زيزو رقم 14.. ماذا قدم نجوم الزمالك بعد انتقالهم ل الأهلي؟    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    الاقتصاد الأميركي يضيف 139 ألف وظيفة في مايو بتراجع عن 147 ألف وظيفة في ابريل    الشركات الأمريكية تضيف 139 ألف وظيفة جديدة في مايو.. ومعدل البطالة 4.2%    بالإجماع.. المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يصوت لفلسطين كعضو مراقب    في أول أيام العيد.. وزيرة التنمية المحلية تتابع مع المحافظين الوضع بالمحافظات وتوجه بمواصلة الاستعداد واليقظة    في أول أيام العيد.. ضبط 138 كيلو أغذية فاسدة ببني سويف وإحالة المخالفين للنيابة    في أول أيام عيد الأضحى.. وفاة مسن تحت عجلات قطار الإسماعيلية    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    كريم عبدالعزيز وأحمد عز في مواجهة سلمان خان    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    إيرادات أفلام عيد الأضحى: 4 ملايين جنيه في ليلة وقفة العيد    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    انتشار مكثف للفرق الطبية فى ساحات وميادين الأقصر للتأمين الصحى للمواطنين    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    بتقديم التهنئة والورود.. الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بعيد الأضحى المبارك    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    السفير الأمريكي لدى اليابان: المحادثات بشأن الرسوم الجمركية لن تقوض التحالف بين البلدين    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    مواعيد مباريات الجمعة 6 يونيو - تصفيات كأس العالم.. والمغرب يواجه تونس    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان فى قهوة «متاتيا».. من الأفغانى إلى محفوظ
نشر في التحرير يوم 21 - 07 - 2014


لسنا فى حاجة ملحة إلى نقول بأن إحدى أدوات معرفة المجتمع واكتشاف قسماته وملامحه، هو الأدب المتعدد الأجناس، مثل الشعر والمسرح والرواية والقصة، وكثيرون يعتمدون على الأدب أكثر مما يعتمدون على المؤرخين، فالأدب قادر على تصوير وتأمل وشرح حالة المجتمع فى مرحلة تاريخية محددة، مثل رواية «عودة الروح»، التى كتبها توفيق الحكيم فى ثلاثينيات القرن العشرين، وتظل صورة حيّة ونابضة لما حدث فى المجتمع المصرى فى أثناء ثورة 1919، وكذلك ثلاثية نجيب محفوظ، فلا يمكن التعرف على ثورة 1919 بشكل اجتماعى وإنسانى دونما الرجوع إلى هذين العملين الأدبيين، وبالطبع هناك مئات الأعمال الأدبية التى تعكس صورا حقيقية وصادقة عن المجتمع المصرى فى كل مراحله، ومن بين هؤلاء الكتّاب الذين أثروا الحياة الثقافية والأدبية والفنية فى مصر، الكاتب والمسرحى العظيم محمد تيمور، ابن العلّامة الكبير أحمد باشا تيمور، وشقيق الروائى والكاتب محمود تيمور، ويعتبر محمد تيمور الذى ولد فى عام 1892 ورحل عام 1921 هو رائد القصة القصيرة فى مصر والعالم العربى بلا منازع، رغم أن الباحثين، وعلى رأسهم المؤرخ الأدبى محمد يوسف نجم نسب الريادة إلى ميخائيل نعيمة، وقال إنه كتب القصة الناضجة «العاقر» فى عام 1914، وأن محمد تيمور كتب قصته «فى القطار» عام 1917، ولكننا عثرنا على قصة مجهولة تماما كتبها محمد تيمور عام 1913، وهذا ما سنتحدث عنه فى مقام آخر، المهم أن محمد تيمور كتب قصته الرائعة «رمضان فى قهوة متاتيا»، معبرا عن المجتمع المصرى بدقة فنية فى ذلك الوقت، أى عام 1918، وتعود نشأة قهوة «متاتيا» إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، بعد افتتاح قناة السويس عام 1869، وكان الخديو قد قام بتكليف المهندس الفرنسى هوسمان بتنظيم ميدان العتبة، ولأسباب غامضة تحول التكليف إلى المهندس