«عيد بأية حال عدت يا عيد/ بما مضى أم بأمر فيك تجديد»، قالها المتنبى منذ حوالى 1100 عام ومضى غير مدرك أن أعيادا ستأتى بعده هى أكثر بؤسا وشدة على العرب، ربيع الثورات بدأ فى شتاء هذا العام واستمر حارا داميا فى صيفه، وها هو ذا يدخل الخريف مع أنهار الدماء العربية تفيض بنداءات الحرية وتحاول كسر سدود الطغيان. نعم جاء العيد بالجديد هذا العام، وقد انتفض العرب ضد طغاتهم يخلعونهم واحدا بعد الآخر، لكن هذه الانتفاضات لم تصل لنهاياتها السعيدة بعد، ففى سوريا استهل الأسد صبيحة أول أيام عيد الفطر المبارك بمذابح جديدة، بعد صلاة العيد خرج السوريون بعدة مدن فى مظاهراتهم المعتادة تطالب برحيل القاتل ونظامه، واستقبلت صدورهم رصاص الجيش والأمن والشبيحة فى مقبرة القابون بدمشق وفى مدن دير الزور ودرعا وحمص وإدلب، ليسقط عشرات الشهداء والجرحى وليبدأ العيد بأحزان فى عشرات المنازل السورية، تضاف إلى آلاف غيرها فقدت أعزاء لم يرتكبوا جرما وإنما آمنوا بحقهم فى الحرية. وفى العاصمة التركية أنقرة أعلن معارضون أول من أمس عن تشكيل مجلس وطنى انتقالى برئاسة المعارض البارز برهان غليون وعضوية 94 آخرين، ووجه المجلس الجديد دعوة إلى من سماهم بالفئة الصامتة للتحرك والانضمام إلى الثورة. أما ليبيا فما زالت تبحث عن مجنونها بعد رصد اتصال هاتفى قالت المعارضة إنه أجراه من داخل طرابلس للاطمئنان على أفراد عائلته، الذين فروا إلى الجزائر، والذين طالب المجلس الانتقالى الحكومة الجزائرية بتسليمهم، بينما عادت الشرطة إلى العمل فى طرابلس بحثا عن رضا الحكام القادمين، وعلى الجبهة سقط عدد من القتلى والجرحى بين الثوار الليبيين فى سبها جنوب غرب البلاد خلال مواجهات عنيفة مع فلول كتائب القذافى، فيما شدد الثوار الطوق على مدينة سرت آخر معاقل العقيد، تقدم الثوار نحو سرت يتم ببطء لإعطاء فرصة للمفاوضات مع كبار عشائرها لدخولها دون قتال. وفى اليمن ما زال الثعلب يمارس مراوغاته، صالح الذى يتشبث بالسلطة رغم الثورة ضده يبدو كأنه لم يتعظ من محاولة اغتياله وخرج مؤخرا ليتعهد فى بيان له بإجراء انتخابات رئاسية، وليقول إنه «ملتزم بالمبادرات السابقة بما فى ذلك المبادرة الخليجية وجهود مجلس الأمن والترتيب لإجراء الانتخابات العامة الحرة والمباشرة لرئيس الجمهورية الجديد». يحدث هذا بينما تتوارد كل يوم أنباء جديدة عن قتلى فى اشتباكات بين الحكومة ومن تصفهم بالمتشددين مقاتلى القاعدة فى أبين جنوب البلاد.