فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    حزب العدل يتابع مجريات العملية الانتخابية في اليوم الأخير بالدوائر ال(19)    بسبب مزارعي كفر البسطويسي| محمد موسى يوجه نداء عاجلا لوزيري الأوقاف والزراعة    جوائز بنك العام 2025 في إفريقيا... من هم المتوَّجون في دول القارة؟    الرقب: الاحتلال يسعى لإفراغ غزة.. ومصر تقاتل لحماية حق العودة    العزبي: حقول النفط السورية وراء إصرار إسرائيل على إقامة منطقة عازلة    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    أكسيوس: ترامب يعتزم إعلان الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل أعياد الميلاد    ترامب يستضيف توقيع اتفاقية سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    إسرائيل تستولي على أعمدة أثرية من بلدة فلسطينية وسط الضفة    مانشستر يونايتد يفرط في الفوز ضد وست هام بالدوري الإنجليزي    ميلان يودع كأس إيطاليا أمام لاتسيو من ثمن النهائي    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    التعادل 1-1 يُنهي قمة مان يونايتد ضد وست هام بالدوري الإنجليزي    البدري: حبي للأهلي لا يقاس بشيء.. وأتمنى التوفيق لحسام حسن مع المنتخب    الداخلية: غلق كلي لشارع 26 يوليو 3 أيام لتنفيذ أعمال المونوريل بالجيزة    الداخلية تضبط مروّج فيديو يتضمن تهديدًا لمرشحي الانتخابات في سوهاج    انسحاب 4 دول من مسابقة «يوروفيجن 2026» وسط خلاف بشأن مشاركة إسرائيل    دار الإفتاء تحذر من البشعة: ممارسة محرمة شرعا وتعرض الإنسان للأذى    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    الأرصاد تحذر : موجة جديدة من البرد تبدأ خلال ساعات    وزير السياحة يعقد لقاءات مهنية مع منظمي الرحلات بالسوق الأمريكية    هيئة قصور الثقافة تنعى الشاعر الكبير فوزى خضر    أكثر من 12 ألف طفل وطفلة يعيشون حياة طبيعية داخل أسر رحيمة    ضبط 6 متهمين جدد بقضية "طن الحشيش" في الإسكندرية    وزير الصحة: أمراض الجهاز التنفسي تتطلب مجهودا كبيرا والقيادة السياسية تضع الملف على رأس الأولويات الوطنية    ما الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد؟.. خالد الجندي يوضح    الأقصر تشهد أضخم احتفالية لتكريم 1500 حافظ لكتاب الله بجنوب الصعيد    مراسلة إكسترا نيوز: اشتعال المنافسة في الإسكندرية بين 16 مرشحا على 3 مقاعد    الإدارية العليا تغلق باب الطعون على نتيجة النواب بالمرحلة الثانية ب300 طعن في 48 ساعة    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    بعد غد.. فصل التيار الكهربائي عن مناطق وقرى بالرياض في كفر الشيخ لمدة 5 ساعات    البورصة تسجل قفزة في سوق الصفقات بقيادة شارم والخليج الإنجليزية    سوريا ضد قطر.. التعادل السلبي ينهى الشوط الأول بكأس العرب 2025    ننشر الجدول الزمنى للإجراءات الانتخابية بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    محافظ قنا ل إكسترا نيوز: غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات على مدار الساعة    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    تغيير ملاعب مباريات الأهلي والزمالك في كأس عاصمة مصر    