في الوقت الذي تعاني فيه الجامعات المصرية من خطر الإرهاب وتشحذ له همتها بالإضافه إلى ماتعانيه من مشاكل جمه من هموم التعليم والطلاب إلى خدمة المجتمع وتنمية البيئة ، يخرج علينا السيد وزير التعليم العالي بمشروع قانون جديد تحت اسم تطوير المستشفيات الجامعيه وهو فى حقيقته قانون لفصل المستشفيات الجامعيه عن كليات الطب التابعه لها إداريا وماليا ويأتى طرح مثل هذا المشروع فى هذا الوقت مثيرا للجدل حيث أننا على أبواب الانتخابات البرلمانية وليس هناك من عجله فى استصدار مثل هذا القانون. والمستشفيات الجامعيه لمن لايعرف هى المستشفيات التابعه لكليات الطب وتشرف على تشغيلها وموازنتها الجامعه الحكوميه المصريه وهى جزء لايتحزا من كلية الطب حيث يتعلم فيها الطلاب ويتدرب الأطباء وتخرج منها جميع البحوث العلميه الطبيه التى تجرى فى مصر وفوق كل ذلك فإن المستشفيات الجامعيه تقوم بعلاج أكثر من ستين فى المائة من المرضى المصريين وتقوم بعمل كل العمليات المهاريه والمتقدمه التى يحتاجها المرضى من فقراء المصريين بدون مقابل ويعمل بها أساتذة الطب وجميع أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب بدون مقابل او أتعاب طبيه حيث يحصلون على رواتبهم من الجامعه والتى تماثل تماما مرتبات زملائهم فى الكليات الأخرى. نعود إلى مشروع القانون المقدم الذي يقوم فى أول مواده بتعريف فضفاض للمستشفى الجامعى وديباجه عامه دور هذه المستشفيات ثم ينتقل فى مواده إلى تكريس فصل المستشفيات عن كليات الطب وهذا الفصل له آثار سلبية وخيمة على كل من التعليم الطبى والصحه فى مصر فالمستشفى والكلية متداخلتين تداخلا عضويا بحيث لا يمكن الفصل بينهما حتى مكانيا وازعم أنهما مرتبطين معنويا ونفسيا فى نفوس جموع الأطباء والأساتذة بما لايمكن معه تخيل عملية الفصل بينهما وقبول الأطراف العمل بهذا الشكل. ثانيا أن الفصل بين المستشفى والكلية سيؤدى حتما إلى تدهور العمليه التعليميه حيث لن يجد الطالب والطبيب حديث التخرج مكانا للتعليم والتدريب وسيؤدى بالطبع إلى حرمان المرضى الفقراء من مؤسسات تقدم لهم الخدمه العلاجيه المتقدمه بدون مقابل على يد اساتذه كبار وان شابها بعض التقصير والنقص بسبب ضغط الطلب على هذه المستشفيات وضعف الخدمه الصحيه فى مستشفيات وزارة الصحه. وبالطبع طالب الطب والمريض هم من قامت كليات الطب والمستشفيات من أجلهم فى الأساس ولا أدري ماهو السر وراء إصرار وزارة التعليم العالى على فصل المستشفى الجامعى عن كلية الطب وهو ماسيؤدى إلى إنهيار المؤسستين حيث سيجرد كل منهما من عنصر قوته المتبادل. وفى مشروع القانون كثير من المطبات والمحاذير الإداريه والقانونية التى تحتاج إلى تفسير منها مثلا انشاء مجلس لأمناء المستشفيات الجامعيه بكل جامعه برياسة رئيس الجامعه وعضوية عمداء القطاع الطبى والمدير التنفيذى وشخصيات عامه من خارج الجامعه وممثلين للمجتمع المدنى وهو مايفتح الباب لغير المتخصصين فى إدارة شؤون هذه المستشفيات ويتيح ضمنا مشاركة القطاع الخاص في إدارة هذه المستشفيات وربما ملكيتها فى القريب. كذلك فإن هناك مجلسا لإدارة المستشفى برياسة عميد الطب وكل أعضاؤه يختارهم المدير التنفيذى للمستشفيات وهى وظيفه مستحدثة فى مشروع هذا القانون تجعل من هذا المدير الحاكم بأمره فى المستشفيات بحيث لايوجد أى رقابه أو حتى علاقه بينها وبين كليات الطب المالك الأصيل لهذه المستشفيات. ويتضمن القانون كذلك إنشاء مجلس أعلى للمستشفيات برياسة وزير التعليم العالي وعضوية سبعه من رؤساء الجامعات وثلاثه عمداء للطب وأمين المجلس الأعلى للجامعات وأمين مجلس المستشفيات وهو تكريس للمركزيه واخلال بمبدأ استقلال الجامعات المضمون دستوريا.ووجود ثلاثه مجالس لإدارة المستشفيات الجامعيه يؤدى إلى تضارب السلطات وإلى خلل ادارى تتوه فيه المسؤليه وتصعب معه المحاسبه. وكذلك فإن مشروع القانون يفترض أن مدة تدريب الأطباء المقيمين خمس سنوات متصلة بدلا من ثلاث وقد تم رفض هذا التعديل سابقا من المجلس الأعلى للجامعات والطامه الكبرى في هذا القانون انه يبعد أعضاء هيئة التدريس تماما عن العمل فى هذه المستشفيات إلا من خلال التعاقدات الشخصيه التى تريدها إدارة المستشفى حسب حاجتها!! وبذلك تحرم المرضى من معالجيهم المتطوعين حبا في العمل وفى البلد وتتعاقد مع آخرين ليعالجونهم مقابل أجور ومن أين ستاتى المستشفيات بهذه الأجور الزائده بالطبع من خصخصة العلاج فى المستشفى والذى لايقدر عليه المريض الفقير والمعدم. كذلك فإن المشروع نص فى بعض مواده على إنشاء حساب خاص للمستشفيات تكون موارده من الخدمات التى تؤدى للغير والعلاج بأجر والتبرعات والهبات الإجتماعيه بمعنى واضح جدا انه ليس هناك علاج بالمجان فى هذه المستشفيات إلا لمن من الله عليه بمتبرع صالح يدفع له تكاليف علاجه. لم أكن أريد الخوض فى تفاصيل هذا المشروع بقانون لكن ماااشرت إليه من بعض مواده كان حتميا لرفضه واطلب من السيد رئيس الجمهورية شخصيا التدخل ورفض إعتماد هذا القانون والانتظار حتى إنتخاب مجلس النواب وسيتكاتف أساتذة الطب أنفسهم لوضع تصور لمشروع قانون بديل يلبى الحاجه الماسه إلى تطوير المستشفيات الجامعيه وكذلك التعليم الطبى فى مصر فى إطار منظومه صحيه تعليميه جاده تحفظ للشعب حقوقه.