وزير الخارجية والهجرة يلتقي بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    الرئيس السيسي يوجه بمُواصلة العمل على تطوير أداء شركات قطاع الأعمال    «تنظيم الاتصالات» يعلن موعد بدء التشغيل الفعلي لخدمات الجيل الخامس    غزة والبحر الأحمر وسوريا.. مشاورات سياسية بين وزيري خارجية مصر وإيران بالقاهرة    الأرض تنهار تحت أقدام الانقلاب.. 3 هزات أرضية تضرب الغردقة والجيزة ومطروح    اتحاد الكرة يعلن تفاصيل اجتماعه مع الرابطة والأندية    وكيل تعليم كفر الشيخ: ضبط 3 حالات غش وإحالة رئيس لجنة وملاحظ للتحقيق    والدة إبراهيم شيكا.. الرحمة يا ناس!    أضرار الإفراط في تناول الحبهان، أبرزها حرقة المعدة وتغيير الهرمونات، وأخطرها الإجهاض    وزارة النقل: مركز تحكم للرقابة على الأتوبيسات الترددية    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمنيا تستعد لاستقبال عيد الأضحى.. تفاصيل    محافظ الإسكندرية: العاصفة أظهرت نقاط القوة والجاهزية لدى فرق العمل    كشف أسرار جديدة بواقعة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر.. فيديو    محمد مصيلحي يستقيل من رئاسة الاتحاد السكندري.. وأعضاء المجلس يتضامنون معه    التفاصيل المالية لصفقة انتقال جارسيا إلى برشلونة    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    وزير الخارجية: هناك تفهم مشترك بين مصر وواشنطن حول الأولوية الكبرى للحلول السياسية السلمية    وزير الخارجية: مصر أكثر طرف إقليمي ودولي تضرر من التصعيد العسكري في البحر الأحمر    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    «مش هاسيب لأولادي كل ثروتي».. تصريحات مثيرة ل سميح ساويرس حول التوريث    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    دنيا سامي: مصطفى غريب بيقول عليا إني أوحش بنت شافها في حياته    «واكلين الجو».. 3 أبراج هي الأكثر هيمنة وقوة    دعاء يوم عرفة 2025 مستجاب كما ورد عن النبي.. اغتنم وقت الغفران والعتق من النار    ريوس يبرر خسارة وايتكابس الثقيلة أمام كروز أزول    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    التعليم العالي: غلق المنشأة الوهمية «الخبراء العرب للهندسة والإدارة»    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    كي حرارى بالميكرويف لأورام الكبد مجانا ب«حميات دمياط »    بدء الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة ملف التغيرات المناخية    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطيب وزقزوق
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 09 - 2010

لم يكن ينقص كل من فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ووزير الأوقاف الدكتور محمود حمدى زقزوق سوى أن يصفا «غزوة بدر الكبرى» ب«عركة بدر» أو «هوجة بدر»، وذلك فى سياق إنكارهما تسمية حروب الرسول، صلى الله عليه وسلم، ضد الشرك ب «الغزوات»، مؤكدين أن المسلمين لم يبدأوا أبداً بالعدوان على الآخرين وإنما كانوا فى حالة دفاع عن النفس، ويعنى ذلك أنهما يريان أن لفظ «الغزو» يعطى دلالة على «الاعتداء»، وبالتالى فلابد من تحرير التاريخ الإسلامى منه، وإعادة النظر فى خلع وصف الغزوات على الفتوحات التى حققها النبى صلى الله عليه وسلم.
وحقيقة الأمر أن استخدام لفظ الغزوات فى وصف حروب النبى لم يكن اجتهاداً من المؤرخين المسلمين بقدر ما كان انعكاساً لتوجه قرآنى ونبوى فى وصف معارك الإسلام. فالله تعالى يقول «يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا فى الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة فى قلوبهم والله يحيى ويميت والله بما تعملون بصير»، وقال النبى صلى الله عليه وسلم «‏ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثى أجورهم‏، وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم أجورهم». لقد ورد اللفظ إذن فى القرآن الكريم وفى السنة النبوية المطهرة، وبالتالى فهو ليس من اختراع المؤرخين القدامى، بل له أصل فى «الأصلين» الكبيرين اللذين نحتكم إليهما فى دين الله.