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    نيكول سابا تكشف كواليس أحدث أعمالها «تلج تلج »    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    العمل" تُوفر 10 وظائف للشباب في" الصناعات البلاستيكية الدقيقة بالجيزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    اسعار المكرونه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى محال المنيا    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    مصر تقيم احتفالية كبرى لوزراء البيئة وممثلي 21 دولة من حوض البحر المتوسط    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة المحاجر.. فى حضن الجبل
نشر في التحرير يوم 02 - 09 - 2014


تصوير- عماد الجبالى
منسيون فى حضن الجبل، دون رعاية صحية أو أمن صناعى يقيهم من غدر الطبيعة، إنهم عمال المناجم، الذين يعملون فى ظروف قاسية، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الماكينات واللوادر والحفارات وسيارات النقل، اللغة التى يتحدث بها الجميع هى لغة الإشارة، لا مكيفات ولا مراوح تهون من حرارة الشمس، الكل يعرف دوره ويعلم مدى المسؤولية الملقاة على عاتقه. على بُعد 300 كيلومتر تقريبا من القاهرة توجد محاجر الرمال والزلط التابعة للمنيا، أكبر محافظات الجمهورية التى تحتوى على محاجر، حيث يتم استخراج الرمال والزلط، إضافة إلى البازلت، الذى لا يتم استخراجه إلا من ثلاثة أماكن فى مصر، وتعد المنيا أحد هذه الأماكن وأكبرها، ويتم تصديره إلى عدة دول خصوصا إيطاليا. المحاجر تدر دخلا كبيرا، وحسب مصادر مطلعة، فإن المحافظة تستفيد بجزء منه، بينما يذهب الجزء الآخر والأكبر إلى جيوب المقاولين وأصحاب المحاجر وبعض المتربحين، خصوصا المسؤولين عن تحديد القيمة الإيجارية السنوية للمحجر.
»التحرير» أجرت تحقيقا حول الأوضاع الحالية لمحاجر الرمال والزلط والبازلت، فى محاولة لفتح أبرز وأكبر الملفات الشائكة لمعرفة مصير أموال المحاجر، وحاولت إظهار كل الحقائق، ومن المسؤول عن إهدار هذه الأموال، التى ربما تكفى لسد عجز ميزانية الدولة، ولنضع أيدينا على موطن القصور والخلل فى عملية إدارة هذا الملف.
القرار للأقدم
كلمة «محجر» تعنى مكانا فى الجبل تقطع منه الحجارة أو يستخرج منه الرمال أو الزلط، وتعتبر المنيا والسويس وأسيوط من أشهر المحافظات التى يوجد بها رمال وزلط وبازلت ذات جودة عالية، وغالبا ما يتم اختيار موقع المحجر بعد الاستعانة بالمتخصصين، خصوصا ممن عملوا فى المحاجر لفترات طويلة، لأنهم غالبا ما يعرفون طبيعة الجبل، كما أنهم هم الأقدر على تقرير ما إذا كان الموقع يصلح لاستخراج الرمال أو الزلط من عدمه، أو إذا كان الموقع سيعطى لسنوات أطول أم لا.
أغلب المحاجر توجد داخل مناطق جبلية، تبعد عن الطرق الرئيسية بما لا يقل عن 5 كيلومترات، كما أن بعضها يبعد عن الطرق لمسافات تصل إلى 20 كيلومترا داخل الجبل، واختيار موقع المحجر يتم تحديده بعد أن يتقدم أحد المقاولين بطلب إلى المحافظة للتصريح له بإقامة محجر، ويعتبر المحافظ هو رئيس جمهورية المحاجر، لأنه الشخص الوحيد الذى يملك إعطاء تصريح أو غلق محجر، كما أن أغلب المحافظين السابقين كانوا شركاء بشكل أو بآخر فى أغلب المحاجر الكبيرة التابعة للمحافظة.
