غادة لبيب: المرأة شريك فاعل في مستقبل الوطن    البورصة المصرية تربح 4.1 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    وزير الاتصالات عن مبادرة الرواد الرقميون: مفتوحة لجميع الشباب والاختيار وفقًا لمعايير موضوعية    بعد استهداف إسرائيل لإحدى طائراتها.. الخطوط الجوية اليمنية توقف كامل رحلاتها من مطار صنعاء بشكل مؤقت    تشكيل الأهلي المتوقع أمام فاركو في الدوري المصري    وزير الشباب يقرر تعديل اللائحة المالية للهيئات الرياضية    توجيهات مستمرة لوزير السياحة والآثار بتعزيز جودة الخدمات المقدمة لحجاج السياحة وتحقيق أعلى معايير الرعاية والاهتمام    حكم صلاة الجمعة إذا جاء العيد يوم جمعة.. الإفتاء توضح الرأي الشرعي    تفاصيل الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من "حقوق السوربون" بجامعة القاهرة    إيطاليا تطالب بوقف الحرب في غزة: الوضع لم يعد مقبولًا    حسم الدوري.. التشكيل المتوقع لبيراميدز في مواجهة سيراميكا كليوباترا    الاتحاد الأوروبي يدعو إلى وقف نار فوري ومستدام في غزة    ضبط 220 كيلو حشيش و900 ألف قرص مخدر خلال يوم    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    بطعنة في الرقبة.. زوج يُنهي حياة زوجته بالشرقية    افتتاحات مرتقبة لقصور الثقافة في القاهرة وسوهاج وسيناء    هل يوقع أحمد الشرع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل؟    ُصرف غدا.. شيخ الأزهر يوجّه بمنحة عاجلة لهذه الفئة    غدا.. انطلاق مؤتمر قصر العيني الطبي بمشاركة دولية واسعة لرسم مستقبل الابتكار الصحي"    الزمالك يفقد خدمات الجفالي في نهائي كأس مصر    رئيس رابطة محترفي الاسكواش عن اعتزال علي فرج: كان سفيراً حقيقياً للرياضة    بايرن ميونخ دون صفقات قبل كأس العالم للأندية    لمواجهة الفكر المتشدد.. "أوقاف الفيوم" تنظم دروسًا منهجية للواعظات    «المنشاوي» يفتتح تطوير الصالة المغطاة بالقرية الأولمبية بجامعة أسيوط    البنك المركزي النيوزيلاندي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثانية    الصحف العالمية اليوم.. ترامب يبعث رسالة تحذيرية ل نتنياهو بشأن محادثات ايران النووية.. "الخلاف الأول"إيلون ماسك يعلق علي قانون ضرائب ترامب..وعمدة لندن يدعو إلى إلغاء تجريم الماريجوانا جزئيًا..ومجتمع السود سببا    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    رئيس مدينة رأس غارب يعقد اللقاء الدوري مع المواطنين لتلبية احتياجاتهم    مقطوعات من التراث العربي والفلسطيني فى افتتاح مهرجان روتردام للفيلم العربي    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الغارة الجوية الإسرائيلية على صنعاء    إبراهيم سرحان: مشاركة إي فاينانس في كايزك 2025 تستهدف دعم الشمول المالي واستدامة المجتمع الرقمي    «نقيب المعلمين» يكلف بدعم معلمة اعتدت عليها طالبة بالهرم    دار الإفتاء توضح أفضل الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة.. ذكرٌ وصيامٌ وتهليل وأضحية    عبد الواحد السيد يتولى الاشراف على ناشئين الزمالك بشكل مؤقت    الهيئة العامة للتأمين الصحى توقّع اتفاق تعاون مع المركز الفرنسى للأورام «جوستاف روسى»    الصحة تنظم يوماً علمياً بمناسبة اليوم العالمى لمرض التصلب المتعدد لتعزيز الوعى    «تمريض بني سويف» تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    البليهي يرحب بالرحيل عن الهلال    زيلينسكي يقترح عقد اجتماع ثلاثي مع ترامب وبوتين    60 نصيحة من دار الإفتاء لاغتنام أكبر ثواب فى العشر الأوائل من ذى الحجة    ما بين القاهرة وهلسنكى: الفنانات المصريات وهموم الإنسانية    صندوق النقد يحث مصر بتقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة بخطوات بسيطة    إعلام حوثي: الاحتلال الإسرائيلي شن 4 غارات على مدرج مطار صنعاء وطائرة للخطوط اليمنية    الإسكان: إعادة فتح باب تلقي طلبات توفيق الأوضاع في منطقة الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    إصابة عامل بطلق ناري عن طريق الخطأ بسوهاج    محامي نوال الدجوي يروي تفاصيل محاولة الحجر على موكلته وطلب حفيدها الراحل الصلح    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. ذهب مع الريح!
