الغربية - مصطفى الشرقاوي: والدتها: هل لو كانت ابنتى هي بنت وزير الداخلية كان ده هيكون مصيرها؟ هالة عامر الحبيشى، طفلة لم يتجاوز عمرها الرابعة عشرة، تعيش فى محافظة الغربية، من أسرة بسيطة فقيرة، عشقها الوحيد فى الحياة هو تشجيع نادى الزمالك، فقد عاشت طفولتها ووالدها الحاج عامر، وعمها نبيل الحبيشى، وعمها عبد الفتاح يذهبون كل فترة لمتابعة مباريات ناديهم المفضل فى الاستاد، فخلق ذلك بداخلها الانتماء إلى النادى الأبيض، وكانت تمضى كل وقتها فى متابعة أخبار ناديها، إضافة إلى جمع صور لاعبيه. فى مدرسة شبرا النملة الابتدائية تعرفت هالة إلى زميلتها الوحيدة مريم، وفى مدرسة الشهيد محمد خروب الإعدادية عاشت سنوات دراستها الأخيرة، وشاءت الأقدار أن لا تمهلها حتى تنهى الفصل الدراسى الثانى من الصف الثالث الإعدادي. الرحلة الأخيرة ل هالة أحاديث هالة مع زملائها فى المدرسة كانت تدور حول نادى الزمالك ولاعبيه وأخباره، وفى الأيام الأخيرة ظلت تحلم بالعودة إلى الاستاد بعد قرار السماح للجمهور بدخول المدرجات، حيث ظلت تحكى لكل زميلاتها بالمدرسة أنها سوف تشاهد مباراة الزمالك أمام إنبى فى الاستاد، وأنها تدخر مصروفها لذلك اليوم. لم تكن هالة تدرك أنها تجهز لرحلتها الأخيرة فى الحياة، وأنها سوف تعود إلى قريتها بالغربية محمولة على الأعناق، وأن الشوارع التى عاشت فيها ولعبت بها ستبكى رحليها، الذى تم بطريقة درامية وغير متوقعة، وظلت هالة كل يوم تسأل والدها عن موعد السفر لمشاهدة المباراة، رافضة نصيحته بعدم السفر، غير مدركة أن اللون الأبيض لن يكون لون ناديها المفضل، لكن لون كفنها أيضًا. هالة لم تكن عضوا فى روابط المشجعين أو الألتراس، فقد عاشت طوال عمرها مشجعة فى الظل، وماتت عند أسوار الاستاد، الذى تمنت أن تلتقط فيه صورا لتخلد تلك الذكرى، لتكون صورتها قبل الوفاة بساعات حديث الملايين. جاءت من الغربية لمشاهدة المباراة.. وماتت أمام الاستاد ودفنت دون إذن النيابة تغريدة خالة الشهيدة هالة كانت مفاجأة من العيار الثقيل، حيث قالت إن هالة دفنت دون تصريح دفن من النيابة العامة، حيث تم خروجها من المستشفى، ودفنها قبل عرضها على النيابة، مضيفة أنها لا تستبعد أن تطلب النيابة خلال الأيام المقبلة استخراج جسد هالة مرة أخرى للكشف عليها، وتشريح جثمانها للوقوف على أساب الوفاة، موضحة أن المستشفى الذى توفيت فيه هالة ووزارة الصحة وقعا فى خطأ كبير، وهو السماح بخروج جثمانها قبل قرار النيابة، إضافة إلى عدم توضيح سبب الوفاة فى تصريح الدفن، حيث لم يكتب الطبيب، الذى صرح بالدفن أسباب الوفاة، وأصر فقط على الاحتفاظ بشهادة الوفاة المستخرجة من المستشفى، كما أغفل الحصول على تصريح من النيابة. خالة هالة أضافت أن كل مطالبهم هى محاسبة كل من تسبب فى هذا الخطأ، حتى لا يضيع حقها حية وميتة، مضيفة أن مسؤولا بالمستشفى اتصل بهم فى أثناء الدفن، وطلب العودة بها إلى المستشفى، لأنهم نسوا إذن النيابة، متسائلة: هل هذا مقبول؟ موضحة أن المستشفى ذكر أن مفتش الصحة أبلغهم أنه نسى أن يرى إذن النيابة بالدفن. من جانبه، قال الحاج مراد شفيق، جار هالة، الذى تولى إنهاء إجراءات خروج جثمانها، إن مسؤول الصحة لم يطلب منا تصريح النيابة بالدفن، ولم يكلف نفسه الانتقال إلى المستشفى لمعرفة سبب الوفاة، وإنه صرح بالدفن دون أن يذكر السبب، مضيفا أن أسرة هالة لا تملك الآن شهادة وفاة ابنتها، ولا تملك أيضا تقريرا عن أسباب وفاتها، حتى يثبت حقها، وحق أسرتها فى صرف التعويضات. خالة هالة: لا أستبعد طلب النيابة استخراج جثمانها وتشريحه لمعرفة سبب الوفاة والد الضحية: رئيس نادى الزمالك قتلها والد الشهيدة، قال طول عمرنا بنشجع الزمالك ولا نعرف وايت نايتس ولا غيره، وأنا وأخوتى وأبناؤهم من مشجعى النادى، وتعودنا أن نحضر مباراة له كل 3 أو 4 أشهر ، قائلا أحضر مباريات للزمالك منذ أن كان سعر التذكرة ب100 قرش، وكنت متعودا على اصطحاب أبنائى وأبناء أشقائى، ومنذ أن عرفنا أن الجماهير سوف تعود إلى الدورى العام، ونحن فى شوق لمشاهدة أى مباراة للزمالك . وأوضح والد الشهيدة أنه لا يحمّل أحدا المسؤولية عن مصرع ابنته سارة سوى رئيس النادى، قائلا إنه حزين على اتهام الإعلام ابنته وبقية الشهداء بأنهم بلطجية وإخوان ومأجورون. السيدة عايدة السعيد خلف الله، والدة الشهيدة هالة، بادرتنا بسؤال: هل لو كانت هالة الحبيشى بنت محمد إبراهيم وزير الداخلية ولا بنت رئيس الزمالك كان ده هيكون مصيرها؟ مؤكدة أن ابنتها كانت تحلم بتلك المباراة منذ أكثر من شهر هى وأخوتها وأبناء عمها، مضيفة هى فى النهاية طفلة كانت تنظر إلى الحياة بابتسامة دائمة، وكانت تعتبر تلك المباراة رحلة لها فى نهاية إجازة منتصف العام. والدة هالة أضافت أن رئيس نادى الزمالك، يتحمل مسؤولية مقتل ابنتها، وكل الشباب الآخرين، الذين استشهدوا فى نفس الأحداث، وأن حزنها عليهم يفوق حزنها على ابنتها، مضيفة أنها تطلب من الرئيس السيسى أن يعيد حق ابنتها، وحق كل من ماتوا معها، وأنها تثق أنه سوف يعيد حق ابنتها، وحق ال21 شخصا الآخرين، الذين استشهدوا فى نفس الواقعة، موضحة أنها تشكر مستشفى الدفاع الجوى الذى حاول إنقاذ حياة ابنتها، لكن الله اختارها لجواره. والدها: حزين على اتهام الإعلام لابنتى وبقية الشهداء بأنهم بلطجية ومأجورون شقيقتها: ظللت بجوار جثة أختى أكثر من 90 دقيقة.. وسيارة خاصة نقلتنا إلى المستشفي اليوم المشؤوم سارة عامر الحبيشى، شقيقة الشهيدة هالة، أوضحت أنها عاشت ساعات صعبة، لم ترها طيلة حياتها، هى وشقيقتها وأبناء عمها وأبناء عمتها فى أحداث ملعب الدفاع الجوى، مضيفة أنه حينما بدأ إطلاق الغاز المسيل للدموع كنا فى منتصف الممر المؤدى إلى الملعب، وكنا نرفع التذاكر فى أيدينا لنؤكد أننا ندخل الملعب بتذاكر وليس بدونها، وبعد أن غطى الغاز المكان، الذى كنا فيه أغمى على لفترة صغيرة، وحينما أفقت وجدت العشرات من الناس على الأرض حولى. وأضافت سارة فى شهادتها، أنها وجدت أختها ملقاة على أحد