دافع الكاتب الأمريكي بيتر بينارت عن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقال إن منتقديه ممن يزعمون افتقاره إلى استراتيجية إزاء الشرق الأوسط مخطئون، وأكد امتلاك أوباما لاستراتيجية وأنه بصدد البدء في تنفيذها. وأوضح بينارت - في مقال نشرته مجلة (ذي أتلانتك) الأمريكية - أن أوباما يملك أدوات العنف والدبلوماسية، ويستخدم كلاً منها في الموضع الذي يراه مناسبًا، وإذا كان قد أبدى عدم رغبة في استخدام القوة العسكرية لحل مشاكل الشرق الأوسط التي لا تمثل خطرًا مباشرًا على حياة الأمريكيين، وجنح إلى استخدام الدبلوماسية لتسوية أزمة البرنامج النووي الإيراني؛ لتحفظه فيما يتعلق بخوض حرب ضد طهران، وأعرض عن تسليح المعارضة السورية، أو نظام بشار الأسد، حرصًا على عدم الانجراف لحرب أهلية في سوريا. وأضاف بينارت، أن أوباما نفسه أظهر على جبهات أخرى ميلاً قويًّا لاستخدام القوة العسكرية وبشراسة في قتل المتطرفين في أفغانستانوباكستان مستخدمًا الطائرات بدون طيار، كما استطاع تصفية زعيم القاعدة أسامة بن لادن كما وعد، باستخدام قوات خاصة دونما تنسيق مع باكستان رغم تحذير نائبه ووزير دفاعه، فحين يتعلق الأمر بالشرق الأوسط لا يمكن وصف أوباما بالمُسالم الخالص، ولا بالمتشدد الخالص؛ ولكنه "مسالم شديد". ولفت الكاتب إلى أن الرئيس السابق، جورج بوش الابن، كان قد عَرّف الحرب على الإرهاب تعريفًا فضفاضًا للغاية، حتى إنه أنفق في تلك الحرب أموالاً طائلة، وأهرق دماء كثيرة ضد أناس لا طاقة لهم ولا رغبة في مهاجمة أمريكا، أما استراتيجية أوباما فهي أكثر تحديدًا فقد قرر ألا يستخدم السلاح إلا ضد أناس يرى أنهم يمثلون خطرًا على حياة المدنيين الأمريكيين. وأكد بينارت، "أن أوباما لم ينْجّر وراء الدعوات إلى ضرب نظام الأسد وتسليح المعارضة السورية، ولم يستجب لدعوات البقاء في العراق بدعوى الحفاظ على استقرار الدولة وكذلك النفوذ الأمريكي بها، لقد فعل أوباما ذلك من منطلق أن تلك التحركات لم تكن تستهدف مكافحة الإرهاب بشكل مباشر، بالإضافة إلى ما كانت ستتطلبه من أموال، وتفرضه من مخاطر". وأوجد تنظيم "داعش" لنفسه ملاذًا آمنًا في العراق والشام، وكدّس أموالا وأسلحة وقتل صحفيًّا أمريكيًّا وجنّد غربيين، وهدد بتنفيذ هجمات إرهابية ضد أمريكا، وتحول أوباما من مُسالم إلى متشدّد وشنّ هجمات جوية بالعراق قد تمتد إلى سوريا. وأشار إلى أن ثمة فئة من النقاد يرون أن أوباما المنشغل بمكافحة بؤر الإرهاب في أفغانستانوباكستان، غضّ الطرف عن تضخم طائفية نوري المالكي في العراق وعن انهيار الدولة في سوريا وغيرهما، الأمر الذي قوّى حافز التطرف ومن ثمّ الإرهاب. واختتم بينارت مقاله ، قائلاً "بغض النظر عن الآراء حول مدى جدارة استراتيجية أوباما إزاء الشرق الأوسط، فإن منهج "المسالم الشديد" يناسب المزاج الوطني الأمريكي، وأن استراتيجية أوباما إزاء الشرق الأوسط ليست عظيمة ولا ملهمة أو مثالية، ولكنها ما يريده الشعب الأمريكي وما تعرف الحكومة كيف تنفذه، كما أن أوباما لم يصبح رئيسًا عبر مبارزة طواحين الهواء".