السيطرة على حريق بمصنع كريازي في العبور (صور)    السيطرة على حريق بمصنع "كريازي" في العبور    السيطرة على حريق أعلى سطح منزل في البلينا دون إصابات    ردا على الأهلي، ماذا فعل الزمالك مع زيزو قبل لقاء القمة؟    حسين الشحات: لن أرحل عن الأهلي إلا في هذه الحالة، والتتويج أمام الزمالك أسعد لحظاتي    تنسيق الكليات 2025، الحدود الدنيا لجميع الشعب بالدرجات والنسب المئوية لطلبة الثانوية بنظاميها    شركة مياه الجيزة تكشف لتليفزيون اليوم السابع موعد عودة الخدمة.. فيديو    بعد 26 ساعة من العمل.. بدء اختبار الكابلات لإعادة التيار الكهربائي للجيزة    الداخلية: وفاة نزيل عقب نقله من محبسه إلى المستشفى بالدقهلية    بحضور 4 آلاف مشاهد.. افتتاح المهرجان الصيفي للأوبرا في الإسكندرية بحضور وزير الثقافة والمحافظ    إسرائيل تفرض رقابة عسكرية مُشددة على المُراسلين الأجانب الراغبين في دخول غزة    مقتل 4 على الأقل إثر خروج قطار يحمل نحو 100 راكب عن مساره جنوب ألمانيا    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    تمارا حداد: الهدنة الإنسانية.. خطوة سياسية تكتيكية لشرعنة الحصار واستمرار الحرب على غزة    مستشار ترامب ل "الفجر": إيران تلقّت ضربة عسكرية مباشرة بأمر من ترامب بسبب برنامجها النووي    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب البيطري 2024 المرحلة الأولي بالنسبة المئوية    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    الصفاقسي التونسي يعلن تعاقده مع علي معلول.. والتفاوض مع لاعب الزمالك    جدول مباريات الزمالك في الدور الأول من الدوري المصري الممتاز موسم 2024-2025    الغندور يعلن رحيل نجم الزمالك.. ويكشف وجهته المقبلة    خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء.. " كامل الوزير" يستعرض خطة تطوير الطريق الدائري الإقليمي    وزير الزراعة: تجاوز صادرات البطاطس 1.3 مليون طن للمرة الأولى    وزير السياحة: ارتفاع معدل إنفاق السائحين... وتوقعات بتجاوز حاجز 18 مليون زائر بنهاية العام    الحوثيون يعلنون عن خطوات تصعيدية جديدة ردا على الحرب فى غزة    الأرصاد تحذر من ارتفاع الأمواج في عدد من الشواطئ (تعرف عليها)    إصابة 5 أشخاص بحادث انقلاب سيارة في البحيرة    صور حادث تصادم قطار خط المناشي بجرار زراعي في البحيرة    رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر "حلّ الدولتين" فرصة للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    وزير السياحة: ترخيص 56 وحدة فندقية جديدة و60 طلبًا قيد الدراسة    «اللي بيتكلم مجنون».. مدحت شلبي يهاجم مسؤول في الأهلي بتصريحات قوية    متخليش الصيف ينسيك.. فواكه ممنوعة لمرضى السكر    معاناة حارس وادي دجلة محمد بونجا.. أعراض وأسباب الإصابة ب الغيبوبة الكبدية    سعر الدولار فى التعاملات الصباحية اليوم الاثنين 28-7-2025 فى البنوك    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد 4 فلسطينيين فى قصف الاحتلال على خان يونس.. هزات أرضية وصلت ل3.8 درجة بمقياس ريختر فى ميانمار.. مقاتلون سابقون فى طالبان نقلوا لبريطانيا حفاظا على سلامتهم    طه عزت: الموسم المقبل بلا تأجيلات.. وهناك تنسيق مع حسام حسن بسبب الأجندة الدولية    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    المعهد القومي للكبد: مصر حققت إنجازًا عالميًا في القضاء على فيروس "سي"    «قالوا لي إني ميتة».. أنوار تروي مأساة 9 سنوات انتهت باختفاء الزوج ووقف المعاش    حددت شروطا للظهور به وارتدته وخلعته قبل 11 عاما.. قصة سما المصري مع الحجاب بعد «فيديو البكاء»    دفاع أحد ضحايا سفاح المعمورة بعد الحكم بإعدامه: طالبنا بتعويض مدنى مليون جنيه    مدرب بيراميدز عن موعد مباراة دجلة: اللعب فى حرارة 45 درجة تهديد لصحة اللاعبين    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    محافظ الوادي الجديد ينعى مدير الأمن الراحل إثر حادث سير بالمنيا    البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس    شاهد.. توجيهات الرئيس السيسي اليوم ل3 وزراء بحضور مدبولي    جامعة أسيوط تشهد فعاليات اللقاء العلمي "GEN Z ANALYSTS" بكلية التجارة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    تخفيض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام في الغربية إلى 225 درجة    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    وزارة التربية والتعليم تعلن بدء تحويلات المدارس الدولية IPS    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليهود من الازدهار إلى الشتات!
