كتب: ناصر عبد الحميد -- محمد سليمان الموازنة تتضمن 18.7 مليون بطاقة تموينية مستهدِفة 67 مليون مواطن الموازنة تتسم بتحسين واضح فى أوضاع العاملين عن طريق رفع مخصصات الأجور والمعاشات أحال مجلس الوزراء قبل الانتخابات الرئاسية، مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2014/2015 إلى المستشار عدلى منصور الرئيس المؤقت حينها للتصديق عليه بإصداره بقانون بقرار جمهورى، لبدء العمل بالموازنة من أول يوليو المقبل. أهم ملامح الموازنة - حجم العجز يصل إلى 288 مليار جنيه، وهو ما يبلغ 12% من إجمالى الناتج المحلى. ومن التعديلات الهيكلية التى تطرحها الحكومة، لحل مشكلة عجز الموازنة، هو التوسع فى الضرائب؛ من خلال إقرار ضريبة القيمة المضافة على المنتجات والسلع، وفرض ضريبة تقدر بنحو 5% على من يبلغ دخلهم مليون جنيه فى العام، وفرض ضريبة على أرباح البورصة المصرية. - معدل النمو المستهدف 3.2% حجم الإنفاق العام 807 مليارات جنيه، فى حين بلغ 742 مليار جنيه فى الموازنة العامة المعدلة للعام المالى 2014/2013. بزيادة بلغت 65 مليار جنيه. -حجم الإيرادات يبلغ 517 مليار جنيه، فى حين أنه كان متوقعا 497,1 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2013/2014، بزيادة قدرها 16,9 مليار جنيه. - مخصصات فوائد الديون بالموازنة الجديدة تبلغ نحو 202 مليار جنيه، وتستحوذ على نحو 25% من إجمالى المصروفات العامة. وبلغت مخصصات الديون 138,6 مليار جنيه فى العام المالى 2012/2013، ثم بلغت مخصصات الديون 182 مليار جنيه فى العام المالى 2013/2014، أى أن مخصصات الديون ارتفعت بمبلغ 63,4 مليار جنيه فى السنتين السابقتين. أصبحت مخصصات دعم المواد البترولية 104,5 مليار جنيه، بدلا من 134,2 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2013/2014، بانخفاض مقداره 29,7 مليار جنيه. - مخصصات برامج الدعم الاجتماعى 117 مليار جنيه. - أصبحت مخصصات دعم المزارعين 3,3 مليار جنيه، موزعة على 300 مليون فروق أسعار القطن، و380 مليونا للإنتاج الزراعى، و2.6 مليار جنيه فروق أسعار القمح. مقابل مخصصات تبلغ قيمتها 4,5 مليار جنيه فى العام المالى 2013/2014، بانخفاض مقداره 1,2 مليار جنيه. - أصبحت مخصصات دعم الإسكان 150 مليون جنيه، بدلا من 300 مليون جنيه فى موازنة العام المالى 2013/2014، بانخفاض مقداره 150 مليون جنيه. - أصبحت مخصصات دعم التأمين الصحى والأدوية 811 مليون جنيه، بدلا من 1,1 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2013/2014، بانخفاض مقداره 289 مليون جنيه. - مخصصات دعم قطاع السلع التموينية، حيث حجم دعم رغيف الخبز 24 مليار جنيه، و13 مليار جنيه للسلع التموينية من سكر وزيت وأرز. وتوزيع تلك المخصصات على 18.7 مليون بطاقة تموينية، مستهدفة 67 مليون مواطن بنسبة 80% من سكان مصر. - مخصصات دعم برامج البعد الاجتماعى تشمل 38,7 مليار جنيه، موزعة على 1- برنامج معاش الضمان الاجتماعى بمبلغ 12 مليار جنيه، فى حين بلغت 4 مليارات جنيه العام المالى 2013/2014، بزيادة قدرها 8 مليارات جنيه، مع مضاعفة الأسر المستفيدة من 1.5 مليون أسرة إلى 3 ملايين أسرة، بجانب برنامج معاش الطفل الذى وصلت قيمته إلى 53 مليون جنيه، بدلا من 26 مليون جنيه فى العام المالى السابق، بزيادة مقدارها الضعف تقريبا. 