الجولان عربية-عربية، فلسطين، عربية-عربية، هذه الهتافات انطلقت من حناجرنا وسط المصريين والسوريين وأعضاء جميع الوفود العربية التى جاءت مناصرة للجولان، وقفنا على الحدود بين سوريا وأرض الجولان المحتلة على بعد أمتار من مجدل شمس، علت الهتافات وتصاعدت ضربات القلب وفرّت «الدمعة» من الأعين، اكتفت عيناى بأعين المناضلة شاهندة مقلد ونحن فى قلب دائرة يحيط بنا الشباب بهتافاتهم العالية نلوح بالكوفية الفلسطينية، الدموع تنحدر على الخدود ونظراتنا المتبادلة الصامتة تقول: ما معنى أن النظام السورى الممانع الذى يحتضن على أرضه فصائل المقاومة، ما معنى أن لا تطلق رصاصة واحدة لتحرير الجولان؟ ما معنى هذا القيد على رقاب السوريين، لا يتكلمون، لا يهمسون بما يجيش فى قلوبهم، لا تتحرك، لا تتكلم، لا تنبش؟؟؟ فأنت مراقب، هذا مخابرات، هذا أمن، هذا حزب بعث، دموع إحساسنا بالعجز عن تحرير بلادنا فى فلسطين، والعراق، والجولان، إحساسنا بالعجز أمام أنظمة استبدادية دموية.. كان ذلك فى نوفمبر 2008، تذكرت وأنا واقفة وسط الدائرة زيارتى سوريا ومعى المناضلة شاهندة مقلد ووفاء المصرى من حزب الكرامة، ونور الهدى ذكى الصحفية، وكان ذلك فى 2006، وزيارتنا مخيمات اللبنانيين النازحين من أتون الحرب إلى سوريا، ومن قبلها زيارة فى بداية عام 2006 لمناصرة الشعب السورى ضد التهديدات الأمريكية بحصار سوريا وفرض عقوبات عليها، فى هذه المرة قابلنا بشار الأسد وقدمنى رئيس الوفد الأمين المساعد لاتحاد المحامين العرب الأستاذ عبد العظيم المغربى بالمشاغبة عضو حركة كفاية، وانطلق الكلام من فمى بصوت عال كطلقات سريعة موجها إلى بشار الأسد «لا يمكن أن تكون مقاوما دون سند قوى من جبهة شعبية قوية تقف وراءك». أساس هذه الجبهة هو الحرية والديمقراطية لبناء دولة قوية ونهضة، وتنمية، وشعب حر يقف أمام العدو مناصرا لك، إن المقاومة والحرية جناحان لا يرفرفان إلا معا، لا يمكن أن يعيش الحر بجناح واحد. وانطلق من بعدى بقية الزملاء مؤكدين ذلك، وطلب الأستاذ عبد العظيم والمحامى الناصرى المعروف محمد منيب الإفراج عن عدد من المناضلين السوريين القابعين خلف القضبان من سنين، جريمتهم المطالبة بالحرية والديمقراطية. اعذرونى إن كنت أشركتكم معى فى هذه الذكريات فهى لا تنفصل عما يجرى الآن على أرض سوريا الحبيبة أو الإقليم الشمالى من الجمهورية العربية المتحدة. ما سر هذا الصمت العربى الرهيب بين معارضين أشداء على أرض مصر وأرض الوطن العربى «معظمهم» يبررون ما يحدث تحت زعم المؤامرة الخارجية؟ صدقونى يا ثوار مصر وثوار العرب فى كل مكان، لا يمكن أن يستقيم القول «علينا أن نتفهم ما يدور، هناك مؤامرة لأن النظام السورى يقاوم كل المؤامرات الخارجية بصفته ممانعا»، لا يستقيم هذا مع فعل قتل وقمع الشعب، أرجوكم قولوا الصدق، هل تستقيم مقاومة العدو مع ذبح الشعب السورى، واعتقال عشرات الآلاف وقتل ما يزيد على 2000؟ هل يمكن استخدام الدبابات والأسطول البحرى وكل الأسلحة الفتاكة لقتل الشعب السورى دون أن تطلق رصاصة واحدة فى وجه العدو الصهيونى لتحرير الجولان منذ 1967؟. تعلو الهتافات أمام السفارات السورية فى البلدان العربية من الشعوب المتضامنة والمساندة لحق الشعب السورى فى تغيير النظام فى الحرية فى معيشة كريمة، فى الدفاع عن الكرامة «الموت ولا المذلة – يا بشار يا جبان روح حرر الجولان»، يتظاهرون بالليل فى كل الأرض السورية بمئات الآلاف «سوريا بدها حرية»، يشيّعون الشهداء من أطفال ونساء وشباب ورجال، الشاشات تملؤها صور جنود الجيش السورى مع البلطجية (الشبيحة باللغة السورية) وهم يدكّون البيوت بكل أنواع الأسلحة ويهينون ويضربون ويدوسون بأحذيتهم الثوار، يداهمون البيوت لاعتقال المئات، و يبيدون شعبا كل ذنبه أنه نطق بعد دهر وصمت مفروض لعشرات السنين «عايزين نسمة حرية». لقد فات الأوان يا من تراهنون بصمتكم على إمكانية الإصلاح، فات، فدائما المستبدون من الحكام يفهمون بعد فوات الأوان ولا يصدقون ما يحدث من الشعوب الحرة الأبية، فمصر ليست تونس وسوريا ليست مصر، وليبيا ليست تونس، أو مصر ، واليمن، والبحرين. هذا الصمت من قبل كتاب، ومثقفين، ومناضلين، تحت زعم المؤامرة الخارجية، مشاركة فى قتل الشعب السورى، مشاركة فى إطالة عمر الأنظمة الدموية. لا تكذبوا على أنفسكم، اسمعوا صوت ضمائركم، وارفعوا صوتكم عاليا بإسقاط الناظم السورى لأن الشعب السورى يريد إسقاط النظام. كان من الممكن من أول الثورة التى اندلعت شرارتها فى 15 مارس أن يفرض الإصلاح الديمقراطى، كان من الممكن بداية الإصلاح، لكن النظام أطلق الرصاص أمام ثورة سلمية، أمام متظاهرين عزل ليس معهم سلاح، وحينما يسيل الدم الطاهر على أرض البلاد برصاص الحاكم الجلاد، فلا تراجع ولا تصالح «فالقصاص هو الحل، شرع الله عز وجل» «ضربونا بالرصاص، بينا وبينهم القصاص»، «لا تفاوض لا حوار، بينا وبينهم دم وثار». صدقونى فات أوان الإصلاح، فتغيير النظام هو الحل على كل الأراضى العربية فى سوريا وليبيا واليمن. لا تمسكوا العصا من المنتصف وترددوا الأقوال العقيمة «على المعارضة أن تجلس وتتفاهم حول التعديلات الدستورية وحول الإصلاح».. لقد تمزق ثوب الحكام وبانت عوراتهم. فالسلاح لضرب وإبادة الشعوب لا لضرب العدو وتحرير الأرض. نفس الإحساس بالعجز الذى أحسسته وأنا على مقربة من الجولان من قرية مجدل شمس المحتلة وكان الإحساس بمرارة الصمت أقوى، فعلى الشعوب الحرة، على كل مناضل شريف حر، أن يقف بجانب الشعب السورى. وإذا كانت أيادى النظام السورى ملوثة بدماء الشهداء الأبرياء، فالصمت مصبوغ بلون دماء الشهداء.