متكئين علي ثراء أسرهم، أو هربا من تجارب فاشلة، وربما لمجرد قضاء أوقات الفراغ القاتلة، وأحيانا بفعل عوامل صحبة السوء.. وجدو أنفسهم فجأة في "دوامة الإدمان" الذي زينت لهم قتل أنفسهم بالبطيء بحثا عن لذة زائفة ومتعة عابرة، وفي النهاية وجدو أنفسهم يقفون في المنطقة الوسطي بين الضياع والجنون، يبحثون عن بقايا الإنسان داخلهم دون مجيب، ولأن أصدق الحكايات ما يرويها أصحابها، "التحرير" التقت عددًا ممن أفاء الله عليهم بالشفاء والتخلص من سموم المخدرات بأنواعها، ليحكي تجربته مع رحلة "الهروب من الألم". هيثم.م.م (41 سنة) من الإسكندرية، قال وقد بدت علي وجه بشاشة الشفاء وسكينة القبل "أنا مدمن من 21 سنة, والدى خطيب مسجد وكان محفظنى القرآن الكريم، وحصلت علي جوائز كثيرة وكانت الناس كلها فخورة بيّ".. يتابع هيثم: "خلصت الجيش واشتغلت فى شركة استيراد وتصدير وعملت فلوس كتير قوي, لما توفى صاحب الشركة تركتها, كنت كل أسبوع أجمع فلوسى من السوق، ودي كانت المصيبة الكبري".. بسؤاله عن سبب ذلك ابتسم وقال: " لأن الفلوس هي مصدر كل البلاء اللي أنا فيه وبعد ما كترت فير أيدي بدأت "أفتري" زي ما بيقولوا وصرفتها علي النساء وعرفت طريق المخدرات, حتي جاء لي صديق سوء وقالى "جرب الهيروين فى الجنس وانت تبقي زي الفل...ومن ساعتها " تعرفت على تاجرة مخدرات وطلبت مني العمل لها في تعبئة الهيريون مقابل ألف جنيه في اليوم، والحصول علي جرعتي مجانا فوافقت علي الفور". يتابع هيثم رواية قصته مع الإدمان: "الشرطة قبضت على المعلمة وبعدها قررت أن أصبح من الكبار وأتاجر بنفسى في البودرة، ودلني أحدهم علي التعامل مع قبطان سورى لجلب الهيروين فى سفينته، ولسابق معرفتي بكل ما يدور وأسرار ميناء الإسكندرية وطرق التهريب، كنت بخرج بضاعتي "زي الشعرة من العجين"، مضيفًا: "تجارتى توسعت.. الفلوس زادت بيدي لدرجة أني استعنت بشقيقى ليساعدني"، ويارتنى ما كنت دخلته الكار:" كان بيوقف جامبى وأنا بشم الهيروين وضيعته زي ما ضيعت نفسي". يتابع هيثم كلماته: "مكافحة المخدرات عرفت تجارتى وقبضت علىّ، ودخلت السجن وخسرت بضاعة بنصف مليون جنيه, خرجت من السجن لقيت أخويا مدمن وتاجر, حاولت إخراجه من الكار وأجبرته على الخروج بعد محاولات عديدة، واقنعته أن يكون تاجرا وليس مدمنا, علمت أن مكافحة المخدرات تسعى للقبض علىّ مرة أخرى، فهربت إلى الصحراء الشرقية وتوسعت فى تجارتى مع الأعراب"، منهيا قصته في أسي"، بعد فترة من الهرب في الصحراء علمت أن أخويا بيموت من الهيروين، روحت علشان أشوفه، رفض مقابلتى وأهلى طردونى من المنزل, رجعت إلى الصحراء مطرودًا وتركت التجارة وتحولت إلى مدمن فقط, ثم علمت بوفاة أمى وأن شقيقى يتعالج من الإدمان فقررت منذ تلك اللحظة أن اتعالج أيضا حتي أكفر عن خطايا في حق الناس وأهلي والمجتمع.