2- زيادة مخصصات دعم لبن الأطفال وأدوية العلاج المجانى بالمستشفيات بقيمة 3.3 مليار جنيه، و2.5 مليار جنيه مخصصات لبرنامج العلاج على نفقة الدولة، و168 مليون لبرنامج التأمين الصحى على الأطفال دون السن المدرسية، و104 ملايين لبرنامج المرأة المعيلة، و239 مليون جنيه لبرنامج التأمين الصحى على الطلاب. - مخصصات دعم اشتراكات الطلبة والخطوط غير الاقتصادية بهيئة السكك الحديدية ب1 مليار جنيه، و1.5 مليار جنيه لدعم نقل الركاب، و200 مليون جنيه لدعم تنمية الصعيد، و150 مليونا لوحدات إسكان محدودى الدخل، و750 مليون جنيه لفائدة القروض الميسرة. ولم تختلف عن مثيلتها فى الموازنة العامة للعام المالى 2013/2014. - حجم المنح الواردة فى مشروع الموازنة ب2,4 مليار دولار فى صورة منح بترولية ومنح نقدية، بدلا من 20 مليار دولار «منحا استثنائية بعد 30 يونيو» فى العام المالى 2013/ 2014، ولكن يجب الوضع فى الاعتبار، تصريح وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، أن الإمارات لديها خطة لإنعاش الاقتصاد المصرى ووضعه على المسار الصحيح. - حجم بند الأجور الحكومية بمقدار 209 مليارات جنيه، بدلا من 184 مليار جنيه فى العام المالى 2013/2014، بزيادة قدرها 25 مليار جنيه، مع ظهور مقترح من داخل الأروقة الحكومية، بهيكلة الأجور، بحيث تصبح نسبة الأجر الثابت «و هو ما يتم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب من خلاله» 80% مع تطبيق الحد للأجور، وقصر نسبة الأجر المتغير على 20%. فى حين أن الوضع الحالى، هو أجر ثابت يمثل 15%، وأجر متغير من حوافز وبدلات تصل نسبتهم إلى أكثر من 80% من قيمة الأجر. أخيرا: نحن أمام محاولة للترشيد بعض النفقات متجلية فى خفض دعم المواد البترولية ومست الدعم المقدم للمزارعين والإسكان والتأمين الصحى والأدوية، وانصراف هذا الترشيد فى بعض البنود الأخرى مثل العلاج على نفقة الدولة مثلا، مما قد يعد تبديلا للدور بين رفع المعاشات والأجور من ناحية ودعم التأمين الصحى والأدوية من ناحية أخرى. المسؤولية السياسية إقرار الموازنة للعام المالى القادم 2014/2015، يثير سؤالا هاما حول المسؤولية السياسية للإدارة المؤقتة السابقة من رئاسة الجمهورية والحكومة، حول سلطاتهم فى إصدار موازنة عامة جديدة قبل تسلم الإدارة المنتخبة الجديدة المسؤولية بأيام معدودة. عند إقرار الرئيس المؤقت عدلى منصور للموازنة العامة، لا توجد مسؤولية سياسية على الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسى، على الرغم من كونه سيعمل إلى جانب الحكومة من خلال تلك الموازنة، بما يحمله من رؤية قد تكون مخالفة عن الأوضاع الاقتصادية عن ما تم الأخذ به