فاجأني الكاتب والباحث عرفة عبده المتخصص في تاريخ يهود مصر بأن نجمة السينما المصرية في الاربعينات كاميليا لم تكن يهودية كما يعتقد قطاع كبير من الباحثين والكتاب وكما يشاع عنها .. وأكد أن أحد كبار الصحفيين هو الذي أشاع عنها ذلك وأن اسمها الحقيقي ليليان وهي من مواليد 13 ديسمبر عام 1929 ومن أصل ايطالي وهاجرت جدتها لأمها الي مصر عام 1881 واستقرت في الاسكندرية وتزوجت من وكيل بوستة العطارين وسرعان ما تم الطلاق بينهما لتتزوج من الفريق أحمد زكي باشا رئيس الديوان الخديوي .. ومن زواجها الأول انجبت أولجا والدة كاميليا التي كانت تمتلك بنسيونا بشارع سعد زغلول بالاسكندرية وارتبطت بعلاقة زواج مع تاجر اقطان مسيحي ايطالي وانجبت منه كاميليا وبعد خسارته المفاجئة في بورصة القطن غادر الاسكندرية الي روما ولم يعد مرة أخري .وعندما وضعت مولودتها نسبتها لتاجر يهودي كان يقيم في البنسيون وسميت ليليان ليفي كوهين وانتسبت الي المذهب الكاثوليكي والتحقت بمدرسة الراهبات ثم الكلية الانجليزية للبنات ومضت بها الحياة ما بين الاسكندرية وقبرص وايطاليا .. وفي عام 1946 تعرفت علي الفنانة الهام حسين ألمع نجمات السينما في ذلك الوقت والتي قدمتها للمخرج أحمد سالم والمخرج فطين عبد الوهاب والمخرج كامل التلمساني فقدمها أحمد سالم للسينما واختار لها اسم كاميليا .. ويؤكد مؤلف كتاب ( يهود مصر ) أن ما قيل عن علاقتها بالملك فاروق محض افتراء وأن المرة الوحيدة التي قابلته فيها لم تستغرق المقابلة أكثر من 8 دقائق فقط وأن جلال باشا فهيم وزير الشئون الاجتماعية سلمها ميدالية ونيشانا تقديرا لدورها في جمع التبرعات للمجهود الحربي خلال حرب فلسطين عام 1948 وأن حياتها انتهت صباح الخميس 31 أغسطس عام 1950 في حادث سقوط طائرة الخطوط العالمية وكانت في طريقها للعلاج في سويسرا . . كتاب ( يهود مصر ) يحكي الكثير عن تسامح المصريين مع الجاليات الأجنبية التي كانت تقيم بيننا بدون مشاكل أو تعصب فالكل يعيش علي أرض مصر وكانت الاسكندرية تحديدا نموذجا للتعايش بين الجميع .. لا فرق بين مسلم ومسيحي ويهودي. وأن الكثير من اليهود برعوا وأبدعوا وهم يعيشون في مصر منهم الملحن الكبير داود حسني ووالد المطربة الكبيرة ليلي مراد وراقية ابراهيم والمخرج توجو مزراحي والقديرة نجمة ابراهيم .. كان المجتمع المصري نسيجا واحدا.. الكل يعمل معا وكان اليهود يسيطرون علي معظم القطاعات التجارية ومنهم صيدناوي وداود وعدس وشيكوريل وبنزايون وغيرهم الكثير .. لم يكن المجتمع المصري قد مر بهذه التحولات التي يمر بها الان ومعظم اليهود الذين هاجروا من مصر لم يكن يرغبون في ذلك وأجبرتهم الظروف وقتها علي مغادرة مصر التي كانت تعني بالنسبة لهم بلد الأمان والتسامح .. ولا ننسي يعقوب صنوع أحد رواد المسرح المصري والملقب ب (أبو نظارة) والذي لعب دورا كبيرا في صناعة أبي الفنون . لم يكن لليهود هذا النجاح بدون الاحساس بالامان في مصر ما أحوجنا الي مثل هذه الأيام .. الي التسامح والمودة وحب الآخر .