بغض النظر عن أحكام المحكمة الدستورية فى طعون قوانين الانتخابات، والتى قد تؤجل الانتخابات وتشكيل مجلس النواب.. فهناك فرصة عظيمة أمام الأحزاب والتحالفات لاستعادة الثقة فى الشارع مرة أخرى. لقد شهدنا خلال الفترة الماضية حالة من التخبط والارتباك فى الأحزاب. فلم يستطع أى حزب أن يشكل قائمة فى الانتخابات، اللهم إلا حزب النور (!!).. ورأينا تحالفات غريبة وعجيبة ليست لها رؤية أو تصور عام.. وكانت النتيجة قوائم سمك - لبن - تمر هندى . ووصل الأمر بالبعض إلى البحث عن مرشحين فى آخر لحظة. وبالطبع ساعد على ذلك عزوف شخصيات عامة وطنية ومؤثرة عن المشاركة فى تلك القوائم أو التقدم للانتخابات، نتيجة المناخ السيئ، الذى ما زال يسيطر على الواقع السياسى الآن.. فضلا عن حالة الارتباك الشديدة فى إدارة البلاد، خصوصا فى العلاقة مع الأحزاب والقوى السياسية. فما زالت الرؤية غائبة لدى الذين يديرون البلاد فى العلاقة مع القوى السياسية، سواء كان ذلك من الرئاسة أو الحكومة.. بل يصل الأمر إلى عدم ثقة بين الطرفين، ولعل ذلك جعل لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى ببعض رؤساء الأحزاب متأخرا كثيرا، ولعله لم تكن له نتائج تذكر أو تحفيزية للعمل الحزبى.. كأنه كان لقاءً بروتوكوليا. أيضا ما زال هناك غياب للقوى الشبابية، على الرغم من محاولات الرئيس عبد الفتاح السيسى التأكيد مرارا على ضرورة حضور تلك القوى.. إلا أن ما يحدث عكس ذلك تماما.. فيجرى إهمال الشباب، خصوصا قوى الثورة، التى كان لها دور كبير فى التخلص من حكم الإخوان الاستبدادى الفاشى.. ومع هذا هناك انتقام من هؤلاء. وعلى الرغم من التصريحات المتكررة من الرئيس للإفراج عن هؤلاء الشباب المحتجزين، فإن قرار العفو -الذى وعد به- لم يصدر، مما يدعو إلى القلق من أن هناك من يعطل وعد الرئيس، ولا يصبح الوعد قرارا. لقد أدى كل ذلك إلى عزوف عن المشاركة فى العملية السياسية التى تحتاج إليها مصر الآن وبقوة، داخليا، لاستيعاب القوى واستعادة الاصطفاف من أجل الانطلاق والتنمية وبناء الدولة الجديدة.. وخارجيا من أجل تقديم صورة أخرى لمصر، بعد محاولات قوى الإخوان وجماعتهم ودولهم لتهديد استقرار البلاد. وكان من المفترض أن يكون للأحزاب والقوى السياسية دور مؤثر وكاشف فى تلك القضايا كما يجب على أجندتها الانتخابية، ولكن ما يحدث شىء آخر. لقد كان هناك دور مهم للأحزاب والقوى السياسية فى المعركة ضد حكم الإخوان، ولعلنا نذكر جبهة الإنقاذ، التى دخل فى إطارها الكثير من القوى والأحزاب، وكان لها دور مؤثر فى الشارع، فى كشف وتعرية جماعة الإخوان، وسيطرة مكتب الإرشاد على الحكم، ومحاولتهم تقزيم الدولة المصرية وجعلها شعبة تابعة للإخوان. وما إن قامت ثورة 30 يونيو.. فجرى حل تلك الجبهة لتعود الأحزاب إلى حالة التشرذم والتيه والبحث عن المصالح الشخصية. ولعل المشهد الانتخابى الحالى يؤكد الحالة الشخصية للأحزاب، ومن على رأسها أو يديرها.. فضلا عن كيانات مدعية ما أنزل الله بها من سلطان، لا تسعى إلى مصلحة الشعب والبلد، وإنما لمصالح شخصية، وتحت زعم الاستقلال بشخصياتها المنتحلة . نعود إلى قضية أحكام المحكمة الدستورية.. التى كانت نتيجة تخبط وارتباك فى القوانين الموضوعة وتعقيدات غير مطلوبة.. فبدا مطلوبا من الأحزاب الآن استعادة الثقة مع الشعب، وأن يكون لها دور مهم فى الحياة السياسية، وتبنى قضايا الناس. هناك فرصة حقيقية الآن سواء فى الانتخابات أو فى الشارع، سواء كانت هناك انتخابات أو لم تكن.