يؤديه النواب الجدد غدا، نص اليمين الدستورية لأعضاء مجلس الشيوخ    الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في حوار مفتوح مع المستثمرين العالميين لدى جيه بي مورجان ومورجان ستانلي وجولدمان ساكس في واشنطن    الأونروا تحذر من ارتفاع أسعار المواد الغذائية بغزة بسبب تدمير إسرائيل الأراضى الزراعية    قمة ترامب وبوتين .. الكرملين يكشف آخر ترتيبات لقاء بودابست المرتقب    شبكة عالمية: منتخب مصر يمتلك قوة هجومية هائلة وسيكون مفاجأة المونديال    دوري أبطال أفريقيا.. الأهلي يرتدي التيشيرت الأحمر في مواجهة إيجل نوار    المؤسسات الرياضية فى مخاطبات رسمية: التجنيس أحد أنواع الهجرة غير الشرعية    انتشال جثة طفل غارق في مياه بحر يوسف بالفيوم بعد 24 ساعة من اختفائه    السيطرة على حريق مخلفات بفواصل كوبرى الزاوية الحمراء دون إصابات    عاجل- السكة الحديد تُعلن تعديلات جديدة في مواعيد قطارات الوجه القبلي بدءًا من نوفمبر المقبل    وزيرا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة والآثار يشهدان توقيع بروتوكولى تعاون لرقمنة المحتوى الأثرى المصرى وإتاحته عبر بوابة تراث مصر الرقمى ورفع كفاءة خدمات الاتصالات بالمواقع والمتاحف الأثرية    أسما شريف منير وإبنتها بإسدال الصلاة وتعلق: يوم الجمعة يخفف صعوبة كل شىء    نائب وزير الصحة تواصل جولتها في الإسكندرية دعما لحملة تشجيع الولادة الطبيعية «بداية آمنة»    طريقة عمل الحواوشي الإسكندراني بمذاق مميز لا يقاوم    ميناء العريش يستقبل سفينة مساعدات تركية محملة ب900 طن لقطاع غزة    وزارة العمل تعلن عن 2914 فرصة عمل جديدة في 13 محافظة ضمن نشرة التوظيف نصف الشهرية    كامل الوزير يوضح حقيقة عرض مصر على السعودية أرض مصنع الحديد والصلب بحلوان    يلا شوووت بث مباشر.. مشاهدة مباراة الاتحاد المنستيري ضد شبيبة القبائل اليوم الساعة 5 دون تشفير | الكونفدرالية الإفريقية    نيدفيد: المنافسة على الدوري ستكون بين الأهلي وبيراميدز    منتخب مصر يتقدم والمغرب تتراجع.. «فيفا» يكشف التصنيف العالمي للمنتخبات    الزمالك في معسكر مغلق اليوم لمواجهة بطل الصومال بالكونفدرالية    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    بعقد 150 ندوة علمية.. أوقاف الفيوم تواصل فعالياتها التثقيفية والدعوية لترسيخ القيم الدينية    محافظ أسيوط: نشر الوعي بمخاطر الإدمان مسؤولية مجتمعية    أمطار ورياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة    القبض على تشكيل عصابي تخصص في النصب على راغبي شراء الشقق السكنية بالقاهرة    «الداخلية»: ضبط مقاول أطلق النار من بندقية آلية احتفالًا بزفاف شقيقه في شمال سيناء    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    «القومي للطفولة والأمومة» ينعى الأطفال ضحايا حادث "التروسيكل" بأسيوط    «حماس فازت بشرف وإسرائيل خسرت».. اختراق «أنظمة إذاعة» 4 مطارات في كندا وأمريكا    لتنفيذ مشروع بوابة تراث مصر.. بروتوكول تعاون بين «السياحة والآثار» و «الاتصالات»    عبد الرحيم كمال ينعي الفنان أشرف بوزيشن: كان رجلا طيبا وجميلا ربنا يرحمه    عيسى زيدان: نقل الآثار ليس سهلا ويتطلب خبرات خاصة وإجراءات دقيقة    «الثقافة»: بهو المتحف المصري الكبير سيشهد تعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني    الاتصالات والسياحة توقعان بروتوكولين لرقمنة التراث المصري