بمقدور ثعبان الماء الرعاش ذلك الكائن المفترس الذي يعيش في أمريكا الجنوبية إطلاق شحنة كهربية قوية تجهز على فريسته البائسة، إلّا أن هذه الصاعقة لا يستخدمها هذه الحيوان المائي المُخيف لمجرد مباغتة الأسماك الأخرى. فقد أظهرت نتائج دراسة جديدة، أن ثعابين الماء الرعاشة تستعين بهذه الصدمة الكهربية لممارسة نوع من الهيمنة من على بُعد على فرائسها، مما يُلقي الرعب في نفوس الأسماك التي قد تكون مختبئة في محيط المكان؛ لتكشف عن مخابئها فيما تفرض مظهرًا من استعراض القوة الإجباري؛ لتعجيز الفرائس. قال كينيث كاتانيا، عالم الأحياء بجامعة فاندربيلت في ناشفيل بولاية تينيسي، الذي أشرف على هذه الدراسة التي أوردتها دورية "ساينس" Science أمس الخميس: "يبدو أن ثعابين الماء الرعاشة ابتكرت هذا الجهاز الصاعق قبل البشر بوقت طويل". كشفت الدراسة على نحو تفصيلي، كيف تؤثر هذه الشحنة الكهربية الصاعقة في الضحية، وبيّن كاتانيا، من خلال التجارب المعملية كيف تنشط هذه الشحنات الكهربية من على بُعد الخلايا العصبية للضحية التي تتحكم في عضلاتها. ووجدت الدراسة أن ثعابين الماء الرعاشة عادة ما تطلق في أثناء عملية الصيد نبضتين كهربيتين ذات جهدٍ عالٍ تفصل بين كل منهما اثنان مللي ثانية؛ مما يبعث بصاعقةٍ إجباريةٍ شديدة موجهة للفريسة المختبئة في محيط المكان. وبمقدور ثعابين الماء، التي تتمتع بحساسية فائقة بحركة المياه حولها، رصد التحركات الناجمة عن هذه الصدمة الكهربية؛ لتتعرف بذلك على موقع الفريسة بدقة. وسرعان ما تطلق ثعابين الماء صدمة كهربية شديدة وطويلة ذات جهد عالٍ؛ لشل حركة الفريسة من خلال إحداث موجة انقباضية لاإرادية في عضلاتها، مثلما تفعل أجهزة الصواعق الكهربية، مما يُمكن الثعابين من اقتناص فرائسها بسهولة. وقال كاتانيا: "أمضيتُ قسطًا كبيرًا من حياتي العملية في دراسة تَحوُّرات وقدرات الحيوان في الظروف المتطرفة. ولقد رصدتُ جوانب في غاية الإثارة بيد أن إمكانات ثعبان الماء مُذهلة، وربما تكون من أكثر الأمور التي مررت بها إعجازًا". أضاف: "ورغم كل شيء فإن بإمكانها إطلاق شحنات تصل إلى عدة مئات من الفولتات، وهو أمر معجز في حد ذاته، لكن استخدام هذه القدرة كي تؤثر بصفة أساسية على الجهاز العصبي لحيوان آخر، وإثارة عضلاته يُمثل حيلة في منتهى الذكاء". تستطيع ثعابين الماء ذات الأجسام الأفعوانية المرنة والرؤوس المفلطحة، الغوص إلى أعماق تصل من 1.8 إلى 2.5 متر، وهي تجوب مياه وقيعان نهري الأمازون واورينوكو، ولدى هذه الثعابين أجهزة لإطلاق شحنات كهربية ذات خلايا متخصصة تعمل كبطاريات خلوية يمكنها توليد شحنة كهربية تصل إلى 600 فولت؛ لشل حركة فرائسها أو الدفاع عن نفسها في مواجهة كائنات مفترسة.