لقد كان من الممكن أن نفهم أن يحاول العالمان شرح المفهوم الحقيقى للغزو والغزوات التى خاضها النبى المجاهد صلى الله عليه وسلم، وتوضيح فكرة أن القتال فى شرع النبى وصحابته لم يكن من أجل قهر الشعوب والجماعات الأخرى على الدخول فى الإسلام امتثالاً لقول الله تعالى «لا إكراه فى الدين»، وإنما كان قتالاً من أجل رفع الظلم عن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان من أبناء هذه الشعوب والجماعات، إنه كان كفاحاً شريفاً وإنسانياً ضد هذه القوى الغاشمة التى تستذل الإنسان الذى أكرمه الله، والقرآن الكريم يشير إلى ذلك فى قوله تعالى «وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا». لقد كانت غزوات النبى دفاعاً عن الإنسان فى كل مكان من أرض الله، ذلك الإنسان الذى كرمه الله وأعزه ولا يرضى له أن يكون فريسة فى يد طاغية، وبالتالى فلم يكن يعنى المسلمون الذين جاهدوا مع محمد صلى الله عليه وسلم أن يزيد عدد من يدينون بدين الله، لأن الإسلام أكد أن القيمة بحال ليست للعدد «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة»، كذلك فقد كان النبى وصحابته مطمئنين إلى وعد الله بأن يظهر هذا الدين مصداقاً للآية الكريمة «هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون».
إذن، كان من الممكن أن نفهم أن يقوم شيخ الإسلام ووزير أوقافه فى بر المحروسة بشرح المعانى الحقيقية للغزو فى شريعة الإسلام دون أن يتأففا من الكلمة ويطالبا بإلغاء هذا الوصف من ذاكرة المسلمين بحجة أنه بوابة من بوابات اتهام الإسلام بالعنف، ومن المؤكد أن مثل هذه التصريحات التى يتلاقى فيها المسؤولون الدينيون تعد تمهيداً لإلغاء هذا الوصف من كتب التاريخ وكتب التربية الدينية، وهو ما يدعو إليه العديد من المؤسسات الغربية، لكن السؤال الذى يطرح نفسه: هل سيتم إلغاء هذا اللفظ- لا سمح الله- من نصوص القرآن والسنة؟!.
إن لفظ «غزوة» مشتق فى اللغة العربية من «غزو» والغزو يعنى الطلب أو القصد، مثل أن نقول «مغزى الكلام» أى المقصود منه أو ما يدل عليه، وبالتالى فكل طلب أو هدف فى الحياة هو غزو، أو كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقى «وما نيل المطالب بالتمنى.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا». وبالتالى فلفظ «غزوة» ليس سيئ السمعة كما يتصور الدكتور «الطيب» أو الدكتور «زقزوق»، واستخدامه فى وصف حروب النبى صلى الله عليه وسلم لا يضر بسمعة الإسلام إذا فهمنا المعنى الحقيقى للفظ وأنه دلالة على جهاد المسلم فى الحياة ومقاومته للظلم الذى يقع على الإنسان، بغض النظر عن دينه وموطنه ولونه وهويته . فالجهاد كلفظ دال على مجمل سعى المسلم فى الحياة، وليس على الحرب والقتال فقط، والنبى صلى الله عليه وسلم وصف الجهاد القتالى ب«الجهاد الأصغر» ووصف جهاد النفس ب«الجهاد الأكبر».
إن بعضاً من مسؤولينا ومثقفينا يظنون أن إلغاء الألفاظ التى ينظر إليها الغرب على أنها تعبير عن ثقافة العنف فى الإسلام، مثل الغزو والجهاد والقتال وغيرها، سوف تحقق لهم الرضا السامى فى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، رغم أن المسألة لا تتعلق إطلاقاً بلفظ، أو أكثر.
علماء المسلمين مطالبون بألا يضيعوا وقتهم «الثمين» فى مغازلة الغرب ومحاولة إرضائه، لأنهم يعلمون أكثر من غيرهم أنه لن يرضى عنهم بحال، والأولى بهم أن يوجهوا جهودهم إلى تأكيد المعانى الحقيقية للإسلام فى نفوس المسلمين حتى تنهض أمتهم، فبدلاً من التسرع بالدعوة لإسقاط لفظ «الغزو» أو «الجهاد»، وهى ألفاظ نص عليها فى القرآن الكريم والسنة، عليهم أن يشرحوا للناس معانيها الحقيقية والتأكيد على أن كفاح المسلم فى الحياة لا يرتبط بحمل السلاح والقتال فقط، بل يرتبط بتصحيح أوضاعه الحياتية حتى لا يقع فى فئة «الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا»، فالغزو والجهاد سعى من أجل إصلاح جوانب الاعوجاج فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والعلمية وغير ذلك من مجالات، هنالك فقط تتحقق كرامة الإنسان كما عبر عنها القرآن الكريم .. وكل رمضان وأنتم مصلحون!.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.