بعضهم ترك حياة الترف في أوروبا ليلتحق بتنظيم إسلامي متشدد اجتذب الأنظار إليه بزهوه وفخره خلال عمليات الذبح العلني للبشر المختلفين معه.. منهم من كان جنديا في جيش بلاده وآخرون مرتزقة يكسبون عيشهم على دماء الآخرين دون أن ينهكوا عقولهم للتفكير في براءة ضحاياهم أو عدمها.. الإيمان أو المغامرة وجهان لعملة واحدة قادت أصحابها لمصير يندم عليه كثيرون منهم ويحمل كثيرون غيرهم في النفوس ما هو أكبر من حصر الحرب في بلاد الشام والعراق.. العودة مرة أخرى إلى أوروبا.. عنوان تصدر الصحف، بعدما بدأ العديد من جنود داعش الأجانب حزم حقائبهم.. من جاء من بريطانيا يعود إليها وهكذا الحال مع من انطلق قبل أشهر من الدنمارك وفرنسا والنمسا وغيرها من الدول - ربما هو فرمان من أبو بكر البغدادي الوريث الشرعي لأبي مصعب الزرقاوي الذي يعود إليه تأسيس التنظيم عام 2004 لمكافحة احتلال أمريكا للعراق – في خطوة لنشر خلافته المزعومة على نطاق جغرافي أوسع.. عودة جنود داعش الأجانب.. مسألة تنظر إليها أوروبا كلها بريبة وقلق، وترتيبات وقائية كأن وباءا لا علاج له سيجتاح دولهم قريبا، فالإرهاب الذي لطالما سمعوا عنه وشاهدوا على شاشات التلفاز بمنطقة الشرق الأوسط و"الواق واق"، قد ينتقل إليهم بجسده الحي دون حواجز أو فواصل.. في أوائل الشهر الجاري، عقد وزراء الداخلية والعدل الأوروبيين في لوكسمبورج، عدة اجتماعات وكان ملف المقاتلين الأجانب بصفوف داعش والعائدين لبلادهم بعد فترة من الحرب أحد أبرز الموضوعات المطروحة. وقال الاتحاد الأوروبي إنه يتوقع عودة أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب من سورياوالعراق إلى دول أوروبا تحت تأثير الضربات الجوية التي توجه حاليا إلى تنظيم داعش من جانب طيران دول التحالف الدولي، مشددين على الاستعداد المسبق لعودة هؤلاء، كما اتفق الوزراء على تدابير وقائية لضمان أن تكون عودة هؤلاء تحت مجهر السلطات الأمنية الأوروبية ورصد تلك العودة لتفادي أي أعمال إرهابية محتملة. وقالت الرئاسة الإيطالية للاتحاد الأوروبي على لسان وزير الداخلية أنجلينو ألفانو إنه لا بد من تعزيز عمل وكالة الشرطة الأوروبية في هذا الصدد، وأضاف: "نحن نريد المضي قدما في تنفيذ فكرة إنشاء فريق متعدد الجنسيات يتبع لوكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) سيكون بمثابة نقطة اتصال في إطار مكافحة الإرهاب مع التركيز على ملف المقاتلين العائدين، ويضم الخبراء المتخصصين في التعامل مع المقاتلين الأجانب ومراقبة مواقع الإنترنت". وقال جيل دي كيرشوف المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب إنه يتوقع عودة أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب إلى أوروبا من سورياوالعراق بفعل تأثير الضربات الجوية، وعلى أوروبا أن تكون على استعداد لمواجهة هذه العودة وتداعياتها. وفي وقت لاحق من الشهر ذاته، قال جهاز المخابرات الدنماركي (بي.إي.تي)، إن الدنمارك تواجه تهديدا كبيرا من مواطنيها العائدين من سورياوالعراق وهما الدولتان اللتان ذهب إليهما 110 دنماركيين للقتال مع جماعات متشددة مثل تنظيم الدولة. وأضاف الجهاز أن 16 شخصا على الأقل ممن ذهبوا إلى سورياوالعراق من الدنمارك قتلوا في المعارك، وأن نحو نصف عدد من سافروا إلى هناك عادوا إلى البلاد. والدنمارك واحدة من دول أوروبية غربية تكافح لوقف انتشار التطرف بين شبانها المسلمين ومنعهم من أن يتحولوا إلى مقاتلين متشددين في سوريا أو العراق خشية أن يشنوا هجمات في الداخل بعد عودتهم. وفي خطوة استباقية لتجنب نقل الحرب إلى أراضيها، أرسلت الدنمارك 7 مقاتلات من طراز إف-16 إلى العراق، في إطار تحالف تقوده الولاياتالمتحدة الآن وينفذ ضربات جوية ضد تنظيم الدول، وهو الأمر الذي أثار مخاوف من مواجهة أعمال انتقامية في الداخل. وقال مصدر أمني إنه لم يحاكم أحد من العائدين لأن السفر إلى سورياوالعراق غير قانوني لكن تجرى مراقبتهم بمعرفة الجهاز. فرنسا ليست ببعيدة عن هواجس ومخاوف عودة إرهابيي داعش ممن يحملون جنسيتها، فقد حذر وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، من خطورة عودة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأوروبية، لافتًا إلى أن هناك تعاونا مهما مع الدول العربية في هذا الإطار. وأوضح كازنوف في تصريحات لفضائية "سكاي نيوز عربية " أن كل الدول بمنطقة الشرق الأوسط تدرك جيدًا خطورة العناصر الإرهابية، مشيرًا إلى أن دول المنطقة تتشاطر مع أوروبا المخاوف بشأن انتقال العنف.