لكل عطر هوية مميزة وقالب معين يستطيع الإنسان عن طريق أنفه التفرقة بسهولة بين أنواعه المختلفة، وذلك عن طريق مجموعة من المراكز الحسية التي تنقل الرائحة إلى الأعصاب المتصلة بالمخ، وبذلك يستطيع الإنسان التعرف عليها بسهولة؛ ولكن مع عصر التكنولوجيا الحديثة الذي نشهده؛ هل سيتغير مستقبل حاسة الشم بحيث لا يكون مقصورًا فقط على الإنسان؟. في خطوة هي الأولى من نوعها؛ طور مجموعة من الباحثين بجامعة "مانشستر" البريطانية وجامعة "باري" الإيطالية، جهازًا ذكيًّا يمتلك البروتين المسئول عن حاسة الشم، كما أنه يمتلك ملايين من أجهزة الاستشعار الدقيقة التي تمكنه من التفرقة بين الأنواع المختلفة من العطور. ولم تتوقف وظيفة الجهاز الجديد عند استنشاق الروائح والتعرف عليها فقط؛ وإنما يمكنه أيضًا التنبؤ بمقدار التلوث في الجو، وكذلك تحديد صلاحية الأطعمة من عدمها، وفقًا لما ذكره موقع "فيزيكس" العلمي. وفي مجلة "نيشتر" للاتصالات؛ أشار الباحثون إلى أن الجهاز المبتكر بيولوجيًّا إلى حد كبير؛ مزود بالبروتينات الموجودة في المخاط الأنفي التي تقوم بحث مستقبلات الشم على خلق تصور للرائحة وتمييزها، وتوصل الفريق البحثي بالفعل إلى طريقة تمكنه من تصنيع هذه البروتينات بكميات كبيرة لاستخدامها في أجهزة الاستشعار. ومن ناحية أخرى؛ يمكن دمج تلك البروتينات بأنواع أخرى من المواد الكيميائية، مما يسمح للجهاز بالقيام بوظائف أخرى، مثل قياس التغير في درجات الحرارة وغيرها، وتتم عملية استنشاق الروائح عن طريق قيام البروتينات الموجودة في الجهاز باستنشاقها وإرسال رسالة بالعطر الذي تم استنشاقه ومن ثم فك الشفرة. وأوضح الموقع العلمي أن لهذا الجهاز نظام حساس بشكل لا يصدق؛ حيثيمكنه اكتشاف النهج والتقنية الكاملة التي تعمل بها الأنف البشرية. ويقول البروفيسور كريشنا بيرسود مؤلف الدراسة، "ابتكار آلات قادرة على التمييز بين الروائح تحدٍّ كبير، فمثل هذه الآلات صورة طبق الأصل من الأنف البشري؛ بل إنه قد يكون أفضل من البشر أحيانًا؛ حيث لا يتوقف طموحه عن استنشاق العطور فقط؛ ولكنه دقيق بدرجة كبيرة تمكنه من التنبؤ بفساد الأطعمة وقياس درجة التلوث في الجو".