نائب محافظ مطروح يبحث آلية استقبال المخلفات الصلبة بالساحل الشمالي خلال موسم الصيف    قيادي بحزب مستقبل وطن: مصر ثابتة في دعمها للقضية الفلسطينية    "أكسيوس": من المستبعد عقد الجولة السادسة من المحادثات بين واشنطن وطهران الأحد المقبل    قبل مشاركة مرموش الأولى.. ماذا قدم مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية؟    الآن رسميًا.. نتيجة الصف السادس الابتدائي بالجيزة بالخط الساخن والمساعد الذكي (رابط)    التحفظ على 4 تروسيكل و3 عربات كارو و33 بازوكا وتابلوه ومصادرة 122 مضبوطات بغرب المنصورة وشربين والسنبلاوين    مصطفى شعبان يتصدر التريند بعد الإعلان عن مشاركته في فيلم مع هيفاء وهبي (تفاصيل)    كريس إيفانز يكشف حزنه لعدم دعوته ل "Avengers: Doomsday": "كأنني لم أُدعَ إلى الحفلة"    د.حماد عبدالله يكتب: الصحافة..... وسنينها !!!!!    تبدأ الأربعاء.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2025 بعد تبكيرها رسميًا (احسب قبضك)    حزب الاتحاد: مصر تقف ضد الاحتلال وأي تحرك يجب أن يكون منظمًا ومحسوبًا    حزب المصريين: «قافلة الصمود» لا تحمل أي صفة رسمية.. ومصر لن تتوانى يومًا عن دعم القضية الفلسطينية    مجلس الشباب المصرى يُرحب بإعلان ضوابط زيارة الحدود مع غزة    1.36 تريليون دولار إجمالي عجز الموازنة الأمريكية منذ بداية العام    وزير الخارجية الأردني يؤكد ضرورة تكاتف الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    حزب الجبهة الوطنية يؤيد بيان الخارجية في ضوابط دخول فلسطين عبر معبر رفح المصري    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    نجم مانشستر يونايتد يشعل الصراع بين أندية الدوري الإنجليزي    سجل تاريخي ل ريال مدريد في كأس العالم للأندية.. أرقام استثنائية    أيمن الرمادي ينتظر قرار الزمالك وسط عروض جديدة    بعثة الأخضر تصل إلى أمريكا للمشاركة في بطولة الكأس الذهبية    تعرف على قائمة وأرقام لاعبى الأهلي المشاركة فى كأس العالم للأندية    "ثورة جوارديولا".. كيف يرد السيتي بعد الموسم السلبي؟    فيرمينو يقترب من الانتقال إلى قطر بعد مغادرة الأهلي السعودي    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    انخفاض جديد في عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 12 يونيو في الصاغة (تفاصيل)    بسبب منشور على «فيس بوك».. شاب ينهي حياة جاره في الصف    «80 باكو» السر.. ضبط موظف يستغل عمله في تزوير المحررات الرسمية بالفيوم    محافظ الدقهلية في زيارة ليليلة مفاجئة لمدينة جمصة: ويؤكد على منع وجود أي اشغالات بالشاطئ والشوارع    الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الخميس: «استمرار ارتفاع درجات الحرارة وترقبوا الطرق»    أسامة كمال يطالب بتوثيق قصة السائق خالد شوقي في عمل سينمائي    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 12 يونيو 2025    ضعف مياه الشرب عن 4 مناطق بإهناسيا ببنى سويف.. اعرف الأماكن والمواعيد    بالأسماء.. تعرف على أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بالمنيا 2025    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    حسن الرداد يكشف حقيقة الصورة المتداولة لسفر الفنانين لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية :«ده تقل دم وسماجة اوي»    تركي آل الشيخ يشعل الحماس: "الفيل الأزرق 3 و4 قادمون.. والمستوى عالمي!"    أستاذ العلوم السياسية: بيان وزارة الخارجية المصرى مهم ووضع النقاط على الحروف    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    ننشر أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية فى الإسماعيلية    بعد التحذير منها سابقا.. طبيب شهير يوضح فوائد تناول الزبدة يوميا    الأوطان ليست حفنة من تراب.. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة المقبلة    بعد انتهاء إجازة العيد.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    3 مشروبات طبيعية ترفع معدلات الحرق وتمنحك الشبع    الفيتامين وحده لا يكفي.. تعرفي على طرق أخري لتقوية ذاكرة طفلك    «الريادة»: معركتنا الحقيقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون على المقاعد الفردية    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر لها ثقل تاريخي ودور إقليمي محوري    ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر على الطريق الصحراوى|فيديو    اتحاد ألعاب القوى يتفق على تدريب المنتخب في ملاعب جامعة قناة السويس    «الجذام إلى زوال».. دراسة ترسم خريطة الأمل للقضاء على المرض في مصر    تأجيل استئناف المتهم الرئيسي في "تظاهرات الألف مسكن" ل14 يوليو    الضويني ناعيا مدرس الأزهر المقتول: لقي مصرعه في المكان الَّذي رجع إليه ليكون آمنًا مع أهله    رغم تحذيرات الصحة العالمية..حكومة الانقلاب تتجاهل متحور "نيمبوس" شديد العدوى سريع الانتشار    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟.. المفتي يجيب    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا نبني «الباستيل» من جديد
نشر في التحرير يوم 17 - 02 - 2015

فى الرابع عشر من يوليو عام 1789 اقتحم أهل باريس سجن الباستيل الرهيب مدججين بالفؤوس والمحاريث، ليسقط فى أيديهم بعد قتال قصير وليحطموه عن بكرة أبيه فى ليلة وضحاها، هى الحادثة التى أطلقت شرارة الثورة الفرنسية، تلك الثورة التى جاءت لتعلى قيمة الإنسان وحقوقه فوق العديد من القيم الراكدة والعفنة التى سادت الحياة لقرون طويلة.
