يتباهى كثير منا بعدد الكتب الموضوعة فى مكتبته، نظن خطأ أن الثقافة ما هى إلا قراءة وحفظ مئات من الكتب المرصوصة، ولكن على أرض الواقع نكتشف أن قراءتنا السطحية بلا إدراك ولا تطبيق لا تصنع واعيًا، ولك فى قصتى عبرة. والحكاية القديمة أن بعض بلطجية المدارس المجاورة تعرضوا لأحد أصدقائى بعد أن أنهينا امتحان إحدى مواد الثانوية العامة، قررت مع البعض الذود عن الصديق الذى -يا للصدفة- فص ملح وداب، هجم البلطجية الشباب بكل ما لذ وطاب من جنازير وأسلحة بيضاء وسوداء على دماغهم، وأنا أقف مع زملائى متزودًا بالعلم والثقافة وحساب المثلثات.. بشىء من المكر اخترت أضعف المهاجمين، اتجهت إليه وأنا أرسم على ملامحى أقسى آيات الشر، متسلحًا بثقافتى القتالية المستوحاة من قصص رجل المستحيل.. وقفت أمامه وجهًا لوجه.. عصرت ذاكرتى لأتذكَّر مكان المنطقة التى لو ضربته فيها بسيف اليد سينهار العصب السيمبثاوى ويقطع طريق الدم عن الشريان التاجى والبنكرياس، ويفرفر المسكين كدجاجة مذبوحة.. حتى إذا هاجمنى فالموضوع سهل، سأتلقى لكمته على ساعدى الأيسر ثم أناوله بقبضتى اليمنى لكمة خطافية يتخلّى بسببها طقم أسنانه عن مكانه المألوف، ثم أحدّثه ساخرًا بالفصحى: قُم واجهنى أيها الوغد.. كم أنت رائع يا «رجل المستحيل»، مية مية ده أنا هادغدغ الدنيا.. رفع جنزيرًا ضخمًا ليضربنى على رأسى فتصديت للجنزير -يا حلاوتى- بساعدى، لم أشعر بالدنيا بعدها بعد أن شل الجنزير جسمى كله من هول الضربة لأصبح فى لحظة عبارة عن تمرين «بوكس» لزملائه! بعدها كنت كلما قرأت قصة من قصص رجل المستحيل ووجدت «أدهم» يتلقى اللكمة على ساعده ويضرب باليمنى أتحسّس ما تبقى من وجهى وأقول فى خِفوت: «ما أنا عملت كده يا كابتن واتخرشمت.. إنت كذاب على فكرة»!