نشر في التحرير يوم 08 - 06 - 2012

أحنّ إلى الإسكندرية الراحلة كما أحنّ إلى أمى رحمها الله.. وأقول إن الإسكندرية رحلت لأن المدينة التى تعرفونها الآن ليست الإسكندرية التى عرفتها.. لقد ولدت فى الإسكندرية وتربيت فيها، وكذلك كان أبى رحمه الله، ولعلنى ورثت حب الإسكندرية من أبى، فقد كانت الإسكندرية بالنسبة إليه هى مصر.. وقد اقتنى أبى وباع عقارات للأسرة فى الإسكندرية بالقليل، ولو بقيت لساوت الملايين.
ذكرنى بهذا كتاب الدكتور محمد أبو الغار فى الطبعة الثانية «يهود مصر.. من الازدهار إلى الشتات».. فقد استطاع أبو الغار أن يعيد الحياة فى مصر إلى حلاوتها، وهو يصور حياة اليهود فى مصر كلها.. وفى الإسكندرية بالذات.. فذكرنى وأنا بعد صبى صغير.. عندما كان أبى يصحبنى أنا وحدى، مكافأة على نجاحى الدراسى.. كان يصحبنى إلى محطة الرمل حيث نشرب عصير الليمون ونأكل البليلة.. وندخل السينما ثم نعود بالحنطور إلى منزلنا.
وأشب عن الطوق وأدخل مدارس الإسكندرية النظيفة الرائعة وأساتذتها الأجلاء فعلا.. وأكون طالبا بارزا وزعيما صغيرا.. وفى شارعنا ومدارسنا فى ذلك الوقت يهود.. ولا نعرف نحن الأطفال الفرق بين اليهودى والمسلم والمسيحى.. ندرس معا.. ونأكل معا.. ونتخانق معا.. وهؤلاء اليهود هم الذين كتب عنهم كتابه المثير الممتع.
وفى طبعته الثانية إضافات.. وأهم من هذا أنه منظم ومبوب ومفهرس أفضل من الطبعة الأولى التى كانت ملخبطة.. وقد طلبت من أبو الغار يومها أن يعيد طبع الكتاب بشكل منهجى أكثر.. والحمد لله أنه استجاب وصدرت الطبعة الثانية فى غاية الجمال والكمال.
وقد أنقذنى كتاب أبو الغار عن البحث عن جديد أكتبه.. وماذا أكتب والبلد تمر بالبرزخ؟ برزخ الحياة أو الموت.. وبين القوى التى تشدها إلى الخلف لتعود بها إلى القرون الوسطى، والقوى التى تحاول جذبها إلى المستقبل. ولست فى حاجة إلى التفصيل.
فمن أبرز مكتسبات الثورة أن الشعب المصرى تحول بالفعل إلى شعب سياسى.. شعب يفكر، لا ينقاد لشعارات زائفة ولا وعود خيالية.
أنقذنى كتاب أبو الغار، فماذا نكتب الآن.. ومصر ستتغير خلال بضعة أيام ولا أحد يعرف بالضبط.. كيف؟.. ومتى؟!
ونعود إلى الكتاب الذى يقع فى 233 صفحة.. ومَلزمة من الصور النادرة.. لقد قرأ أبو الغار ودرس 17 كتابا عن اليهود بالعربية.. وترجم وقرأ ودرس 14 كتابا باللغة الإنجليزية والفرنسية وقام بالسفر إلى كثير من البلدان الأوروبية لمقابلة الأحياء من اليهود المصريين الذين هاجروا فى سنوات مختلفة، أبرزها السنوات التالية لعدوان 1956، بعد العدوان الثلاثى على مصر، والذى تكون من إسرائيل وإنجلترا وفرنسا.
