توقفت وأظن أنه يجب أن يتوقف الجميع وينتبه، بعد أن كشفت التحقيقات الأولية فى حادثة الانفجار الأخير أمام جامعة القاهرة يوم الأربعاء الماضى أن التفجير تم بنفس آلية وأسلوب ومعدات التفجير الذى سبقه فى نفس المكان، مخلفا شهداء ومصابين، بل الأطرف هو أنه تكشف عدم وجود كاميرات مراقبة على أسوار جامعة القاهرة تمكّن الأمن إن أراد أن يراقب ما يحدث ويمنعه. أظن أنه من العبث بعد كل هذا الفشل الأمنى لوزير الداخلية أن نتحدث عن أسباب بقائه أو عن محاسبة المقصرين لا سمح الله، ولكن أظن أن المجال الوحيد هنا أن نقرأ بقليل من التدقيق هذه النوعية من التفجيرات ونطرح أسئلة، فلو تابعنا فقط التفجيرات التى تمت بالاستعانة بالأشجار، سواء تم زرع القنبلة فوقها أو تحتها، والتى بدأت كظاهرة مع حادثة تفجير الأوتوبيس الذى مر مصادفة بشارع مصطفى النحاس يوم 26 ديسمبر 2013، واستمرت حتى التفجير الذى وقع أمام وزارة الخارجية فى 21 سبتمبر الماضى، فسنجد أن عمليات الأشجار تلك وحدها تسجل حتى وقوع آخر تفجير لها 12 عملية، مصنفة ب6 انفجارات، والإعلان عن تفكيك 5، وقنبلة صوت واحدة، استشهد فيها 6، بين مجندين وضباط، وأصيب 30، بينهم مدنيون، وأن معدل التفجيرات التى وقعت وخلّفت شهداء ومصابين هو تفجير كل شهر ونصف تقريبا، وأن الإعلان عن تفكيك 5 قنابل ملحقة بأشجار فى هذه المدة، منها قنبلة واحدة فى القاهرة أمام مستشفى الهرم، والأربع الباقية فى الأقاليم (كفر الشيخ - السنطة - أبو قير - بطينة بالغربية). القضية الكبرى هنا أن التفجيرات التى تمت بالفعل كانت إما فى أشجار أو جدران أمام أماكن حيوية، مثل قصر الاتحادية ووزارة الخارجية، وإما أسفل أشجار لصيقة بكمائن أمنية ثابتة فى هذه المواقع، وهو ما يطرح السؤال الكبير الملغز حول الآلية التى تعتمدها الدولة لمراقبة ومتابعة الأماكن الحيوية بها، وقدرتها على التدخل السريع لضبط من يقومون بزرع تلك القنابل فى أشجار أمامها أو بجوارها، ويطرح سؤالا آخر حول تكتيك العمل بخصوص الكمائن الثابتة سهلة الاستهداف، التى تمكن واضع القنبلة من الوصول إلى شجرة أو جدار لصيق بالكمين وتثبيتها كما حدث أمام جامعة القاهرة مثلا، فى المرة الأولى، حيث تم تثبيت القنابل ليلا وانفجرت عن بعد صباحا فى موقع الكمين الثابت أمام الجامعة، فى المرة الأولى، وأسفل جدار غرفة تحكم غاز ملاصق لكشك الحراسة فى المرة الثانية، وبالمثل حدث أمام المدينة الجامعية للأزهر. وفى سياق تتبع الجناة والقبض عليهم فحتى الآن تم الإعلان عن أن المتهم الرئيسى فى تفجير مترو البحوث ومحيط جامعة القاهرة وقسم الطالبية والمدينة الجامعية للأزهر هو ياسر محمد أحمد خضير، الذى تم القبض عليه مصادفة يوم 15 أبريل 2014، عندما لاحقه سائق تاكسى عندما ألقى قنبلة على كمين بالدقى، والذى قالت التحقيقات إنه منتمٍ إلى «أجناد مصر»، وقالت التحقيقات أيضا إنه اعترف على آخرين مشاركين فى التنظيم وتم الإعلان عن القبض على 14 منهم بعدها يوم 12 مايو 2014، وقال وزير الداخلية وقتها إنه يتزعمهم جمال زكى عبد الرحيم، ومحمد أحمد توفيق، وسعد عبد الرؤوف عزب. وفى هذا السياق المجنون تجتاحنى تساؤلات مراهقة جدا جدا: 1- فى منتصف مايو 2014 أعلنت الداخلية عن إلقاء القبض على الخلية المسؤولة عن تفجيرات الأشجار السابقة لهذا التاريخ، بعامل مشترك تم توحيده -بينما تم إعلانه- لكل هذه التفجيرات وهو ياسر خضير، وبعد هذا الإعلان حدثت ثلاثة تفجيرات مهمة، هى تفجير الاتحادية وتفجير وزارة الخارجية وجامعة القاهرة الأخير، مما يفيد بوجود مجموعات أخرى طليقة غير التى تم الإعلان عن القبض عليها تنفذ عمليات، مما يطرح سؤالا كبيرا حول عدم قدرة الداخلية على ضبطهم حتى الآن، فضلا عن أن المتهم الرئيسى الذى يفترض أنه أرشد عن باقى المجموعة قد ألقى القبض عليه سائق تاكسى مصادفة. 2- ظهرت بعد تفجيرات مديرية أمن القاهرة فيديوهات من كاميرات المراقبة المثبتة أعلى المتحف الإسلامى، فيها تفاصيل السيارة التى قضت ليلتها أمام المديرية، ثم انفجرت فجرا، وحتى الآن لم تظهر أى فيديوهات توضح كيف تم تركيب المتفجرات فى الأشجار المقابلة لقصر الاتحادية، الذى من المفترض أنه مؤمن جيدا ومحاط بعدد ضخم من الكاميرات. 3- يمكنك أن تتحرك بحرية حول وأمام معظم الأماكن الحيوية فى الدول المتقدمة، ولكن فى حالة اقتراف أى أمر مريب أو انتظار سيارة دون سبب تنتفض قوات للتحرى عما يحدث، والسؤال المكرر هنا: إلى متى -أو لماذا- ستستمر الأماكن والمقرات الحيوية والطرق الرئيسية فى مصر، خصوصا فى العاصمة، بلا كاميرات مراقبة دقيقة مؤمنة ببرنامج متابعة بشرى على مدار اليوم، مصحوبا بقوات تدخل سريع؟ 4- كيف يتمكن شخص من تثبيت قنبلة فى موقع كمين ثابت للشرطة فى أى وقت من أوقات اليوم؟ أين الاستراتيجية الأمنية للتعامل مع عمليات نمطية مكررة مستمرة لقرابة العام؟ وما آلية العمل التى تقضى بتثبيت كمين شرطى فى موقع بعينه مع السماح له بالمغادرة ليلا والعودة صباحا للتمركز فى ذات المكان؟ وفى المواقع التى لا يغادر الكمين مكانه فيها ليلا أو نهارا، كيف يتم زرع قنابل بجواره وفى وجوده؟ من يقوم بالتمشيط المستمر ومن يقوم بالمراقبة؟