ثار الفرنسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصريحات وزيرة الثقافة الحالية فلور بيليرين، التي قالت فيها أنها لم تقرأ أي كتاب لمدة سنتين. ففي تصريحاتها في برنامج تليفزيوني لقناة "كانال+" ، قالت الوزيرة الفرنسية من أصل كوري، بأنها لم تقرأ رواية واحدة خلال العامين الماضيين. وعندما ذكرت أنها تناولت الغداء مع روائي فرنسا الحائز على نوبل لعام 2014، باتريك موديانو، ولم تتمكن من ذكر أسماء أي من رواياته، زاد حنق الناس. ودافعت بيليرين عن نفسها قائلة أنها تقرأ الكثير من البيانات والأوراق القانونية والأخبار ولا تجد أي وقت لتقرأ كتاباً. بالطبع موديانو، الروائي الفرنسي، كان مجهولاً بالنسبة للكثيرين في مختلف أنحاء العالم، ولكن من المتوقع أن يعرفه الفرنسيين عامة ووزراء الثقافة خاصة. وعندما أشار إليها الآخرون أن وظيفتها قائمة على القراءة أصلاً، لم تبد أي رد فعل. وعلق الكاتب كلاود أسكولوفتش على موقع هافنتون بوست فرنسا، بأن بعد اعترافها "بسعادة" عن عدم قرائتها لأي كتاب، كان على الوزيرة أن تستقيل. ولدت بيريلين في كوريا الجنوبية، لتنشأ في ملجأ للأيتام بعد أن تركها والداها ليتبناها أبوان فرنسيان فيما بعد لتنشأ في فرنسا. ولم تخف يومًا طموحها في أن تنتزع هذا المنصب من سابقتها آريل فليبيتي. وتولت بيريلين الوزارة في شهر أغسطس لعام 2014، لتصبح أول وزيرة من أصول آسيوية في الحكومة الفرنسية. ويظهر في تاريخ بيريلين اكتساح الجانب العملي أكثر من الأدبي، فمجال دراستها تمحور حول الاقتصاد بصفة أكبر. ويعود تاريخ صراعها مع فليبيتي إلى مهرجان كان السينمائي بشهر مايو 2013، وبينما كانت مسؤولة عن التجارة الخارجية، عندما جعلتها فليبيتي تدخل من باب جانبي بدلاً من المشي فوق السجادة الحمراء، لذلك يعتبر الكثيرون تولي بيريلين المنصب بمثابة انتقامها من فليبيتي. وقد صرحت في حوار لها مع "لافيجارو" بعد تعيينها أن كتبها المفضلة هي "أزهار الشر" لتشارلز بودلير و "كازانوفا في بولزانو" لساندور مراي. ولكنها لم تذكر موديانو يومًا. يشيد البعض بصراحتها وعدم محاولتها الإدعاء، ولكن يجادل آخرون بأنها إن اختارت أن تصبح وزيرة للثقافة فمن غير المنطقي ألا تقرأ أي كتاب لأكثر من عامين. وعلى الجانب الآخر توجد آريل فليبيتي، وزيرة الثقافة السابقة من أصل إيطالي، والتي تولت المنصب منذ مايو 2012 لتتركه أغسطس 2014. ويظهر في فليبيتي اهتمامها الواضح بالثقافة، فقد نشرت روايتها الأولى "أيام الطبقة العاملة الأخيرة" عام 2003، لتترجم بعدها لعدد من اللغات. وقامت في نفس العام بكتابة النص المسرحي "شظايا البشرية". وقد نالت العديد من الشهادات والتشريفات في الأدب الكلاسيكي، لذلك يبدو أنها النموذج المثالي لما يجب أن يكون عليه وزير الثقافة، ظاهريًا على الأقل. ومن ضمن ما قامت به في معركتها لتوفير الكتب، كان صراعها مع موقع أمازون فيما يتعلق بخدماته القائمة على توصيل الكتب، وكيف تستهلك أكثر مما تستحق من المال وكيف يؤثر ذلك على المكتبات في فرنسا. ومن ضمن تصريحاتها الحديثة كان اهتمامها بفوز موديانو بجائزة نوبل، فقد كتبت على حسابها بموقع تويتر تغريدة تعبر فيها عن حماسها لفوز موديانو بالجائزة لما يتمتع به أسلوبه من حساسية ومعرفة تاريخية، وكونه موهبة لا يمكن إنكارها. بينما بيريلين اكتفت بذكر وجبة الغداء "العظيمة" التي تناولتها برفقته، غير معلقة على أعماله أو فوزه بالجائزة. يتضح في كل من فليبيتي وبيريلين مثالين مختلفين لوزارة الثقافة في فرنسا وأوروبا، خاصة أن قبل تولى بيريلين منصبها بالوزارة، كانت الحرب دائرة بينها وبين فليبيتي، على صعيد آخر غير ثقافي بالكامل. يذكر أن وزارة الثقافة الفرنسية بشكلها الحالي أنشأها شارل ديجول عام 1959 ليصبح وزيرها الأول الكاتب أندريه مارلو ليصبح ذلك نهجا ساروا عليه تقريبًا في الوزارة بعد ذلك. فأصبح إختيار الكًتاب أو المهتمين بالثقافة من ضمن المعايير المتوقعة من أي وزير ثقافة.