فى مشروع الموازنة العامة التى سيبدأ بها أول سنة فى حكمه، ولذلك إقرار الموازنة العامة الجديدة بتلك الطريقة يتركنا أمام احتمالين، وهما: عدلي منصور الاحتمال الأول: أن الإدارة السياسية المنتخبة الجديدة، قد لا ترغب فى أن تتحمل تبعات إخفاق الموازنة العامة فى تحقيق معدلات نمو، تساعد على عودة جزء من النشاط الاقتصادى، من عودة للاستثمارات وفرص التوظيف وارتفاع للقوى الشرائية للعملة المحلية. وهو احتمال مطروح بقوة فى ظل استمرار حالة عدم الاستقرار الأمنى والسياسى والاجتماعى، بما لها من أثر على إضعاف أى نتائج إيجابية متوقعة من الموازنة العامة للدولة. السيسي الاحتمال الثانى: أن الإدارة السياسية الجديدة ترغب فى استمرار الحكومة الحالية مع تغييرات طفيفة فى بعض الوزارات، وما يترتب على ذلك من استمرار سياسات الحكومة ورؤيتها الاقتصادية للفترة القادمة منعكسة على مشروع الموازنة العامة للدولة، التى سيتم إقرارها، وبالتالى يعد ذلك تعبيرا عن شراكة بقدر فى مسؤولية إصدارها. الموازنة فى ضوء تصريحات السيسى: - أهم ما صرح به الرئيس عبد الفتاح السيسى فى فترة الدعاية الانتخابية عن الوضع الاقتصادى «مشكلة مصر فى الفلوس»، فى إشارة إلى احتياج مصر لأموال للضخ فى احتياجات الدولة من مشاريع بنية تحتية وخدمية. وأن استمرار هيكل الموازنة العامة بمخصصات الدعم والأجور وخدمة وفوائد الدين العام، لا يترك للحكومة أكثر من 160 مليار جنيه، وهى لا تكفى لمشاريع البنية التحتية من شبكات مياه وصرف صحى وكهرباء. وهو ما انعكس على خفض مخصصات الدعم الموجهة للمواد البترولية والإسكان والتأمين الصحى والأدوية، بوفر مقداره 30 مليار جنيه على موازنة العام المالى السابق. ولكن خفض مخصصات دعم المزارعين فى المشروع الحالى للموازنة العامة بمبلغ يصل إلى 1.5 مليار جنيه، يتناقض مع تصريحات السيسى نفسه فى رغبته فى استصلاح 4 ملايين فدان معتمدا على المياه الجوفية المتاحة. أما خفض الدعم المقدم للإسكان فقد يكون بسبب الاعتماد على مشروع المليون وحدة سكنية المنتظر، وبعض التسهيلات المتوفرة حاليا بالتمويل العقارى لمتوسطى الدخل، ولكن إن كانت تلك هى الوجهة، فيأتى التحدى الكبير فى مدى ملاءمة أسعار المليون وحدة سكنية للفقراء ومتوسطى الدخل. - ذكر السيسى فى تصريحاته الأولى حول الدعم الخليجى لمصر، توقعاته بدعم كبير من الدول الخليجية لإنقاذ مصر من كبوتها، وقد خص بذلك «السعودية والإمارات والكويت»، لكن مشروع الموازنة العامة للعام المالى القادم أدرج فقط مبلغ 2,4 مليار دولار، وهو مبلغ لا يتناسب مع توقعات الرئيس السيسى، ودعم الدول الخليجية لمصر فى العام المالى السابق فى أعقاب 30 يونيو، وبلغت قيمته 20 مليار دولار. - وقد يكون التحليل الأقرب إلى تفسير ظاهرة الرقم الضئيل للدعم الخارجى فى الموازنة، 2.5 مليار دولار، مقارنة بما يتوقع السيسى الحصول عليه، والمتوقع ب100 مليار دولار، هو رغبته فى عدم استخدام هذا الدعم لسد عجز الموازنة، بل استخدامه لضخ استثمارات جديدة