هل تنتظر المعجزة من المحكمة الدستورية؟ هل تتصور أن من أدخلك المتاهة سيترك لك فى مفترق الطرق خارطة الخروج؟ لا تنتظر الحل من مخرج مسرحية الاستبداد العائد. لا تفكر فى الرئيس القادم إن اكتملت انتخابات صممت على أن تصل بمن هو أسهل فى إعادة بناء الاستبداد. شفيق لن يستطيع إعادة النظام القديم. ومرسى هو ورقة خيرت الشاطر للحفاظ على التنظيم. ليس المهم الفوز بالرئاسة ولا تلبية الجماعة مهمة بناء جبهة سياسية فى مواجهة عصابة النظام القديم. المهم هو تقديم مهمة قصيرة يبدو فيها الإخوان فى مواجهة الجميع. إذا فاز مرسى فستكون غزوة جديدة لم تقدم الجماعة شيئا فى مقابلها.. وإذا خسر المرسى سيضمن الإخوان عودة إلى دور الضحية.. ليبرر أمام أبناء قبيلته/ جماعته، الهزة التى تعرض لها. هناك فى قيادة الجماعة من انحازوا إلى فكرة الخروج من السباق الرئاسى.. والانضمام إلى قوى الثورة الرافضة للاستكمال مع منافس مثل شفيق… إلا أن كفة خيرت الشاطر غلبت ومعها عواطف المقامر بكل شىء ليحيا التنظيم أو القبيلة. شفيق هو واجهة مخطط كبير لصناعة الفوضى.. تبشر المصادر الأمنية فى كل الصحف بأنباء عن اضطرابات أمنية فى حالة فوز الشفيق… وتربطها فى خيال تربى على مؤامرات ملفقة برواية الأجهزة الأمنية وعناصرها النائمة عن دور الإخوان فى موقعة الجمل. السيناريو معد أصلا لكى تكون الثورة ضد شفيق مجرد خطة فوضى جهزها منافسه الإخوانى.. وهنا تحاول الأجهزة الأمنية الاصطفاف خلف شفيق لتحجز مكانها كضحية الفوضى وتبرر جرائمها القادمة. انتخابات الرئاسة إذن هى جسور النظام القديم والإخوان لجمع الشمل الداخلى والتنافس على دور الضحية التى تستطيع إقناع القطاعات التى عادت إلى موقع المتفرج بالتعاطف معها.. فى معركة الديناصورات المنقرضة. المشكلة هنا ليست شفيق أو مرسى.. المشكلة هى كيف تكسر العمود الفقرى للاستبداد لكى لا يجمع أى منهما اللحم عليه من جديد. مرسى أو شفيق، كلٌّ بطريقته ومن خلال العصابة أو القبيلة، سيحتل الفراغ السياسى ويحول الطرف الآخر إلى منافس أو سند يمنح لاستبداده علامة الفتوة. وهذا سر محاولة تحييد كل من العسكر والكتلة الثالثة. العسكر بما أنهم واجهة الدولة العميقة وأداتها فى استمرار شبكة المصالح الخفية/ المافيا.. يسعون إلى تأكيد وجودهم المتفرد والقوى وربما الوحيد فى مواجهة كل الأشكال المدنية.. التأكيد كله أن المفاتيح بيد العسكر، وهنا تبدو لعبة الانتظار.. لأحكام «الدستورية».. أو لتهديدات الإعلان الدستورى.. انتصارات تمنح القوة للذى تنتظره.. والذى بيده الحسم. العسكر يريدون موقع رعاة الفراغ السياسى. وهنا تأتى أهمية تفكيك الكتلة الثالثة، باستذكارها فى أحد المعسكرين، ليبقى المجال السياسى فراغا كما كان ويصعب هندسته إلا على من يرعاه العسكر. الكتلة الثالثة حائرة، لكن ليس أمامها إلا التنظيم لتبدأ حرب المواقع، وهى الخطوة الأكثر حسما فى الثورات. الحيرة إذا تم تبسيطها لتكون بين شفيق ومرسى، فستؤدى إلى كارثة تجميع لحم الاستبداد حول العمود الفقرى وانتظار ماذا سيفعل بنا الرئيس القادم. والانتخابات فرصة لكى يُكسر العمود الفقرى للاستبداد أولا بعدم المساهمة فى منحه شرعية كبيرة.. أو صنع أوهام حوله مثل أن شفيق ممثل الدولة المدنية أو أن مرسى هو طريق الثورة.. وثانيا بعدم الوقوع فى فخ البحث عن زعيم. هذه ليست لحظة ولادة الزعماء. لكنها لحظة أحلام كبرى بالتحرر من كل منظومة الاستبداد، وهنا يبدو التنظيم هو المهمة الأولى بامتياز.