كتب - وليد كساب رغم أن موضوع دخول الجنة لايبدو سهلاً، إلا أنى أظن وبعض الظن قد يكون إثم، أن فرصة الأغبياء ستكون لابأس بها فى هذا المضمار. أنت تفكر وتعمل كل ملكات عقلك وتستنزف خلايا دماغك بحثاً فى نقطة معينة، أو فى دراسة فرضية محددة من أجل الوصول ليقين معين، لترتاح نفسك ويهدأ بالك فتسلم بهذا الأمر أو ذلك الإعتقاد، ولكن الغبى لا يتعرض لكل تلك المنحنيات والمطبات الفكرية، فيسلم فوراً بما يتم تلقينه له أو بما يراه أمامه، وهذا شئ لا يتحكم به ولايملك أدوات مخالفته، حيث لا تساعده قدراته العقلية على أن يمعن التفكير أو يدقق البحث، فيقال معلش أصله غبى أو سامحه أصل فهمه على قده! وبنظرة متعمقة نستطيع أن نلحظ أن كل من يصلون بسهولة لكل أهدافهم فى الحياة ويحققون أحلامهم، لا يتمتعون بهذا الغباء المشار إليه، فيقال عن هؤلاء لقد ربحوا دنياهم وخسروا آخرتهم، بينما من يضمنون نسبة عالية فى الوصول للجنة أغلبهم من الأغبياء، وهم عكس الفريق الأول خسروا الدنيا وكسبوا الآخرة، وكأنه لازم يكون حاجة من الإتنين دنيا أو آخرة، ماينفعش مثلاً نص ونص؟! وهذا ليس انتقاصاً منهم ولا من الجنة، حاشا لله ولكنه تقرير لواقع يقول أن كل من يمعن فى التفكير، ويبحر فى التأملات ويغرق فى البحث، يصل إلى الشطط فى الفكر والتردى فى متاهات البحث عن الحقيقة والوصول لليقين، وقد ينزلق لهوة الشك فيبتعد عن مسار ركب الوصول إلى الجنة، وهذا بكل تأكيد لحكمة إلهية نعجز عن فهمها. وعلى ذلك نلحظ أن كل من يفترض أنهم بعيدين عن اليقين أو لنقل أغلب اللى دماغهم لاسعة ومحلقين فى سماوات الحلم والخيال والإبداع، لايعدون من المبشرين بالجنة طبقاً لما وصلنا من معايير وشروط. والسؤال الوجودى هنا هو هل بالضرورة يؤدى التفكير والبحث إلى عدم اليقين والشك؟ الإجابة: نعم. ولكن ليس دائماً، حيث أن عقل الإنسان لم يتم إكتشاف كل دهاليزه بعد ولم يعرف أحد سقف الخيال المتاح له، ولا حدود التفكير المسموحة، لذلك فإنه غالباً مايصل لمراحل بعيدة من المناطق المحرمة ويتعدى كثيراً من الخطوط الحمراء، لذلك قد يقال لا تسأل عن أشياء إن تبدى لكم تسوءكم أو بأسلوب آخر، لا تناقش ولا تجادل يا أخ على! وعلى صعيد متصل وعندما نحاول الوصول للمنطقة الوسط أو بمعنى أبسط نمسك العصاية من النص، يعنى مش شرط أبقى غبى وما بافكرش عشان تنطبق عليا الشروط فى الآخرة، وفى نفس الوقت أفكر وأشغل عقلى بس بلاش أدقق فى كل حاجة أو أقتل كل نقطة بحثاً، يعنى شويه كده وشويه كده، ولا أهطل قوى ولا عبقرى جداً، تبقى بنى آدم عادى وخلاص، تفتكر ده يناسب أى حد؟ وعودة إلى الغباء وفى مجال البحث عن تعريف واضح لهذه الصفة أو لهذا الأوبشن المتفرد، هل هو البطء فى التفكير؟ أم أنه عدم القدرة على الوصول لنتائج محددة؟ لأن كل البنى آدمين مخلوق لهم مخ، وبنفس التفاصيل المخية والجزعية والتلافيف والأعصاب، طيب أمال منين بييجى الإختلاف؟ هل هى وراثة؟ يعنى الغبى بيخلف أغبياء؟ والذكى بيجيب أذكياء؟ برضه مش شرط. طيب هل للثقافة المجتمعية دخل فى ذلك؟ يعنى ممكن نلاقى مجتمع معين فى بلد معينة كلهم أغبياء؟ ومجتمع مناظر فى بلد أخرى يمتاز بالذكاء؟ أعتقد إن الموضوع أكثر تعقيداً من ذلك والدليل ما يحدث فى تلك الحقبة الزمنيه المنسية، بتلاقى نفس الأب وعنده عيلين واحد فاهم وذكى وواحد مغيب غبى وأب تانى عنده اتنين واحد ظابط بس غبى والتانى إرهابى مع إنه ذكى وكل واحد فاهم ان التانى هو الغبى وإنه هو اللى فاهم وذكى! مافيش معيار ثابت. ولكننا بالبحث للوصول إلى التعريف الوافى للغباء فى المطلق، نستطيع أن نقول بضمير مرتاح إن الغباء هو عدم إستطاعتك التوائم مع الأوضاع أو الإتساق مع الواقع بما يخدم مصلحتك الخاصة، تلك يا عزيزى هى قمة الغباء، بمعنى آخر ما تحبكهاش قوى وتزنقها على نفسك وعلى من حولك لأنك كده حتبقى فعلاً غبى، خليك هليهلى وناصح ومتفنط وما تركزش قوى مع الدنيا واللى بيحصل فيها، ولما تتسأل مثلاً سؤال زى حرب المائة عام قعدت كام سنة؟ ما تعملش نفسك ذكى وتتهم من يسألك بالغباء وأنت تضحك ساخراً على أساس ان الإجابة ضمن السؤال. حرب المائة سنه يا محترم مااستمرتش مائة سنه بل 116 سنة، يعنى مش شرط خالص تفتكر نفسك ذكى واللى بيسألك هو اللى غبى لأن مش لازم كل حاجه تكون ممنطقة أو خاضعة للمعايير العادية، فيه حاجات خارج المألوف ومستعصية على الفهم زى اللى حصل فى مصر فى الأربع سنين اللى فاتوا مثلاً، بذمتك يا شيخ لو اعتبرنا اللى مش فاهم حاجة يبقى غبى، تقدر تطلعلى تلاتة دلوقت عندنا مايكونوش أغبيا؟! ببساطة ياعزيزى، الأفضل أن نعترف بكل أريحية بالحقيقة، وجايز نضمن آخرتنا طالما الدنيا جريت مننا، الغباء نعمة ونحن ولله الحمد أغبيااااء.