: المال هو أصل كل الشرور، 200 ألف جنيه فجائية لفقراء أقصى أحلامهم سقف وهدمة ولقمة ستدمر الأسرة وتبذر الشر فى القلوب الطيبة المتهللة باستشهاد أولادها. أعلم تاريخك وخبرتك بالجمعيات الأهلية.. لكن لم أعلم بعضويتك للجنة التحضيرية لإنشاء بنك للفقراء، مثل جرمين فى مصر من 17 سنة! هل هو بنك ناصر؟! وهل تم تطهيره فعلًا؟ هل توقف عن إقراض أولاد الوزراء لتجديد سياراتهم؟! أثق بنبل مقاصدك فلا تنتمى إلى حكومة التليفزيون، وخط الفقر أمامك فاقتحميه، بنجلاديش عبرته بفضل خبير أجنبى مصرى عملتِ معه سنوات. اغضبى بإيجابية على شهدائنا.