إطار لودر يوجه قائدى السيارات إلى موقع المحجر
«التحرير» انتقلت إلى محافظة المنيا، إحدى كبرى المحافظات التى يوجد بها محاجر الرمال والزلط والبازلت الأسود، لترى عن قرب كيف يعيش هؤلاء العمال فى حضن الجبل لفترات تتجاوز ال5 أشهر، دون زيارة منازلهم التى تبعد عنهم بنحو 60 كيلومترا، لكن باءت أغلب المحاولات بالفشل، خصوصا بعد علم أصحاب المحاجر والعاملين فيها أننا صحفيون، وكانت أغلب الردود «يا عم إحنا مش عايزين مشاكل، إحنا عايشين زى الفل والحمد لله، ومش عايزين حاجة من حد بس سيبونا فى حالنا»، تكررت المحاولة أكثر من خمس مرات، إلى أن ذهبنا إلى أحد المحاجر، الذى يقوم بإنتاج الزلط على مسافة 40 كيلومترا من مدينة المنيا، وما إن انتهينا من اجتياز بوابات مدينة المنيا حتى قام قائد السيارة بالانحراف يمينا بجوار إطار لودر كبير مكتوب عليه اسم صاحب المحجر، تم وضعه ليكون بمثابة علامة لقائدى السيارات حتى يتمكنوا من الوصول إلى المحجر، استمر سير السيارة عبر مدقات أسسها أصحاب المحجر لمدة تجاوزت ال40 دقيقة.
بره الدنيا
ما إن وصلنا إلى موقع المحجر حتى وجدنا أناسا أعمارهم وأحجامهم مختلفة، لكن أشكالهم واحدة، فجميعهم كست وجوههم الرمال بسبب «العفرة»، حيث يعملون تحت لهيب الشمس، كل يؤدى مهمته فى صمت، ولا يتحدثون خلال فترة العمل إلا بلغة واحدة هى لغة الإشارة، بسبب ارتفاع صوت المعدات بشكل هائل.
«التحرير» تجولت داخل المحجر لمدة تجاوزت الساعات الثلاث، لمعرفة دور وأهمية كل معدة ووظيفة كل شخص داخل الموقع، حيث يوجد بالمحجر 4 لوادر تعمل لمدة 20 ساعة فى اليوم، إضافة إلى «تباعين» يقومون بصيانة المعدات إذا ما وقع عطل فى إحداها، إضافة إلى عدد 2 «بلدوزر»، وهى المعدة التى يتم استخدامها فى عملية خرط الجبل، إضافة إلى حداد ومحاسب وميكانيكى، وكذلك يوجد شخصان كل مهمتهما هى الجلوس بجوار لوحة المفاتيح الخاصة ب«الهزاز»، وهى المعدة التى يتم استخدامها فى هز ما يتم قطعه من الجبل لفصل الرمال عن الزلط، وذلك ليقوما بفصل التيار الكهربائى عن «الهزاز» حال وجود أى أعطال أو خلل فى عمل المعدة، ويحيط بهما من جميع الاتجاهات محولات لتوليد الكهرباء وبعض صناديق السيارات التى يستخدمونها عند النوم، إضافة إلى غرفة صغيرة يقيم بها أحد العمال، الذى يقوم بطهى الطعام للعاملين بالمحجر.