الأرصفة على بعد 10 أمتار منها، وهى فاقدة الوعى، قائلة حاولت أن أحركها أو أسعفها، وأدفع بعض الهواء بيدى نحوها لعلها تفيق، لكن دون جدوى ، موضحة أنها ظلت إلى جوارها أكثر من 90 دقيقة، وكلما مرت سيارة إسعاف تطلب منها أن تنقلها لأى مستشفى، فيرد المسعف معانا جثث كثيرة ، وكنت أنادى عليها كل دقيقة يا هالة كلمينى، محتاجة أطمن أبوكى إنك حية . أخت هالة واصلت قائلة إنه بعد فترة طويلة حضرت فتاة تقود سيارتها، وقالت لى احملى أختك معى لنتوجه إلى أى مستشفى ، وبالفعل قمنا بذلك بمساعدة أحد الشباب، وتم نقل أختى إلى مستشفى الدفاع الجوى التخصصى، وحاول الأطباء هناك تقديم الإسعافات الطبية لها، وعمل صدمات كهربائية، لأن الطبيب أبلغنى أن قلبها توقف منذ أكثر من 30 دقيقة، وأن حالة المخ سيئة جدا بسبب الغاز المسيل للدموع، واتصلت بأمى فى البلد حتى تأتى لتكون بجوار هالة فى ساعتها الأخيرة، وكنت أسأل الأطباء كل نصف ساعة عن أخبارها، فيردون إن حالتها سيئة للغاية، ولا تستجيب لأى شىء . أخت الشهيدة أوضحت أن هالة ظلت على الأجهزة طوال الليل ولمدة 12ساعة، وأنه فى العاشرة صباحا طلب منى الطبيب إحضار أمى من الخارج، وقال لها هالة فى ذمة الله ، وهنا صرخت أمى، وظللنا لأكثر من ساعة نقبل كل منطقة فى وجهها، لأننا لن نراها مرة أخرى. عبد الحكيم، شقيق هالة، قال إنهم تحركوا من قريتهم بشبرا النملة مركز طنطا فى الخامسة من عصر يوم السبت، قائلا أخذنا القطار أنا وهالة وشقيقتى سارة ومحمد نبيل ابن عمى ومحمود عبد الناصر ابن عمى وعمى الأكبر عبد الفتاح، ثم اتجهنا إلى منزل عمتى فى الأميرية لنبيت ليلة السبت هناك، ونحصل على التذاكر التى اشتراها لنا أبناء عمتى لحضور المباراة فى الاستاد ، مضيفا فى اليوم التالى استيقظت هالة فى السابعة صباحًا، وطلبت منا الذهاب إلى الاستاد، وأقنعتها عمتى بالإفطار أولا، ثم الخروج بعد ذلك، ثم ذهبنا فى الواحدة ظهرا، وكنا 9 أفراد من أبناء أعمامى وأبناء عمتى، ووصلنا إلى الاستاد فى الثالثة والنصف عصرًا. وفى أثناء دخولنا، وبينما كنا فى منتصف الطريق فوجئنا بقنابل الغاز المسيلة للدموع تنهمر علينا، وتفرق شملنا فى كل اتجاه، وهنا ضاعت من يدى هالة، وحاولت الاتصال بالجميع، فلم يرد على غير شقيقتى سارة، وقالت لى هالة بتموت يا عبد الحكيم ، لكنها لم تكن تعرف فى أى مكان موجودة، وبحثت عنها فى كل مكان بلا جدوى، وكانت سيارات الشرطة تطاردنا من ناحية أخرى. محمد الحبيشى، ابن عم الشهيدة، قال كنا فى منتصف الطريق داخل الممر المخصص لدخول الاستاد، ثم وجدنا الغاز المسيل للدموع ينهمر علينا، والمئات من الناس يتجهون إلى الخلف هربا، وهو ما تسبب فى سقوط المئات تحت الأقدام، مضيفا توجهت لضابط شرطة لأساله: هل هناك بعض المصابين فى أى مكان يعرفه؟ وسخر منى بقوله روح دور عليهم فى ميدان رابعة ، فذهبت إلى بوابة عليها ضباط من الجيش، حيث أرسلوا معى فردين من الشرطة العسكرية للمشاركة فى البحث عن هالة وسارة وباقي أقاربي.