بسهولة شديدة تستطيع تمييز مضيفات «مصر للطيران» من بين مضيفات العالم فى أى مطار.. وفى الطائرة ستدرك الفرق ما بين الفراشة والنحلة، وما بين الضيافة والتطفيش.. وما حدث لمضيفات «مصر للطيران» بعد 80 سنة هو نفس ما حدث لممرضات «قصر العينى».. الممرضة كانت ملاك رحمة، التمريض هو رسالتها الإنسانية أكثر منه وظيفتها.. فأصبح مظهرها الشافى للنفس صورة قديمة، لأن بقشيشها هو سيدها.. أما «مصر للطيران» قبل الخصخصة وكروت التوصية، وإسقاط شرط الشهادات وقسوة الاختبارات لاختيار طاقم الضيافة.. فقد أصبحت مهنة الشوبنج والبزنس والفسحة.. وراكبها المصرى هو زبون رذل. واسمعوا حكاية الرحلة رقم 996 ، المقرر لها الوصول إلى القاهرة من تورنتو بكندا فجر الأحد 28/12.. والتى حملت لقب رحلة الحمامات! شددت التعليمات على الوجود فى المطار قبل موعد القيام بثلاث ساعات، لأن الطائرة مزدحمة.. التزم المسافرون وأنهوا الإجراءات، وانتظروا نداء التوجه للطائرة لأكثر من ثلاث ساعات دون إعلان الأسباب، أو اعتذار الشركة أو استضافة الركاب تعويضا عن التأخير.. بدأ صراخ أطفال أكثر من أسرة، وساد الإجهاد والقلق خصوصا بعد تسرب خبر أن تواليتات الطائرة -المراحيض- كلها مسدودة، والفنيون يحاولون تسليكها!! وأخيرا أعلنوا المفاجأة السارة، وهى قيام الطائرة.. فتصور الركاب أن الطائرة سليمة. بعد ربط الأحزمة أعلن الطيار أن الحمامات لا يوجد بها مياه ولكن القواعد شغالة!!.. يعنى تدخل بيت الراحة وتاكل وتنام وتصحى 12 ساعة لكن ماتغسلش إيدك!!.. اعتمادا على أن المصريين متعودين على قطع الميه وعلى القذارة.. ولكى يحلف المهاجرون إنهم مايرجعوش وطنهم أبدا.. ويتجنب الأجانب اختيار شركة مصر للطيران .. ثم أذاعت الطائرة دعاء السفر، اختارت دعاء يعدد كل أنواع مصائب السفر من سقوط الطائرة إلى انفجارها واحتراق ركابها فى الجو، بدلا من إذاعة آية تبعث السلام فى النفوس. وكأن الشركة تريد إقناع الركاب أن التأخير وانسداد البالوعات ليس بسبب إهمال أو سوء صيانة، بل هو حادث قدرى للخير يجب تقبله بصبر وشكر لله، ول مصر الطيران ، لأنها لم تلغ الرحلة!! ساد الركاب صمت القلق والرعب.. وأسرع المضيفون بتوزيع وجبات الطعام، وكان واضحا من فساد الفاكهة أنها ظلت فى الطائرة ساعات التأخير وتسليك البالوعات.. دقائق وأطفئت الأنوار لتنويم الركاب والتخلص من إزعاجهم.. لكن الأمهات يحتجن إلى مياه دافئة لتحضير لبن الأطفال، جرس المضيفة لا يرد وكل طاقم الضيافة اختفى!!.. بعد جولة بحث اكتشفن مخبأ المضيفات اللاتى خلعن زى العمل وارتدين تريننجات النوم والراحة، باعتبار أن الرحلات الليلية هى للراحة، وتحلقن حول الطبيبة الشهيرة هبة قطب فى حوارات ممتعة بمطبخ الطائرة الخلفى.. لأن الحمام الأخير بالطائرة هو فقط الذى كان سليما وبه مياه، واحتفظن بهذا السر العظيم لأنفسهن فقط!! وأغلقن أجراس الركاب لعدم الإزعاج!! طلبت الأم مياها دافئة فاعتذرت المضيفة بأن المسؤولة بتصلى!!.. لكنها ستخدمها وتمنحها مياها معدنية لكن بعد شوية لعدم قطع الحوار الخاص الشيق!! بعد رحلة شديدة الإنهاك والتوتر للركاب فقط والأمهات والأطفال خاصة فوجئت الأمهات باختفاء كراسى أطفالهن المفروض قانونا تسليمها على باب الطائرة لتسهيل وتأمين تحركهم، بكل استهتار نقلوها مع الحقائب إلى صالة الوصول!!.. ولم يبادر طاقم الضيافة بتقديم أى مساعدة للأمهات حاملات الأطفال والحقائب الصغيرة. وهكذا قدمت شركة الطيران الوطنية أدلة التميز والانفراد فى سوء الخدمة والضيافة.. وقدمت إلى الأجانب والسائحين نموذجا لما ينتظرهم فى مصر من معاملة وخدمات!! أسعار تذاكر مصر للطيران هى الأغلى، والسبب الوحيد لاختيارها، ولارتفاع مبيعاتها أخيرا هو الخط المباشر للمسافات الطويلة فقط.. لكنها ستفقده لسوء الخدمة. كانت مصر للطيران أول شركة طيران فى الشرق الأوسط وإفريقيا، كانت السابعة عالميا.. وممكن أن تكون الأولى وليست الطاردة بمجرد استخدام أطقم ضيافة تعادل كفاءة الطيارين.