عندما تندلع ثورة، يكون الدافع الأساسى وراءها إبادة نظام فاسد بالكامل لا التخلص من رأسه فحسب، وإن كان قطع الرأس هو المهمة الأصعب، فرموز الأنظمة الفاسدة، إذا ما اختفت رؤوسها، تحاول التدخل بطريقة خفية وملتوية فى الحكومات والأنظمة الجديدة.. وهو ما حدث ولا يزال يحدث فى مصر منذ ثورة يناير، كما تواجهه ليبيا حاليا بعد التخلص من القذافى. الشعب الليبى يرفض التعامل مع كل من تورط فى قتل أفراد الشعب الليبى واغتصب حرائره، ويجدون علامات استفهام كبيرة فى إدارة المجلس الانتقالى للبلاد، تخيفهم من استمراره فى الحكم لسنوات. ولذلك اتخذ الثوار والمعتصمون الليبيون من شوارع بنغازى وطرابلس ملاذا لهم الفترة الأخيرة احتجاجا على إقحام «أزلام القذافى» أو أتباعه فى النظام الليبى الجديد. وفى استجابة سريعة لمطالب «الثوار الجدد»، حدد المجلس الوطنى الانتقالى بداية يناير المقبل كآخر مهلة لتسليم إقرارات الذمة المالية والسير الذاتية لأعضائه، فى إشارة واضحة للكشف عما إذا كان أى من أعضاء «الانتقالى» متورطا فى علاقات سابقة مع نظام العقيد المقتول. كما قرر المجلس عقب جلسته التى انعقدت مساء أول من أمس فى بنغازى، ضرورة توقيع أعضائه على إقرار بعدم الترشح للمؤتمر الوطنى الذى سيمهد لكتابة الدستور الليبى والتعهد بعدم الترشح للحكومات المقبلة. رغم ذلك أصر المعتصمون على الاستمرار فى اعتصامهم الذى يقيمونه تحت شعار «تصحيح مسار الثورة»، عقب انتهاء اجتماع المجلس معتبرين أن «الانتقالى» غير جاد فى معالجة الأزمة، ومتهمين قياداته وعلى رأسهم رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل بالتستر على عدد ممن يسمونهم «أزلام القذافى».