ورفع كفاءة خدمات الاتصالات بالمواقع الأثرية    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    مقتل 7 جنود باكستانيين وإصابة 13 إثر هجوم انتحاري    الضفة.. إصابة 4 فلسطينيين باعتداء مستوطنين على موسم جني الزيتون    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    وزير الصحة يلتقي نظيرته البحرينية لتعزيز التعاون الصحي وتبادل الخبرات بين البلدين    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة مرسى مطروح لانتخابات مجلس النواب 2025    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 17اكتوبر 2025فى المنيا.....اعرفها بدقه    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    نيوزيلندا تعيد فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي    اليوم.. المصري في ضيافة الاتحاد الليبي بذهاب الكونفيدرالية الأفريقية    جامعة قناة السويس تطلق دورة تدريبية لمواجهة الأزمات والكوارث بالتعاون مع "الكشافة الجوية"    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    حقيقة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة بسبب إعمار غزة    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    أشرف زكي: لا يوجد أي منصب في الدنيا يجعلني أترك النقابة.. والاستقالة لسبب داخلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عبد القادر المازنى وأدب الساندويتش
نشر في التحرير يوم 21 - 06 - 2014

فى أحد أعداد مجلة «الرسالة»، عام 1937 كتب أحمد حسن الزيات صاحب المجلة ومديرها ورئيس تحريرها مقالا تحت عنوان «أدب الساندويتش»، وكان العنوان غريبا ومثيرا ومستحدثا، وربما يعتبر الحفيد الشرعى لما سمى فى ما بعد «أدب التيك أواى، أو أدب الكلينيكس»، وغير ذلك من مسميات، ولأن العنوان كان غريبا، راح الزيات يبذل مجهودا ذهنيا فى تفسير وتوضيح ماذا يقصده من هذا المصطلح، وقال إنه الأدب الذى تم إعداده على عجل، وفى سرعة تخلّ بتقاليد الأدب وأهدافه وبنيانه، كذلك فالقارئ لا يستطيع أن يستمتع بهذا الأدب، كما يحدث ذلك مع الأدب الرصين، الذى يبذل منتجه ومبدعه مجهودات حقيقية فى إعداده، وعرّج الزيات على ضحالة الجيل الجديد، وفقر قراءاته، لذلك فهم يدافعون عن إنتاجهم الهزيل بما هو أسوأ من الإنتاج نفسه، فيقول أنصار أدب الساندويتش: «إن قواعد اللغة قيود لا توافق العصر، وأساليب البلاغة عوائق لا تجارى قراءة السرعة، وبدائع الفن شواغل لا تساعد وفرة الإنتاج»، ويسترسل الزيات فى مناقشة الحجة بالحجة، ويعرض لبعض الرسائل التى وردت إليه من البلاد العربية لائمة على ما وصل إليه الأدب والكتابة والإبداع فى أرض الكنانة، لكن الزيات يستثنى قلة قليلة من الكتاب، الذين استطاعوا أن يصلوا إلى الكفاءة، التى تؤهلهم أن يكونوا كتّابا ومبدعين، وفى العدد 207 من مجلة «الرسالة»، الصادر فى 21 يونيو 1937، يسارع الكاتب والأديب الساخر إبراهيم عبد القادر المازنى، بالتعليق على مقال الزيات، ليس مقالا للرد، لكنه مقال فى التعقيب أو التعليق أو التعضيد بمعنى أصح، واعتبر المازنى أنه من هذه القلة القليلة التى يقصدها الزيات، هذه القلة التى عانت واجتهدت لكى تحصل على قدر كبير ومتنوع من الثقافة والفكر، وأشقت نفسها فى القراءة والبحث والتنقيب،حتى أدركت معنى الثقافة والقراءة والكتابة، لذلك فالمازنى أعطى ومنح الثقافة المصرية والعربية قدرا كبيرا من الجدل حول كتاباته العميقة، رغم