بنروَّح كل شهرين
ما إن تفقدنا الموقع حتى بدأنا فى صعود المعدات لإجراء لقاءات مع قائد كل معدة، بدأنا بعم حنفى، قائد «الكسارة»، وهى المعدة الأهم داخل الموقع، الذى بدأ كلامه قائلا «إيه اللى جايبكم هنا فى النار القايدة دى؟»، مضيفا «إحنا متعودين على الشمس، وبنقعد هنا بالشهور، ممكن شهر وممكن 3 شهور، لأن المسافة بعيدة وماينفعش نروح كل يوم»، مشيرا إلى أن وظيفته هى تكسير الحجر وخرط الجبل، حتى يتمكن اللودر من رفع هذه الرمال المخلوطة بالزلط، ويذهب بها إلى «الهزاز»، الذى يقوم بدوره، وهو فصل الرمال عن الزلط. عم حنفى قال وهو يبتسم «الشغل على الكسارة بيخلينى أأكل زى الحمار، وفى النهاية أنا مبسوط بشغلى ومبسوط إنى فى الجبل، لأن الناس خلاص مابقتش تتعاشر، كله بياكل فى كله، وماحدش بقى يستحمل حد»، مضيفا «كل اللى أنا عايزه من البلد إنها توفر لى معاش لما أكبر فى السن أو يحصل لى حاجة، أقدر أصرف على بيتى لأنى بقالى أكتر من عشرين سنة فى الشغلانة دى«
«إحنا هنا مش بنسمع غير صوت المعدات، وبنكلم بعضينا بالإشارات، وبنقعد فى الجبل لحد ما نجمع مبلغ نوديه لعيالنا يصرفوا منه»، بهذه الكلمات بدأ جرجس، الذى يعمل على أحد اللوادر بالمحجر حديثه ل«التحرير»، مستطردا «أبدأ العمل فى السادسة صباحا، وانتهى منه الرابعة عصرا، إلى أن يستيقظ السائق الثانى، ويتسلم منى اللودر«
جرجس اعتبر أن الحياة فى قلب الجبل أمر طبيعى بالنسبة إليهم، وأنه لا ينقصهم سوى أولادهم، ولولا «العفرة» التى تنتج من المعدات ومدارس أبنائنا لأحضرناهم وعاشوا معنا فى الجبل.
أما عم سمير، فكان يجلس داخل عشة صغيرة الحجم تبعد عن الكسارة بنحو 20 مترا تقريبا، وأوضح طبيعة عمله، قائلا «شغلى هو متابعة الكسارة طول ما أنا قاعد، وماينفعش عينى تغفل عنها ولو لثانية واحدة، ولا قدر الله لو حصل أى عطل أو مشكلة فى الهزاز لازم أفصل التيار فى وقتها علشان المشكلة ماتزدش أو حد يموت».
«التحرير» سألت عم سمير عن الأجر الذى يتقاضاه نظير هذا العمل فأجاب مبتسما «الحمد لله مستورة وعايشين أحسن من غيرنا، ورغم صعوبة العيشة فى الجبل لكن إحنا أحسن من غيرنا بكتير».
ضحايا حضن الجبل
«حوادث المحاجر دائما ما تكون مأساوية، لأنها غالبا ما تخلف قتلى أو مصابين بإصابات توصلهم إلى مرحلة العجز وعدم القدرة على العمل»، هكذا أوضح الأسطى على، الذى يعمل «ميكانيكى» بالمحجر، مضيفا أن أغلب الحوادث التى شاهدها دائما ما يفارق فيها الضحية الحياة أو يتعرض لعجز يمنعه من استكمال العمل بقية حياته. الأسطى على، أشار إلى أنه لا ينسى مشهد أعز أصدقائه، عندما كان يعمل فى أحد محاجر الرمال، حيث انهار فوقه الجبل، ولم نتمكن من إخراجه إلا بعد أن فارق الحياة، موضحا أن جميع من يعملون بالمحاجر على قناعة بأن أرواحهم يمكن أن تسلب فى لمح البصر.