لقد أصبح من المستحيل أن يبقى اليهود فى مصر.. والمدهش أنهم هاجروا إلى بلاد كثيرة من دول العالم، ليس بينها إسرائيل.. وقد عشت تلك الفترة بالكامل لأننى كنت أعمل فى صحيفتى «الصراحة» و«التسعيرة» اللتين كان يصدرهما ألبير مزراحى.
ولى ذكريات مثيرة عن تلك الفترة، خصوصا مع صول مزراحى زوجة ألبير التى كان منوطا بها حساب الصحيفتين، وكانت تحاسبنى على الصفحة الكاملة بسعر عشرة جنيهات عن كتابة الصفحة، ثم تقوم بخصم الرسومات والصور والإعلانات من المساحة، فيبقى لى جنيهات ثلاثة كنت فى حاجة إليها، لأننى كنت ما زلت طالبا بالجامعة.
ويروى كتاب أبو الغار حكاية اليهود فى مصر حافلة.. ويشرح أصولهم ومذاهبهم ونشاطهم الاقتصادى والسياسى والاجتماعى.. ويوضح كيف استمد اليهود فكرهم السياسى تقريبا من الشيوعيين.. وهم أول من أدخل الفكر الماركسى إلى مصر ثم كانوا أول من أنشؤوا الجماعات والأحزاب الشيوعية فيها.
ويشتد فى الفصل المعنون «يهود الإسكندرية» فيروى على لسان أحد اليهود المدعو جاك حسون الذى يقول: إنه كانت هناك جالية يهودية فى الإسكندرية من نشأة المدينة، وكان عدد اليهود فى الإسكندرية فى القرن ال19 نحو أربعة آلاف يهودى ووصل هذا العدد إلى 18 ألفا فى أوائل القرن العشرين وارتفع إلى 40 ألفا عام 1948، وكانت الهجرة من اليونان وتركيا وسوريا ولبنان وفلسطين والمغرب وإيطاليا وفرنسا.. وفى نهاية القرن ال19، هاجر إلى الإسكندرية عدة آلاف من اليهود الروس، مثل عائلة هانو، وبعد ذلك هاجرت مجموعة أخرى عند قيام الثورة البلشفية.. وفى أوائل الثلاثينيات هاجرت مجموعة من يهود سالونسكى والنمسا والمجر وبولندا إلى مصر، هربا من جنود النازى فى ألمانيا.
ويقول حسون إن نصف عدد يهود الإسكندرية كانوا من اليهود المصريين، والنصف الآخر ينقسم إلى ثلاثة أقسام، أولهم من سكان البحر المتوسط الذين هاجروا من إسبانيا والثلث الثانى من يهود إيطاليا وشرق أوروبا، والثلث الثالث من يهود المغرب والشرق الأوسط الذين يتكلمون العربية.
وهكذا نرى أن يهود مصر كانوا أخلاطا من جنسيات وأوطان مختلفة.. ويقول المؤلف: كان المستوى الاجتماعى لليهود من جميع الأجناس ممثلا فى مجتمع الطبقات، فمنهم الفقراء والأغنياء، أما طبقة كبار الأغنياء فكان منهم الأجانب والمصريون.. وهكذا كان معظم اليهود من صغار البرجوازيين.
وقدأ أنشأ أغنياء اليهود فى الإسكندرية مؤسسات اجتماعية لمساعدة الفقراء مثل المستشفى الإسرائيلى والمدارس اليهودية، ودار اليتامى، وهكذا نرى أن اليهود فى مصر كانوا جزءًا من نسيج المجتمع المصرى ممثلين لجميع طبقاته.. وفيهم الفقير والغنى والمثقف والمتعلم والجاهل.. لقد كانوا مواطنين بالمعنى الحقيقى، ثم حدث ما حدث.
الكتاب تحفة يستمتع به القارئ.. خصوصا ممن كانوا مثلى عاشوا مع اليهود واشتغلوا معهم.. نسيج واحد، ولكن الزمن غير كل شىء.
ملاحظة بسيطة.. تكرار المعلومات.. وهذا يأتى من رواية أكثر من شخص لواقعة بعينها.. وهذا مفهوم بالضرورة.. وفى كلمات الكتاب تحفة تستحق الاقتناء والقراءة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.