أنها كانت تبدو خفيفة وساخرة، وتغلب على بعضها الطرافة، خصوصا ما كان يتناول فيه حياته الاجتماعية، لكن المازنى عندما ارتبط برفيقه عباس محمود العقاد فى السنوات الأولى من حياته الفكرية والثقافية والسياسية، وذلك فى مرحلة مخاض ثورة 1919، وشن الاثنان حملة شرسة على أعمدة الشعر والنثر آنذاك مثل أحمد شوقى ومصطفى لطفى المنفلوطى، وكتب المازنى مقالا حاول فيه تحطيم زميلهم الشاعر عبد الرحمن شكرى، لكن المازنى كتب شعرا، لكن هذا الشعر لم يحدث ما أحدثته وقائع المازنى الأخرى الفكرية والأدبية، فكتبه ورواياته مثل «حصاد الهشيم» و«قبض الريح» و«إبراهيم الكاتب» و«ثلاثة رجال وامرأة» و«من النافذة»، وغيرها من كتب أخرى ومقالات، وحسنا فعل المجلس الأعلى للثقافة بإصدار عدة مجلدات، وهى عبارة عن مجموع مقالاته التى كتبها المازنى فى حياته، وكذلك اكتشف الناقد الدكتور مدحت الجيار مخطوطة مهمة جدا للمازنى، وهى كتابه عن رحلته للعراق، وقد صدر الكتاب مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والجدير بالذكر أن هذا الكتاب يتحدث عن وحدة شعب العراق، الذى يتعرض الآن للنسف بكل الأسلحة المحلية والإقليمية والدولية، ومن المهم أن ننوه إلى أن كتاب المازنى عن العراق ليس هو الكتاب الوحيد الذى يكتبه مصرى، بل إن هناك كتابا بديعا آخر كتبه الدكتور زكى مبارك، وهو كتاب «ليلى المريضة بالعراق»، وليت تنتبه مؤسساتنا الثقافية فى ظل هذه العودة الحميدة للمعنى العروبى، وأن تعيد نشر هذا التراث الثقافى العروبى، الذى يوضح كم كانت هذه الشعوب متناغمة ومتقاربة ومتفاهمة، قبل أن تدخل عناصر التفرقة الحديثة وتستفحل.
ونعود إلى مقال المازنى الذى أوضح فيه رحلته مع القراءة، وكان لا بد أن يذكر حضوره لدروس الشيخ محمد عبده، والشيخ سيد المرصفى، وانتقاله إلى التعليم العالى، فدخل مدرسة المعلمين العليا، والتقى هناك زميله ومرشده، كما يعترف، وصديقه الأستاذ عبد الرحمن شكرى، ويعترف مرة أخرى بعد أن كاد يحطمه من عشرين عاما، بأنه، أى شكرى، كان شاعرا ناضجا ذا مذهب فى الأدب يدعو إليه، ويزيدنا اعترافا: «وكنت أنا مبتدئا، فصرفنى عن البهاء زهير وابن الفارض وابن نباتة، ومن إلى هؤلاء، ووجهنى إلى الأدب الجاهلى والأموى والعباسى، ودلنى على ما ينبغى أن أقرأمن الأدب الغربى»، ومن الطريف أن المدارس فى هذه السنوات كانت تنفح الطلّاب قدرا من الجنيهات، فكان المازنى يعطى نصفا للبيت، والنصف الآخر يشترى به الكتب، وكانت أمه تسأله عن النصف الخاص به، وأين أنفقه، فكان يقول لها: «يا أمى.. لك مؤونتك من السمن والعسل والأرز والبصل والفلفل والثوم، ولى مؤونتى من المتنبى والشريف الرضى والأغانى وهازليت وتاكرى وديكنز وماكولى، ولاغنى بك عن سمنك وبصلك، ولا غنى بى عن هؤلاء؟!»، ويسرد المازنى بأسلوبه الطريف والرصين فى آن واحد رحلته مع الثقافة والكتاب، ويحكى واقعة اقتنائه الأغانى للأصفهانى، وقد اشتراه ورقا، دون غلاف، وكان يقرأ ويراجعه، ويضع بعض ملاحظاته وهوامشه على مايقرأ، وكان يكتب ذلك فى ورقة مستقلة، للدرجة التى زادت لتصنع كتابا تفسيريا ألصقه بالكتاب الآخر، لكنه فى عام 1917 تعرض لضائقة مالية، فباع مكتبته كلها، ومن بينها هوامشه وملاحظاته التى كان يلصقها بالكتب، وهكذا يكتب المازنى رحلته مع الكتابة والكتاب، لعله يكون واحدا من الذين استثناهم أحمد حسن الزيات من أنصار «أدب الساندويتش».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.