ملف مغلق
حاولنا التعرف على طبيعة الأشخاص الذين يمتلكون هذه المحاجر، وحجم الأموال التى يقومون بدفعها للدولة مقابل الحصول على التراخيص اللازمة، وحجم الأموال التى يحصلون عليها من ربح المحاجر، فتوجهنا إلى أحد المختصين بالمحاجر، الذى طلب عدم الإفصاح عن اسمه، مؤكدا أن أغلب المحاجر مملوكة لأعضاء مجلس الشعب ورجال الأعمال، وأن هناك مشاركات تمت بين رجال الأعمال ومحافظين سابقين تولوا إدارة الإقليم مثل المحافظ الأسبق أحمد ضياء الدين، الذى دخل فى شراكة مع أحد رجال الأعمال فى أحد المحاجر القريبة من مدينة المنيا. المصدر أضاف أن المحافظ هو بمثابة رئيس جمهورية المحاجر، لأنه هو من يتحكم فى عملية منح التراخيص أو إلغائها، كما أن أى مخالفة تخص المحاجر تصل إلى أصحابها عن طريق المحافظة مباشرة. وأشار المصدر إلى أن ملف المحاجر من الملفات التى يجب أن تنتبه إليها الدولة بشكل سريع، لأن هناك مليارات تذهب إلى جيوب الفاسدين والمرتشين دون وجه حق، محملا جميع من تولوا إدارة المحافظة المسؤولية الكاملة عن إهدار هذه الأموال، مضيفا أن المحافظة تقوم بمنح ترخيص محجر الرملة مقابل 4 آلاف جنيه فى الشهر، وهو المبلغ الذى يتحصل عليه أى محجر خلال يوم واحد، كما أنها تمنح ترخيص محجر الزلط مقابل 9 آلاف جنيه فى الشهر، وهو المبلغ الذى يتحصل عليه محجر الزلط خلال ثلاث ساعات عمل، مشيرا إلى أن هناك من يتحمل مسؤولية منح تراخيص المحاجر دون سعرها الحقيقى، وهو يضيع على الدولة المليارات كل عام.
المصدر تابع أن محافظة المنيا بها أكثر من 250 محجر رمال لا يعمل منها سوى 40 محجرا بترخيص من المحافظة، وباقى المحاجر أخذت بوضع اليد، كما أن هناك أكثر من 60 محجر زلط لا يعمل منها سوى 13 محجرا بترخيص من المحافظة، موضحا أن باقى المحاجر أخذت بوضع اليد فى ظل غياب الرقابة، وأن كل ما يقومون بدفعه هو الإتاوات التى يحصل عليها العرب كل أسبوع تقريبا، مضيفا أنهم يعملون جميعا طيلة العام باستثناء أيام الأعياد.
وأكد المصدر أن هناك عمليات فساد بالجملة فى إدارة ملف المحاجر، كان من أبرزها سحب ترخيص «كسارة البازلت الأسود» من شركة النيل للطرق، وهى شركة تابعة للدولة، وكانت تمول شركات السكة الحديد، وسلمت الكسارة إلى أحد رجال الأعمال القادمين من محافظة سوهاج ويدعى «ص. أ»، مشيرا إلى أن رجل الأعمال حصل على ترخيص الكسارة مقابل مليون جنيه فى العام، وهو المبلغ الذى تتحصل عليه خلال 20 يوما فقط، حيث إنها تنتج البازلت الأسود، الذى لا يوجد سوى فى ثلاثة أماكن فى مصر، محافظة المنيا أحدها وأكبرها، ويتم تصديره إلى إيطاليا بأسعار عالية جدا، مضيفا أن المناقصة يتم ترسيتها على رجل الأعمال قبل انتهاء المستخلصات حتى لا يتمكن أحد من طلب ترخيصها.
المصدر أوضح أن الفساد الذى يتم ممارسته فى ملف إدارة محاجر الرمال والزلط هو نفسه الذى تتعرض له باقى المحاجر سواء محاجر الرخام أو محاجر الطوب الأبيض، التى تنتهك فيها حقوق العاملين، مطالبا بضرورة فتح ملف المحاجر بشكل واسع حتى تتمكن الدولة من استعادة أموالها المهدرة.
عمالة الأطفال
مدير مشروع رعاية عمال المحاجر بمؤسسة وادى النيل، حسام وصفى، اعتبر أن الانتهاكات التى يتعرض لها العمال داخل المحاجر هى النقطة الأهم، التى يجب أن تنظر إليها الدولة بعين الاعتبار، خصوصا ما يتعرض له عمال الحجر الجيرى، الذين يعملون فى ظل ظروف قاسية وتحرمهم الدولة حتى من أبسط حقوقهم المتعلقة بالرعاية الصحية، مضيفا أنه ما زال حتى الآن يوجد أطفال يعملون داخل المحاجر لمساعدة أسرهم فى مواجهة أعباء الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.