تشكل قضية الاقتباس والتأثر والحدود التى تفصلهما عن السرقة الفنية أمرا جدليا ما دام شغل المهتمين بالسينما المصرية. واعتدنا فى الأعوام الأخيرة على التغاضى عن بعض عمليات السرقة التى تتم بغرض إضفاء قيمة فنية للأفلام، خصوصا أن القائمين بمعظمها قد قصدوا أعمال غير مطروقة بكثرة، كقيام مؤلف بأخذ خط درامى من فيلم كورى، أو قيام مخرج بنقل طريقة تصوير وتكوين من فيلم أرجنتينى، أو ثالث بنسخ طريقة سرد فيلم إيرانى. التغاضى فى الحالات المشابهة للمذكور أمر غير أخلاقى، لكننا كمتابعين ومحللين نقوم به باعتباره أسفر عن عمل فنى معقول المستوى، وباعتبار الأصول غير متاحة لشريحة عريضة من الجمهور للمشاهدة والحكم. ولكن أن يتم الاقتباس من فيلم أمريكى مشهور واسع الانتشار فى مصر، وأن يتم النقل حرفيا وبشكل مبتذل يسىء إلى الأصل فإنك ستكون أمام جريمة فنية مكتملة الأركان.
أقصد هنا بالطبع فيلم «أنا ونفسى وأيرين» للمخرجين بوبى وبيتر فيرلى، وبطولة النجم جيم كارى، الذى قام صناع فيلم «يا انا يا هوه» بنقل تيمته وصراعه الرئيسيين، القائمين على صراع شخص طيب مع آخر شرير يعيش داخله وينافسه على الظهور، فمثل الفيلم الأمريكى يلعب الممثل نضال الشافعى دور صحفى مسالم يعانى من اضطهاد الآخرين له، وكذلك من معاناته من فصام يخلق شخصية أخرى قاسية تظهر ليلا لتتعمد إفساد حياته وعلاقته بالفتاة التى يحبها، ريم البارودى.
النقل لم يكتف بالشخصيات والمشاهد بل امتد إلى طريقة التصوير وقطع اللقطات لمشاهد أبرزها مشهد الشجار بين البطل ونفسه والمنقول حرفيا من الأصل الأمريكى، مع تحويل كوميديا «الفارص» القائمة على المبالغة اللفظية والحركية التى يشتهر بها جيم كارى إلى «فارص» على الطريقة المصرية يحاول فيه بطل الفيلم نضال الشافعى أن يكون نسخة مجمعة لمحمد سعد وأحمد مكى مع كثير من التطجين اللفظى والتشنج الحركى ليقدم ببراعة الشخصية الدرامية الأكثر إزعاجا خلال القرن الجديد!
وسيمر فيلم «يا انا يا هوه» مرور الكرام مثل كثير من الأفلام المشابهة، التى لا يتذكرها الجمهور إلا عندما تعرض كل فترة. ولكن الذى لا يجب أن يمر دون الإشارة إليه إنه لا يمكن بأى حال فى عام 2011 أن يقوم صناع فيلم بسرقة عمل عالمى شهير دون الإشارة إلى مصدرهم دون أن يدينهم النقاد، وإنه على من يسرق أن يحاول احترام الأصل وعدم تشويهه. وأخيرا على الممثل نضال الشافعى، الذى كان له أكثر من ظهور جيد فى أدوار داعمة أن يستفيد من تجربة ماجد الكدوانى، الذى تعامل بذكاء مع تجربة البطولة المطلقة الفاشلة فصار نجما يشار إليه بالبنان.