تسببت فتوى مثيرة للجدل أصدرها مفتى السعودية ورئيس هيئة كبار رجال الدين عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، قبل يومين بضرورة «هدم كل الكنائس فى الجزيرة العربية»، فى ردود غاضبة فى عواصم عربية، فى حين لم تحظ باهتمام كبير من جانب وسائل الإعلام الغربية، حيث لم تهتم بها أى من الوكالات الغربية الكبرى.. الشيخ، الذى يمثل المرجعية الكبرى فى المملكة، اعتبر أن شبه الجزيرة تخضع لدين الإسلام فقط، ووجود الكنائس فى بعض الدول منها هو اعتراف بصحة هذه الأديان.. وجاءت آخر فتاوى الشيخ فى سياق رده على منظمة مجتمع مدنى كويتية، اعترضت على الدستور الكويتى الجديد الذى أقر أعضاء البرلمان فيه مادة جديدة به الشهر الماضى لحظر بناء الكنائس الجديدة، الأمر الذى أثار موجة استياء عالية بين الأقليات المسيحية، التى تعيش فى شبه الجزيرة، خصوصا فى السعودية، واليمن، وعمان والكويت. الفتوى المثيرة للجدل استقبلها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعى باستهجان واستنكار باعتبارها ضد سماحة الدين الإسلامى، بينما شن الشاعر اللبنانى جوزيف الهاشم، هجوما نقديا كبيرا على مفتى السعودية، حيث كتب فى صحيفة «الجمهورية» اللبنانية تحت عنوان «فضيلة المفتى.. اقرأ القرآن من فضلك»، يقول فيه: «ما بال بعض رجال الدين... رجال الله على الأرض، يعيشون فى كوكب فضائى، بينما الأرض تلتهب بالصراع الطائفى والتناقض المذهبى والحركات الأصولية والدعوات التكفيرية، وأبناء الحوار يتقاتلون باسم الله على الله، ويقسمونه إلى ربّين.. كلاهما يحارب الآخر». ما بال سماحة مفتى المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله يصبّ زيتا على النار المتأججة، بدعوته إلى «هدم كل ما فى الجزيرة العربية من كنائس، لأن إقرارها إقرار لدين غير الإسلام».. وتابع «ألا يحوّر سماحته بذلك مسيرة المملكة التى تعتبر (طفاية) نيران العرب، ويسىء إلى تاريخ ملوكها وعلى رأسهم الملك المؤسس عبد العزيز؟ ألا يدهش سماحته ما تتعرض له المصاحف من إحراق مقابل إحراق الكنائس، حتى يدعو إلى هدم الكنائس فى الجزيرة العربية، كأنما يستحثّ دعوة مقابلة إلى إحراق المساجد فى الدول المسيحية، وفى ذلك إذكاء لحرب دينية مذهبية أصولية تكفيرية أممية شاملة تبدأ فى مكان ولا تنتهى فى مكان آخر؟!».. وأضاف: «إذا كان سماحته ينسب إلى النبى أن جزيرة العرب لا يجتمع فيها دينان...»، فلماذا يتجاهل ما جاء فى القرآن عن النبى: «إنّا أرسلناك رحمة للعالمين»؟ ولماذا يتجاهل عهد النبى لأهل نجران؟، والأمر الذى أصدره بقتل رجل مسلم قَتَل رجلا مسيحيا قائلا: «أنا أحقّ بذمته...»، وكيف يتجاهل لجوء النبى إلى ملك الحبشة النجاشى المسيحى، عندما تعرض لاضطهاد أهل الجزيرة العربية التى يدعو اليوم إلى هدم كنائسها؟».. فى الغرب أثارت الفتوى المثيرة للجدل بعض ردود الفعل الحادة، وإن لم تهتم بها وسائل الإعلام والصحف الكبرى كما لم تصدر حتى الآن ردود فعل رسمية عن قيادات دينية مسيحية غربية، لكن رايموند إبراهيم، صاحب مدونة «جهاد ووتش» الأمريكية المعروفة بآرائها المتشددة والمتطرفة تجاه الشريعة الإسلامية، قال إنه إذا صدر تصريح مماثل من زعيم دينى فى الغرب، فإن الدنيا ستقوم ولن تقعد فى الغرب.. وقال إبراهيم، وهو زميل لمنتدى «الشرق الأوسط» الأمريكى، إنه بالنظر إلى حالة الهيستريا التى تزعج الغرب متى صدرت تصريحات مسيئة للإسلام عن أشخاص لا يملكون سلطات سياسية، تخيلوا ما الذى سيحدث مثلا إذا أعلن زعيم دينى مواز لمفتى السعودية، وليكن بابا الفاتيكان أنه يجب تدمير المساجد فى إيطاليا؟ سيصاب الإعلام الغربى بحالة من السعار وسنواجه بصرخات تتهمنا بعدم التسامح والتعصب، ومطالبات بالاعتذار إذا لم يكن الاستقالة.