تفضَّل الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، مشكورا بالاستجابة لما كتبته عن ضرورة تأسيس منظومة عمل سليمة لإدارة قصر العينى ومستشفيات الجامعة عموما، وقال إنه تم تشكيل لجنة من أساتذة الموارد البشرية والإدارة المالية وكلية الطب لإعادة هيكلة إدارة المستشفى، وفهمت أن هذه اللجنة ستُعيد هيكلة مستشفى قصر العينى الفرنساوى الاستثمارى أيضا، وأتمنى أن أكون فهمت صح، لأن فساد الفرنساوى تخطَّى الأمور المالية والإدارية إلى الأمنية وما لا يصح كتابته علنا الآن، ورئيس الجامعة أستاذ قانون أتوقَّع منه كثيرا، وسأنتظر عمل اللجنة قبل فتح مزيد من الجراح، لأن حالة العلاج فى مصر تحزّن.. المستشفيات الجامعية التعليمية العريقة لا تحتاج إلا إلى إدارة ورقابة، وهى الأقدر على إنقاذ المصريين من نصب ونهب المستشفيات الخاصة ومن الموت فى مستشفيات وزارة الصحة، والإصلاح لا يحتمل مزايدة أو تأجيل. أكد لى د.جابر نصار اعتزاله العمل السياسى بعد الثورة، وأغلق مكتب المحاماة وتفرَّغ لقضية تطهير الجامعة من ميراث فساد متراكم.. حلّ مشكلة نقص المطهرات ببدء إنشاء مصنع مطهرات تابع لكلية الزراعة لإمداد مستشفيات الجامعة كلها، بتكلفة نصف مليون جنيه، توفّر 8 ملايين جنيه فى الميزانية.. وهى خدمة تكاملية رائعة تحسَب له. وأنه نجح فى سدّ منافذ فساد الصناديق الخاصة بتشكيل لجنة ثلاثية لإعادة توزيع الأجور والمكافآت، بعد اكتشافه صرف 18 مليون جنيه مكافآت شهرية لمجموعة محدودة كانت تمرح بلا رقيب، لدرجة أن أحدهم ظل يمنح نفسه 56 مكافأة شهريا! منع المكافآت والمخالفات وفَّر 200 مليون جنيه لخزينة الجامعة، وحقَّق العدالة فى أجور صغار الموظفين رغم خسائر شهرية نحو 60 مليونا هى أرباح الجامعة من مراكز كلية الهندسة التى دمَّرها الإخوان. أما عن نقص الأجهزة الطبية كمناظير الجراحة ووحدات الغسيل الكلوى فأكد أنه لا يعلم، ولم يتقدم أى رئيس قسم بالجامعة لطلب شراء أى جهاز، وأنه مستعد وفورا لشراء 20 جهاز غسيل كُلوى، وأى جهاز آخر لأى قسم لو طلب منه.. ويدلل على صدق وعده بأغلى أحدث الأجهزة الموجودة بمعهد الأورام المجانى وبوحدة الحالات الحرجة (علاج بالكمبيوتر).. كلام جميل ومبشِّر، اطلبوا من فضلكم!! وأكد د.نصار أنه أوقف نزيف السرقات المالية والديون فى بند الأدوية، بعد علمه بأن المورد يشتريها منذ سنوات لحساب الجامعة وبيعها للمرضى، ثم يوزِّع ثمنها أرباحا بدلا من سداد أصل المديونية!! وتعاقد كجامعة مع مجموعة صيدليات بتخفيض 19% فى الأسعار، وسدَّد 45 مليون جنيه من أصل 80 مليون ديون أدوية على «الفرنساوى» وحده، وسوف يعود ضخّ الدواء فورا. «قصر العينى» عش دبابير ومنظومة سرقة متكاملة لغياب الرقابة والمتابعة بحس أمنى وحسم، ميزانية الدولة عمياء بلا صاحب، يقودها محترفو ميراث تستيف الأوراق بالقانون وتلفيق التهم للشرفاء أو تطفيشهم. الدولة تصرخ من نهب ميزانية تستقطعها ضرائب من دمائنا بلا عائد، والمريض يئنّ ويموت، والطبيب يستسلم يأسا لمنظومة الفساد ويكتفى بإرضاء ضميره بما هو متاح.. ويتحول «قصر العينى» المجانى والاستثمارى إلى مغارة «على بابا» التى تقدم النعيم إلى حاملى كلمة السر، وأقصد بالنعيم ما لا يمكن البوح به الآن لحين إعادة هيكلة نظام الإدارة والرقابة والتفتيش اليومى على كل حركة فى المستشفى، بدءا من صرف السرنجات والأدوات اليومية من المخازن واستخدامها فعلا، إلى التأكد من أسباب دخول المريض إلى المستشفى وما يستدعى بقاءه ونوعية زوَّاره ليل نهار.. وأطالب بنشر كاميرات مراقبة كضرورة عاجلة لبداية استئصال الفساد، والإعلان عن وجودها مع تأمينها من السرقة، لأن المعركة شرسة، ومن دخل مصيدة الربح الحرام والنهب المنظَّم أصبح مدمنا لن يتراجع، لكن ممكن يخاف. ميراث فساد المستشفيات مرعب، لأنه يسحق مرضى يتألمون من ذل الفقر وفساد الذمم أكثر من المرض، ويشيد قبورا للمتاجرين بجثثهم. الأطباء والمسؤولون المشاركون فى الجريمة بالصمت يأسا، انسحبوا أو تقدموا للإنقاذ.. عندى أمل وعناد اعتمادا على جموع شرفاء يترقبون نقطة ضوء لاستئصال سرطان الفساد المتوحش، والمشارط جاهزة مع رئيس الجامعة كما وعد.