لكن الطريف فى الأمر، أن الباستيل هذا المعتقل الذى عُدَّ رمزًا للظلم والقهر حين تم اقتحامه لم يكن بداخله سوى سبعة أشخاص، اثنان منهما مختلان عقليا، ومزور عملة، وثلاثة لصوص، والماركيز دى صاد الرجل الذى اشتقت السادية من اسمه، إذن كان السجن خاويا فلماذا عد إذن رمزًا للقمع؟
الحقيقة أن سجن الباستيل لم يكن سوى قلعة للدفاع عن باريس، أمر لويس الرابع عشر فى القرن السابع عشر بتحويله إلى قصر ملكى ابتهاجًا بميلاد ابنته، كانت باريس شأنها شأن مدن القرون الوسطى تعانى عدم استقرار، وانتشارًا لمعدلات الجريمة، وضج رجال الدولة مما سموه أن يد العدالة بطيئة، وأن القانون العام غير كاف لردع المجرمين، لذا فكان الحل من وجهة نظرهم أن يوقع الملك خطابات اعتقال لعتاة المجرمين، والنبلاء المتمردين لتأديبهم بعيدًا عن يد القانون المشلولة، الخطابات المختومة، هى مجرد استثناء بسيط للقانون من أجل حماية البلاد من الفوضى، على أن يكون ذلك فى حدود ضمانات أكيدة، فيجب أن تكون أوامر الاعتقال مكتوبة بخط يد الملك، ومختومة بخاتم الملك شخصيا، على أن يكون مصير هؤلاء المعتقلين إلى قلعة الباستيل، تلك القلعة التى أضحت قصرا ملكيا، وبحيث ينفق الملك شخصيا عليهم ليبدوا كأنهم ضيوف فى ضيافة إجبارية لدى الملك لا معتقلين.
كان الأمر مقبولًا ربما فى إطار المشكلات التى تشهدها باريس، وفى إطار ظروف تاريخية صعبة -دوما هناك ظروف تاريخية صعبة- لكن الأمور تطورت مع الوقت شيئا فشيئاً، فقد تحولت الخطابات المكتوبة إلى خطابات مطبوعة، يترك فيها اسم الشخص المراد اعتقاله فارغا ليملأه الملك بخط يده ويختمه بخاتمه الشخصى، ثم تطور الأمر ليستثنى خاتم الملك، فيكفى أن يقوم وزير من الوزراء بالتوقيع على خطاب اعتقال، ثم تدنى أكثر وأكثر ليصير فى يد حكمدارى البوليس ومساعديهم.
وهكذا انتهى الأمر بمرور السنين إلى أن أصبح الأمر الاستثنائى أمرا اعتياديا، أما العدالة الحقيقية وحكم القانون فقد صارت هى الاستثناء.
لم يعد الباستيل يكفى مئات الآلاف من الذين وقعت ضدهم أوامر الاعتقال دون علم من الملك أو حتى وزرائه، واستلزم الأمر بناء المزيد من السجون، حتى أصبح فى فرنسا عشية قيام الثورة نحو 500 سجن آخر، ليصير الباستيل سجنًا شبه مهجور، خاويا على عروشه ليلة أن اقتحمه فلاحو باريس، إذن لم يكن الباستيل سجنا ذا أهمية عند بدء الثورة الفرنسية، لكنه كان رمزا واضحا لكيفية صناعة الاستبداد.
مرت أكثر من 200 عام على سقوط الباستيل، لكن البشر على مدى القرون لم يتعلموا أبدا من تجربة الباستيل شيئا، لم يتعلم أحد أن الاستثناءات التى تُرى على أنها وسيلة لتجاوز بطء العدالة وقصورها، ينتهى بها الأمر إلى أن تصير كامل المعنى لغياب العدالة بالكامل، وبأن تجاوزًا واحدًا فى حق إنسان من أجل حماية بلد ما من فوضى تضربها، يصبح مع الوقت تجاوزًا فى حق مئات الآلاف من البشر، وبأن الإجراءات الاستثنائية وتجاهل العدالة من أجل منع الفوضى، هى الطريق الأقصر لصنع الفوضى الكاملة.
وهكذا نجد أنفسنا أمام العبارة التى تقول: إن كان من درس واحد يمكن أن نتعلمه من التاريخ، فهو دون شك سيكون الدرس الذى يقول بأن لا أحد أبدا يتعلم من التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.