لم تبدأ علاقته بالكاميرا، منذ فترة طويلة، لكنها توطدت مع الأيام، وفرضت سطوتها على حياته، فأصبحت لا تُفارقه أبدًا، يقتنص بها الصورة ويُسجل بها الحكاية، ويحفظ بها تاريخ مدينته الجميلة، التي يعتبرها كنز مليء بالصور الفريدة، إنه الدمياطي، ممدوح أحمد، العاشق لتراب بلده، الذي قرر أن يحفظ تاريخها بعدسته الخاصة. نبتدي منين الحكاية ولد ممدوح بإحدى قرى مركز الزرقا التابع لمحافظة دمياط، درس العلوم وتخرج في عام 2005، ليعمل في مجال الدعاية الطبية بإحدى شركات الأدوية. ممدوح صاحب الثلاثين عامًا، بدأت علاقته بالكاميرا منذ سبع سنوات فقط، خلال رحلاته المتكررة لمتابعة الطيور المهاجرة ورصدها، وهي إحدى هواياته المفضلة، التي ساعدته على تأمل الطبيعة، ومع الوقت خلقت بداخله رغبة في توثيق هذه الظاهرة، وتصوير الطيور خلال رحلاتها المتكررة، ليبدأ بالفعل في ذلك، ومع الوقت توسع الأمر وفرضت الكاميرا سطوتها على حياته، فأصبحت دون أن يدري شريكته الأولى في كل ما يعيشه. ووقع ممدوح في غرام التصوير بشكل لافت للانتباه، فقرر أن يُنمي موهبته بالدراسة، لكن وللأسف ولأنه لا توجد دراسة تصوير متاحة في مصر لجأ إلى الشبكة العنكبوتية، فمن خلال مصادر الإنترنت المختلفة استطاع ممدوح أن يُطور من نفسه ويتعلم أصول التصوير ويُطبقها. دمياط الجميلة الفاتنة تختلف عن كل المدن، فكانت طريق ممدوح الأنسب والأقصر لدخول عالم التصوير من أوسع أبوابه، فطبيعتها الساحرة، وشوارعها الغنية بالحكايات، وأسواقها المزدحمة بالحرف التاريخية كلها تفاصيل لا يمكن أت تغفلها عين مصور محترف، فهي على حد وصفه،بيئة خصبة للتصوير لم يهتم أحد بتوثيق تراثها ومظاهر بيئتها من قبل إلا نادراً، لذلك قرر هو أن يبدأ، ويُسجل كل تفصيلة صغيرة في الحياة الدمياطية، فراح يرصد وجوه أهلها، ويُسجل بكادره حرفهم المتنوعة، ويحفظ في أرشيفه قطعًا غالية من طبيعتها الخلابة. السر في الحدوته لكي تنتبه عين ممدوح لمشهد ما لا بد أن يحمل في طياته قصة، حينها لا يتردد في الضغط على زر الكاميرا والتقاط صورة تحمل في تفاصيلها حكاية، بروايات مختلفة، فالصورة القصة التي تحمل مغزى وتمتلك هدفًا هي الوحيدة القادرة على امتلاك ممدوح، وهذا ما وجده بالفعل في شوارع دمياط ودفعه لتوثيق أنشطتها المختلفة. عندما سألنا ممدوح، عن أفضل صورة في أرشيفه، وجد السؤال صعبًا، فلكل صورة تحمل توقيعه حكاية مختلفة عن غيرها، وحكايتها تجعلها أفضل صورة بالنسبة لديه حتى لو لم تكن قوية فنيًا، ولأن أرشيفه زاخر بالحكايات ولكل حكاية طعمها لا يمكن أبدًا أن يفضل حكاية عن الأخرى، فكل حكاياته هي الأفضل دومًا. هل توجد صورة رديئة؟ سؤال وجهناه لممدوح فقال، الصورة الردئية في رأيي هي التي لا تقوم بتوصيل المعنى الحقيقي الموجود في الواقع، وهذا غالبًا يحدث عندما أرى صورة تم تعديلها أو تعديل ألوانها بشكل مبالغ فيه يتنافى مع الواقع، حينها ترفضها العين والعقل معًا، أما الصورة الحقيقية حتى لو بها خطأ فني لا اعتبرها عن نفسي رديئة، لكنني أراها خطوة في طريق الوصول للصورة الجيدة المثالية. الفيسبوك يُساعد على الانتشار واكتساب الخبرة الفيسبوك حقق انتشارًا واسعًا لممدوح وزملائه من محبي التصوير في دمياط، عرّف المجتمع الدمياطي بهم وجعلهم يكتسبون روادًا يومًا بعد يوم، فهل استفاد منه ممدوح بالشكل المطلوب أم عرضه لسرقة الصور والأفكار؟ ويُجيب ممدوح على هذا السؤال قائلًا، لقد ساعدني الفيسبوك كثيرًا في نشر الاهتمام بفن التصوير بدمياط، والتواصل مع معظم المصورين، وإتاحة الفرصة للجميع لعرض إنتاجه ومناقشة أعماله وتبادل الخبرات، فلقد كان الفيس بوك هو الوسيلة السهله للتواصل ونشر الأعمال والاستفادة من انتقادات البعض من أصحاب الخبرة، لذلك هو مهم بالنسبة لي على وجه الخصوص، أما فيما يتعلق بموضوع سرقة الصور والأفكار فأنا لا اهتم به، لأنني أمارس التصوير كهواية وليس من أجل جمع المال، وأي شخص يقوم بسرقة صوري يؤكد نجاحي ويُثبت فشله، وبالمناسبة أكبر مصوري العالم ناردًا ما يضعون أسمائهم على صورهم، لذلك فالموضوع لا يشغلني. طريق النجاح يبدأ بخطوة من أهم الخطوات التي استطاع ممدوح أن يسلكها في طريقه نحو النجاح كمصور، هي نجاحه بمعاونة أصدقائه المصورين الدمايطه في وضع جر الأساس لأقوى تجمع تصوير في دمياط والذي يحمل عنوان، عدسة دمياط، وهو التجمع الذي نجح في اكتساب ثقة الشارع الدمياطي، فاختلط به وأصبح عادي بالنسبة لللمواطن البسيط أن يرى مصورًا يطوف في شوارع المدينة ليرصد بعدسته مظاهر الحياة فيها، فالأمر وإن كان غريبًا في بدايته إلا إنه ومع الوقت نجح فريق العدسة في جعله عاديًا، وهذا من خلال جولاته التصويرية المتعددة في شوارع دمياط المختلفة، ونجاحه في توصيل نشاطهم لجهات مسؤولة، كما نجحوا في مساعدة المجتمع المدني بشكل غير مسبوق. ويؤكد ممدوح أن نجاحه الشخصي يكمن في اكتسابه ثقة زملائه في عدسة دمياط لقيادة الفريق، وهو ما دفعه لتطوير نفسه والظهور بشكل لائق دائمًا، يبحث عن كل جديد في عالم التصوير ليُفيد به زملائه. هواية تتحول لاحترافية ويُجيب ممدوح على سؤالنا، هل من الممكن أن يتحول التصوير لديك من مجرد هواية إلى مهنة واحتراف؟، أكيد وأعتقد أن هذا يحدث بالفعل مؤخرًا، وأصبحت الظروف من حولي تتطلب ذلك، وأنا لديّ المرونة الكافية لتلك الخطوة. ياحلم مالوش نهاية يقول ممدوح ردًا على سؤالنا، إنت عاوز توصل لفين؟، أنا لا أرى نهاية لحلمي، فأحلامي بلا نهاية، لكنني أحلم أن أحقق شيئًا قويًا من خلال عدسة دمياط، وننجح جميعًا أنا وأعضاء الفريق في توثيق الحياة الدمياطية بكافة أشكالها، كما أحلم بأن استغل هوايتي في التصوير لخدمة بلدي وعمل شيء مفيد لها، كما أحلم بشكل شخصي أن أكون من أفضل مصوري مصر والعالم في يوم من الأيام ممكن يكون صعب بس مش مستحيل.