ومشروعات تنموية تنتج مصادر دخل جديدة، تساعد على تخفيض هذا العجز فى العام القادم، أو تثبيته على أقل تقدير لتخرج مصر من دائرة المفرغة للاستدانة داخليا وخارجيا وزيادة أرقام خدمة الديون فى كل سنة مع تزايد المتطلبات الداخلية. - حجم عجز الموازنة العامة القادمة يصل إلى 288 مليار جنيه، ومرشح للتزايد فى السنين القادمة باستمرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية الحالية، وهذا ما يعيق إدارة السيسى الجديدة عن الاعتماد الذاتى فى تدبير المبلغ الذى يحتاج إليه من أجل مشاريع التنمية الاقتصادية وقدره بتريليون جنيه، من أجل تنفيذ المشروعات التى أعلن عنها لإنقاذ الاقتصاد المصرى، من تطوير شبكة رى جديدة لتوفير 10 مليارات متر مكعب سنويا، وتكلفتها قد تصل إلى 160 مليار جنيه، وإنشاء 26 مدينة جديدة ومركزا سياحيا ومركزا تعدينيا، إلى جانب 8 مطارات جديدة، وخطط نقل العاصمة المقترحة، وقد تكون محاولة التغلب على هذه المعضلة ما ذكرناه فى التحليل السابق. - الجانب الاجتماعى من خطاب السيسى الاقتصادى، ويتمحور فى تصريحاته المستمرة عن الوقوف بجانب الطبقات ذات القدرات المالية الأقل «الغلبان على حد تعبيره». وهو ما يجد صداه فى الموازنة العامة للدولة الجديدة، حيث زيادة مخصصات الأجور من 184 مليار جنيه فى العام المالى السابق إلى 209 مليارات جنيه فى موازنة العام الحالى، وزيادة مخصصات الدعم من 212 مليار جنيه فى موازنة العام المالى المنتهى، ووصولها إلى 253 مليار جنيه فى الموازنة العامة الجديدة، وزيادة مخصصات المعاشات والضمان الاجتماعى ب8 مليارات جنيه. - تصريحات الرئيس السيسى قبل انتخابه، كانت تتمحور حول إصلاح ضريبى جاد يساعد الدولة فى كبوتها الاقتصادية، وهو ما يتشابه مع السياسات الضريبية التى تنتهجها حكومة المهندس إبراهيم محلب، بضريبة لا تقل عن 5% على الدخل السنوى الأكبر من مليون جنيه، وضرائب على توزيعات ومبيعات البورصة. الرسائل الاقتصادية والسياسية - اتسمت الموازنة الجديدة بتحسين واضح فى أوضاع العاملين، عن طريق رفع مخصصات الأجور والمعاشات، خلت الموازنة العامة من وجود محفزات اقتصادية، للبدء فى مشاريع بنية تحتية لتدوير العجلة الاقتصادية وخلق توظيف، حيث بلغت مخصصات الاستثمار الحكومى 62 مليار جنيه. و هو ما يعطى انطباعا بعدم وجود تحيزات اقتصادية واضحة للحكومة الحالية. - مخصصات الإنفاق من دعم وأجور وسياسات الإصلاح الضريبى، تعطى رسالة اقتصادية بالتركيز على المناحى الخدمية الاجتماعية وإهمال الناحية الإنتاجية، وأيضا تعطى رسالة سياسية بأن الأغنياء سيدفعون نصيبهم للدولة من أجل الأزمة الاقتصادية، وأن انحيازها للطبقات الأقل قدرة مالية. - سياسات الإصلاح الضريبى من ضرائب الدخل على الشرائح المرتفعة، وضرائب مبيعات البورصة، والضرائب العقارية المتوقعة، تعطى رسالة اقتصادية بأن توسيع الوعاء الضريبى سيكون على حساب فئة اجتماعية واحدة، ويعطى أيضا رسالة بعدم وجود استراتيجية لتوزيع أعباء الضرائب المباشرة.