قال الله سبحانه وتعالى بلسان الحق: «قل لا أسألكم عليه من أجر إلا المودة فى القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا..» (آية 23 الشورى). جاء فى تفسير هذه الآية فى أكثر من موضع، كتفسير النسفى والخازن والقرطبى، أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: على وفاطمة وأبناؤهما.. ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة، وأحبونى لحب الله إياى، وأحبوا آل بيتى لحبى» رواه الترمذى.. فيتضح من الآية والحديث إلزام المؤمن الحق بحب وود آل البيت دوماً.. وأهل البيت المحمدى هم فى كل عصر أكابر الأولياء لأنهم امتداد لنور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن تكريم المولى سبحانه وتعالى لهذا النور الذى فيهم يظهر الله تعالى من الكرامات ومن خوارق العادات على أيديهم مثل شفاء الأمراض المستعصية لبعض الناس الذين يريد الله لهم ذلك، والبشر والسعادة بمعرفتهم، ومثل إجابة الدعاء وتفريج الكرب. والولى لا يحدد من يأتى إليه ومن لا يأتى إليه، فأمر الزيارة مفتوح لجميع الناس، البر والفاجر والعالم والجاهل والفتى والفقير ومن ترتدى النقاب ومن لا ترتديه، ومن تلبس ملابس ذات وصف كذا، كل هؤلاء عباد الله لا يفرق بينهم الشيخ الولى لأنه عارف بالكتاب والسنة، قائل بهما فى ظاهره، متحقق بهما ضمن أسراره، يراعى حدود الله، قائم بمراسم الشريعة، مشفق على الأمة، لا يمقت أحداً من العصاة، يحب ما أحب الله ورسوله ويبغض ببغض الله ورسوله، لا تأخذه فى الله لومة لائم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يسارع فى الخيرات، يوقر الكبير ويرحم الصغير، جوده مطلق على الناس، هين لين لأنه جزء من الرحمة المحمدية. وقد أوضح الشيخ صالح أبو خليل، فى كتابه «كشف الغطاء» تحت عنوان كبار الأولياء من آل البيت وكرامتهم.. الدليل والبرهان: من السنة الكونية أن يظهر الله تعالى فى كل عصر من يجدده بخوارق العادات، فتظهر على يديه الكرامات إكراما منه سبحانه وتعالى ليلفت القلوب إليه ويجتمع الناس على حبه لكى يستطيعوا استقبال نور الهداية من روحه الشفافة فترقى أرواحهم فى سماء المعرفة بالله تعالى، ويتم تقويم المعوج من العصاة حتى يصبح من قمم المطيعين لله رب العالمين.. والكرامة يجب الاعتقاد بأنها من فعل الله تعالى، وليست من فعل الولى، ولكنها ظهرت على يده لا بقصد المتاجرة أو المفاخرة وإنما الهدف القدرى منها أنها تجدد الروح الدينية فى العصر المادى وتستميل العصاة نحو المتاب والرجوع إلى الله الوهاب، وما من كرامة لولى إلا وهى فى نفس الوقت معجزة للنبى الذى اتبعه الولى، فكل من الكرامة والمعجزة تشترك فى أنها من عند الله تعالى إيجادا، فالمعجزة الهدف منها بث الإيمان فى قلوب الكفار، ولكن الكرامة الهدف منها أن يتوب العاصى ويزداد المطيع طاعة وإنابة. والولى الشيخ يجلس مع مريديه وأحبابه على الأرض يذكرون ذى العرش العظيم بالذكر الدائم بقول «الله.. الله» وقول «لا إله إلا الله» وهو أشد حياء من الله، ودائما يقول أنا الفقير إلى الله وله سكن عادى بين إخوانه وينتقل بسيارة عادية موديل قديم يراها الناس أجمعون، ولحبهم الشديد له يلتفون حوله، ويروى عن أحد العارفين بالله من العلماء والعاملين أن الناس كانت تلتف حوله وتتمسح فيه، فسأله أحد الناس لماذا لا تمنع هؤلاء؟ فقال: أمنعهم من التمسح بحلية حلا فيها وبها الله. واعلم يا أخى أن كل عصر له رجاله، والله تعالى يفعل ما يشاء ويعطى من يشاء متى شاء وفى أى مكان شاء، ولا حرج على فضل الله، وتدبر جيداً قول الله تعالى «ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً..» (آية 17 الكهف). وتدبر أيضا قصة المستضعفين الذين أسلموا بمكة وصدهم المشركون عن الهجرة فبقوا بين أظهرهم مستذلين مستضعفين يلقون منهم الأذى الشديد من الرجال والنساء والولدان، ماذا قالوا؟ قالوا: «ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً..» (آية 75 النساء)، فالولى هو الناصر لعباد الله الضعفاء بأمر الله تعالى. عبد الباقى محمد المحامى من أبناء الشيخ صالح أبو خليل شيخ الطريقة الخليلية