الإيطالى «متاتيا» الذى أسس ميدان العتبة ليكون أجمل منطقة فى القاهرة، وكانت تتوسطه الأوبرا التى احترقت عام 1975 وما زالت أسباب هذا الحريق غامضة أيضا، وأنشأ عمارة ضخمة سميت باسمه، وأسس تحت هذه العمارة القهوة التى أصبحت أشهر مقهى فى القاهرة، وربما فى العالم العربى، حيث كان يجلس عليها أساطين الأدب والفكر والسياسة، وهناك ألقى الشيخ جمال الدين الأفغانى أول خطاب سياسى له، وكان يرتاد هذا المقهى الشيخ محمد عبده وعبد الله النديم ومحمود سامى البارودى والزعيم أحمد عرابى وكل من له علاقة بتاريخ الفكر والإبداع المصرى الحديث، ولكن مصير هذا المقهى كان دراميا بعد الزلزال الذى تعرضت له مصر عام 1992، ثم أزيلت العمارة والمقهى بكل ما تحمله من تراث وتاريخ لحساب نفق الأزهر، لتكون نهاية أشهر مقهى فى الشرق الأوسط، ويبدأ تيمور قصته الدّالة والمعبرة عن مجتمع ما قبل ثورة 1919، واصفا المقهى: «خلف المحكمة المختلطة وأمام بنك الكريدى وفى كتف دكان مدكور وقفت قهوة متاتيا وقفة الرجل الديمقراطى، متهللة الوجه باسمة الفم، تجمع من الناس الغنى والفقير والرفيع والوضيع والمتكبر والوديع.. ما أجمل قهوة متاتيا وهى تنظر إلى حديقة الأزبكية نظرة الهازئ تقول لها وهى تبتسم: أنت شاسعة الأرجاء كثيرة الأشجار طويلة الطرق والدروب، وأنا صغيرة وحقيرة، وإن شئت فأنا أيضا غير نظيفة، ولكنى أضم تحت لوائى عددا من الناس لم يطأ أرضك بعد ربعه ولا خمسه، فأنا أكبر منك مكانة وأرفع مقاما»، وهكذا يفخر المقهى بنفسه، ويزهو برواده، ويستطرد تيمور فى وصف جمال المقهى وفاعلياته وأهميته وضيوفه ورواده ومرتاديه، والأبواب التى يقف عليها «إسرائيلى» -فى الطبعة الأولى عام 1927- أمام خوانه الصغير بعد أن وضع عليه قدرة الفول المدمس يحف بها البصل والخيار والقوطة الحمراء والفجل والكرات، ويستعرض الكاتب رواد المقهى وجميعا من كتّاب وفنانين وموظفين، الذين يجذبهم عالم هذا المقهى الحرّ، والذى تحدث فيه كل الفاعليات دون مطاردات أو مضايقات تذكر من أمن أو بوليس، ولكن هذه الفعاليات يختلف معناها فى رمضان، ويرصد تيمور بعض المشاهد فى رمضان على المقهى، فيصف أحدهم لرجل من لابسى الجبّة والقفطان ناعس الجفون جهم المحيا ممسكا بمسبحة طويلة عريضة يقتل بها الوقت، هذا هو منظر الشيخ الصائم الذى ضاق فى عينيه منزله، فأتى ليقضى وقته فى القهوة بلا أجر ولا ثمن، وهناك رجل أقل منه عبوسا، ويجلس بجواره، يظهر أمام الناس بمظهر الصائم حتى إذا جاع دخل القهوة سرا وانزوى فى ركن من أركانها يشرب البيرة ويأكل الفول، ويقول عنه تيمور «هذا هو منظر الرجل الصائم جهارا والفاطر سرا»، وهناك الرجل الفقير الضعيف المريض الذى أتى القهوة ليستنشق هواء حديقة الأزبكية ويشرب فنجان قهوة وكوب ماء وكل هذا بقرش تعريفة فقط، ويبرر تيمور ظروف هذا الرجل الذى دفعته إلى الإفطار، ولم يخش الناس وشرب القهوة والماء أمامهم وهو يقول لنفسه: «الله يعلم أنى مفطر فلتعلم أيضا الناس لأنى لم أفعل ما يغضب الله»، ويظل تيمور يستعرض صوره ومناظره التى تعيش على المقهى فى رمضان، ليعطينا عالما حيّا وحقيقيا فى هذا المقهى التاريخى، الذى أزيل ولكن ذكراه خالدة فى هذه القصة، التى لا تصف جمال المقهى وحيويته فقط، بل يرصد المجتمع المصرى الحرّ فى ذلك الوقت، عندما كانت مصر مقبلة على ثورة عظمى هى ثورة 1919، والواضح أن المقهى لم يتعرض لهجمات بوليسية، لأن هناك مفطرا يجاهر بإفطاره أمام الناس، وأحدهم يقول إذا كان الله يعرف علّتى فهل أخشى الناس، وبهذه القصة يعطينا تيمور دليلا قويا على أن المجتمع المصرى يستطيع أن يعيش حريته بكل الصور متى أراد ذلك، ما دامت هذه الحرية لا تؤذى أحدا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.