نشر في التحرير يوم 14 - 01 - 2015

أبهرت مصر العالم بثورتها، فمد يده إليها بالمساعدات، لكن عطاء هذه المساعدات ذهب مع الريح! فالمساعدات سقطت فى ثقوب الاقتصاد المصرى، التى تتنوع بين الفساد إلى جهل الإدارة وترهلها! ومن الثقوب التى نشير إليها فى هذا المقال ما نسميه «أنيميا التجارة الخارجية»، وهو مرض حاد مزمن تظهر أعراضه فى العجز المستمر فى ميزان التجارة السلعية.
وعلى الرغم من خطورة أنيميا التجارة الخارجية فإن صناع السياسة الاقتصادية إما أنهم يتجاهلون المرض، وإما أنهم يجهلونه! وليس العجز مرتبطا بعدم الاستقرار الأمنى والسياسى المصاحب لسنوات الثورة، فالأرقام تشير إلى أنه زاد من 34 مليار جنيه عام 2001 ليبلغ 187.5 مليار جنيه فى عام 2010. أى أنه زاد بنسبة 550% خلال عشر سنوات! فهل تتوفر لدى الحكومة استراتيجية لمكافحة أنيميا التجارة الخارجية ؟ أشك كثيرا.
ومن الضرورى أن ندرك أن الاستهلاك المحلى هو المحرك الرئيسى للنمو الاقتصادى فى مصر، وهو ما يعنى أن النمو يتحقق بزيادة السكان، وبزيادة النقود المتداولة، وليس عن طريق زيادة الاستثمار أو التصدير، ولذلك فإن مؤشرات النمو لا تعكس المستوى الاجتماعى أو تحسن نوعية الحياة للمواطنين. ويجب أن ندرك كذلك أننا نصبح كل يوم أكثر اعتمادا على الخارج فى سد احتياجاتنا الاستهلاكية، وهذا يعنى أننا ندفع من أموالنا نسبة أكبر للمنتجين أو الموردين الأجانب الذين نستورد منهم ما نحتاج إليه من سلع. ومن المدهش أن صناع السياسة الاقتصادية لا يهتزون لأرقام خطيرة تكشفها معاملاتنا مع الخارج، كأنهم بذلك يحاولون البرهنة على صلابتهم!
وتظهر الأرقام التقديرية لمعاملاتنا الخارجية فى السنة المالية الأخيرة 2013/2014 صورة شديدة الكآبة عن قدراتنا الإنتاجية المتدهورة، وعن زيادة اعتمادنا على الاستيراد من الخارج فى كل القطاعات السلعية بلا استثناء، بما فى ذلك القطن الخام ومنتجاته، والنفط الخام ومنتجاته! نعم تظهر الإحصاءات أن الميزان التجارى فى السنة الأخيرة سجل عجزا فى ميزان الطاقة بقيمة 794 مليون دولار مقابل فائض بقيمة 899 مليون دولار فى السنة السابقة 2012/2013. كما سجلت الإحصاءات عجزا فى ميزان الحبوب السلع الغذائية (8.3 مليار دولار)، وفى ميزان القطن والمنتجات القطنية (968 مليون دولار)، وفى ميزان الكيماويات والأسمدة (2.7 مليار دولار)، وفى ميزان الآلات والأجهزة الكهربائية (4.8 مليار دولار)، وفى ميزان المعادن والمنتجات المعدنية (3.6 مليار دولار)، وفى ميزان المركبات ووسائل النقل (4.2 مليار دولار)!!
