وقّعت وزيرة الدولة للتطوير الحضاري والعشوائيات، الدكتورة ليلى إسكندر، أمس الإثنين، بروتوكول تعاون بين الوزارة، والهئية القومية لسكك حديد مصر والشركة القابضة للسكك الحديدية، بحضور محافظ الجيزة لتطوير منطقة سكان عشش السكة الحديد. "التحرير" التقت مع عدد من الأهالي لرصد معاناتهم اليومية ومطالبهم وموقفهم من قرار تطوير مساكنهم القديمة، حيث أفاد البعض بأن هذا القرار يعرض أغلبهم للظلم الشديد بسبب "توزيع المساكن الجديدة البديلة بشكل عشوائي"، حسب وصفهم. علب سردين أمال فهمي أحمد، واحدة من الأهالي تقول: "عاوزين يخلونا نسيب بيوتنا ونقعد في علب "سردين"، وأشارت إلى أن المحافظة أنشأت عمائر جديدة لتسكين أهالي العشش على مرحلتين، الأولى تمت بالفعل ووزعت الشقق على الأهالي، بمساحة 65 مترا ، وفى المرحلة الثانية 49 مترا، وتصمت للحظات، لتكمل في صوت به شيء من الحسرة : "هدو بيتي ومادونيش شقة". وتعيش صاحبة ال50 عاما في عشة عبارة عن مجموعة من الأخشاب، يتخللها أشعة الشمس في فصل الصيف، وطلقات البرودة الشديدة في الشتاء، ولا يتعدى عرضها عن الثلاثة أمتار. تأوى هذه الأخشاب أسرة مكونة من خمسة أفراد، ولكن بعد هدم "العشة" تشردت "آمال" لتقطن مع أشقائها في بولاق الدكرور، وتقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل.. أنا علشان ماليش دهر بقيت في الشارع". زنا المحارم وبداخل عشة أخرى مبنية من الطوب اللبن، لا يزيد طولها عن المترين، يخرج "خلف علي"، شاب في القعد الثاني من عمره، ويقول: "زنا المحارم منتشر وسط سكان عشش السكة الحديد"، مشيرًا إلى أن أغلب الأسر تتكون من خمسة أفراد شباب وفتيات في سن المراهقة ينامون في فراش واحد. يُخرج "علي" صورة من العقد الذي سملته الحكومة للأهالي، ويقول: "العقد ليس به بنود تضمن حقوق الاهالى، فمن ضمنها أن الشخص لا يستطيع تملك الشقة، ورغم أن مدة العقد 59 سنة، إلا أن الشخص عليه دفع إيجار لا يقل عن ال160 جنيها، في حالة تأخره عن دفع هذا الإيجار يتم طرده خارج الشثقة". "أنا مش همشي من العشة ولو على جثتي".. كلمات قالتها "سماح نصر"، الفتاه العشرينية، وهي تقف بجوار والدتها المسنة، وتقول: بيتنا هنا مساحته لا تقل عن 150 مترا، وعايشة أنا وإخواتي البنات المتجوزين "، وتشر إلى أن مساحة الشقة المعروضة لا تمسح بحياة آدمية لثلاثة أفراد، وتسائلت: "إزاي أنا وجوزي وإخواتي البنات وجوازهم نعيش في علبة سردين". استغلال علني وتضيف "سماح"، "إحنا هنوافق لو إدو كل أسرة شقة"، مشيرة إلى أن هناك "أناس أغراب يستغلون المنطقة في الحصول على شقق، فهم من الأغنياء تركوا المنطقة منذ أعوام، ويعشيون حياة مترفة في شقق تمليك، وحال علمهم بقرار الحكومة، جأوا مرة أخرى ليعيشوا في العشش المغلقة منذ أعوام ويتحصلوا على شقة". وقالت "إن المحافظة وزّعت الشقق على أساس أن الأرملة التي تعول أسرة صغيرة لها شقة مساحتها لا تزيد عن أوضة وصالة، أما الأسر المكونة من خمسة أفراد فأكثر فلهم شقق غرفتين وصالة". "لو أنا موت ولادي يروحوا فين؟".. سؤال طرحة "شاكر فريد"، رجل تركت سنوات عمره الأربعين أثرها على وجهه الشاحب المليء بالتجاعيد، ويقول: "عاوزين نعيش حياة آدمية"، ويشير إلى أن أهالي عشش السكة الحديد يقضون حاجتهم في الملاء، لعدم وجود حمامات أو صرف صحي. وأضاف: "لما علمت بقرار الحكومة فرحت فرحة عارمة ولكن تبدلت الفرحة بعدما علمت أن اسمي ليس من ضمن مالكي الشقق. وتابع: "أنا زي غيري من سكان المنطقة وماخدناش شقة".