.. أما المشهد الثانى الذى انتقيته من فيض وقائع غريبة وعجيبة غصت بها صور جلستى محاكمة الأستاذ المخلوع ونجليه، فهو منظر قطيع المقاطيع الصيَّع الذين، من فرط الغباوة، اختاروا أن ينعتوا أنفسهم ب«أبناء مبارك» ربما ليذكرونا بأن ذرية المخلوع وخلفته العار أكبر وأسوأ كثيرا من نجليه الشرعيين اللذين يحاكمان معه بتهم الفساد والإفساد والتربح. لقد رأينا هؤلاء المقاطيع يكررون فى جلسة المحاكمة الثانية بعنف أشد وإجرام أبشع ما فعلوه فى الجلسة الأولى، إذ عمدت الجهة المجهولة التى استأجرت أغلبهم ونقلتهم بحافلات، إلى رصهم فى الفضاء الصحراوى الممتد أمام قاعة المحاكمة ونظمتهم وجعلتهم يتخذون أوضاعا قتالية، تمهيدا لتنفيذ التهديدات التى أطلقوها علنا وبثوها إلكترونيا فى اليوم السابق من موقعهم على ال«فيسبوك» بممارسة البلطجة والاعتداء على أهالى آلاف الشهداء والمصابين (ضحايا آخر جرائم أبوهم المخلوع) وكذلك أعضاء هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدنى، بل وكل من يمت بصلة للشعب المصرى أو يظنونه متعاطفا مع هذا الأخير بمن فيهم الزملاء الصحفيون والمراسلون وأطقم وسائل الإعلام المختلفة. وبالفعل نفذ المقاطيع خطتهم الإجرامية (المعلنة) تحت سمع وبصر تلك الجيوش العرمرم من فرق الأمن والشرطة بنوعيها المدنى والعسكرى (بعض الناس اعتبروها كافية لاستعادة الأندلس) التى جرى حشدها لتأمين محاكمة المخلوع أفندى، وبدأ تنفيذ حرب «أبناء مبارك» على ضحاياه بتجهيز ترسانة الأسلحة ومعدات قتال تنوعت ما بين مطاو وسيوف، وتلال من الطوب والحجارة، أخذ الصيع يجمعونها منذ ساعات الفجر الأولى، بينما قوات الأمن والشرطة المنتشرة فى المنطقة تتفرج عليهم وتكحل عيونها بمنظرهم الكريه.. ثم ما إن حانت ساعة الصفر حتى انطلق أعضاء القطيع السافل يعربدون بطحا وتعويرا وتكسيرا فى عظام خلق الله، بينما هم ينشدون ويهتفون ببذاءات وسخائم فاجرة تليق بمن قالوا إنه أبوهم الذى رباهم وأنشأهم على هذه الشاكلة، فلما هدأ غبار الحرب كانت الحصيلة عشرات الجرحى والمصابين الذين ساعدت أحيانا جيوش الأمن والشرطة (مشكورة) فى رفع أجسادهم المدماة ونقلها من ساحة القتال إلى سيارات الإسعاف!! وبسبب الكسل فحسب فإننى سأفعل ما فعلته أمس، ولن أسأل عن معنى ترك القطعان المجرمة التى تسمى نفسها «أبناء مبارك» تعربد كل هذه العربدات وتطلق التهديدات الإجرامية علنا فى الفضاء الإلكترونى ثم تقوم بتنفيذها على الأرض جهارا نهارا من دون أن تقلق أو تتحرك أو يهتز رمش واحد فى جفن أى جهة أمنية أو عسكرية من تلك التى نراها هذه الأيام نشيطة جدا وصاحية تماما للون، فلا تقعد ولا تغفر ولا تتهاون أبدا فى مطاردة وملاحقة فتية وفتيات مسالمين بالتحقيقات والمحاكمات العسكرية الجائرة، لمجرد أنهم مارسوا حق التعبير عن الرأى فى الفضاء الإلكترونى نفسه!! فقط أسأل عن سر هذا التمييز التفضيلى فى المعاملة بين «المطواة» و«السنجة» و«الطوبة» من جانب، وبين «الكلمة» و«التويتة» من جانب آخر؟! ولماذا كل هذا التسامح مع المجموعة الأولى واعتبارها وسائل مشروعة للتعبير الحر عن آراء البلطجية والنشالين، فى وقت يُعامل فيه الناشطون السياسيون الشبان الذين لا يملكون ولا يعرفون سوى الكلمة و«التويتة» بمنتهى الحزم والقسوة، إذ ينظر إليهم بعض السادة الأفاضل فى المجلس العسكرى على أنهم خطر داهم قد يهدد الأمن الغذائى لمصر الجديدة ومدينة نصر؟!