أين هى إذن قدراتنا التنافسية فى مجالات الإنتاج المختلفة؟ الأرقام التى لا تكذب (محسوبة بالسعر الرسمى للدولار وليس بأسعار السوق) تصدمنا بعنف وتقول لنا بقسوة: أنتم فاشلون، أنتم تأكلون وتلبسون وتركبون من إنتاج الغير، وتستوردون كل ما تحتاجون إليه من الخارج! السادة الذين يتحدثون عن استراتيجيات للتنمية، وعن مضاعفة الصادرات، وعن زيادة القدرات التنافسية للمنتجات المحلية إما أنهم يخدعون أنفسهم، وإما أنهم يجهلون حقائق الأمور.
ومن الخطير أننا فى السنة المالية الجديدة لا نبدو أحسن حالا من السنة الماضية. نعم، فالمؤشرات الرسمية تشير إلى أننا نتحرك من سيئ إلى أسوأ. الإحصاءات الرسمية تقول إن العجز فى الميزان التجارى زاد بنسبة 29% فى الأشهر الثلاثة الأولى من السنة المالية 2014/2015، ليبلغ 9.7 مليار دولار، وهذا يعنى أننا نكد ونعمل ونقترض ونحصل على مساعدات ونربط الأحزمة ونعانى، من أجل أن نسدد للمنتجين الأجانب فواتير الاستيراد. إننا ندفع نسبة متزايدة من إيراداتنا للمنتجين الأجانب، لكى يزيدوا استثماراتهم، ومصانعهم، وعمالهم، وذلك بدلا من أن نستخدم هذه الإيرادات فى زيادة الاستثمارات المحلية. إن كل مليون دولار ندفعها فى تمويل الواردات تعنى بالنسبة إلينا التضحية بما يقرب من 70 فرصة عمل، وهذا يعنى أن تحقيق توازن الميزان التجارى بما يقضى على العجز البالغ نحو 25 مليار دولار يمكن أن يضيف إلى الاقتصاد المصرى ما يقرب من مليونى و770 ألف فرصة عمل، بافتراض أن تكلفة فرصة العمل تبلغ فى المتوسط 100 ألف جنيه!
إن مصر، وهى تضحى بدماء أبنائها فى الحرب على الإرهاب، يجب أن تعلم أن الحرب على الفقر والبطالة والفساد لا تقل خطورة. ومهما كانت مرارة التضحيات، فإن العائد منها سيتضاءل إذا لم ننجح فى إدارة الاقتصاد بما يؤدى إلى تقليل اعتمادنا على الآخرين، وزيادة اعتمادنا على أنفسنا. إن اعتماد مصر على المساعدات الخارجية زاد فى السنوات الأخيرة إلى معدلات غير مسبوقة، إذ حصلت الخزانة منذ قيام ثورة يناير حتى الآن على مساعدات خارجية تصل إلى ما يقرب من 200 مليار جنيه، أى ما يعادل 10% من إجمالى الناتج المحلى للبلاد. وترافقت هذه المساعدات مع زيادة هائلة فى التمويل بالعجز عن طريق الاقتراض من الجهاز المصرفى المحلى. ولن تكون مصر أبدا فى مأمن وهى تقترض لكى تأكل وتلبس وتشرب وتتنقل! مصر فى حاجة إلى الاعتماد على نفسها. وقد برهنت السنوات القليلة الماضية، أن المساعدات الخارجية الضخمة التى حصلنا عليها، ذهبت مع الريح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.