بعضهم وصفها ب«الاسترشادية»، وآخر قلل من شأنها ووصفها بأنها «نوع من استدعاء الدين من قبل القوى العلمانية والليبرالية». هكذا جاءت مواقف القوى والأحزاب الإسلامية من وثيقة الأزهر التى ناقشها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أمس مع 39 من ممثلى القوى السياسية والإسلامية وعدد من المرشحين المحتملين للرئاسة، فى مقر مشيخة الأزهر. أول المظاهر الاحتجاجية لرفض الوثيقة كان من نصيب «ائتلاف النهوض بالأزهر» الذى نظم عشرات من أعضائه وقفة احتجاجية ضد الوثيقة، ووصفوا بنودها فى بيان لهم بأنها «تؤسس لدولة علمانية إلحادية، لا تمت إلى الإسلام والعروبة بصلة، ولا تمثل إلا الذين ناقشوها فقط». البيان اتهم الوثيقة أيضا بأنها «تدعو إلى محو الهوية الإسلامية والعربية، وتؤكد ممارسة ديكتاتورية الأقلية على الأكثرية وتسوّى الديانة الإسلامية بغيرها، وتبيح إعلان الطقوس المخالفة للشريعة الإسلامية وعلمانية التعليم وعدم المناداة بتطبيق الشريعة الإسلامية». على الجانب الآخر، وعلى الرغم من عدم تمكنه من المشاركة فى مناقشة الوثيقة فإن المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رحب بها، واعتبرها إحياء للمذهب الوسطى الحاضن لجموع المصريين، وأعلن تأييده تلك الوثيقة كإطار توافقى يسهم فى إشاعة الطمأنينة وروح الترابط التى تجسدت فى أثناء الثورة، ودعا قوى المجتمع المختلفة إلى تبنى وثيقة الأزهر، وتعميق ما تحمله من معان داخل المجتمع المصرى، بينما رفض أبو الفتوح أن تكون الوثيقة بديلا عن المبادئ الحاكمة للدستور، وقال إنها «مبادئ استرشادية للعمل الوطنى، وأى أمر يتعلق بالدستور عليه أن يخضع للاقتراع العام وتحكمه صناديق الاستفتاء الشعبى». الدعوة السلفية رحبت بالوثيقة واعتبرتها خريطة طريق جديدة للعمل السياسى فى مصر، فيما رفض حزب الوسط دعوة الأزهر لمناقشة الوثيقة، ورجع نائب رئيس الحزب عصام سلطان السبب إلى أن قوى ليبرالية وعلمانية ويسارية استدعت الدين من خلال الأزهر، للدخول فى العملية السياسية، وهو ما يعد خطرا يهدد كيان الأزهر والعملية السياسية أيضا. وأوضح سلطان أن «دور الأزهر فقهى دعوى اجتهادى، يعمل على تطوير الأئمة والبحث الفقهى، ولا يجوز له أن يكون طرفا سياسيا». سلطان حذر من أن يؤدى استدعاء الأزهر فى العملية السياسية إلى استدعاء الكنيسة، وهو ما لن يستطيع أحد منعه، وأضاف أن القوى الليبرالية التى استدعت الأزهر، مدعومة بالدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء، الذى وصفه بأنه «وريث يحيى الجمل». جماعة الإخون المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة، رحبا بوثيقة الأزهر، وقال الدكتور سعد الكتاتنى «نرحب بها كوثيقة استرشادية، لا كوثيقة حاكمة أو ملزمة لأحد»، مشيرا إلى أن الإخوان مع أى مبادرة تهدف إلى صالح البلاد ودعم استقرارها، وإنهاء حالة الاستقطاب التى تشهدها الساحة السياسية بسبب المبادئ فوق الدستورية. الكتاتنى أضاف أن لقاء شيخ الأزهر مع القوى السياسية يعتبر دعما لمبادرة التحالف الديمقراطى من أجل مصر، حيث تسير المبادرتان فى نفس الاتجاه، فى تأكيد لمبادئ المواطنة والحرية والديمقراطية والهوية الإسلامية لمصر، وأن الشريعة الإسلامية ومقاصدها الكلية هى المصدر الرئيسى للتشريع، مع تأكيد حق غير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية فى الاحتكام إلى شرائعهم فى مجال الأحوال الشخصية. وثيقة الأزهر أيضا فى نظر الكتاتنى مطابقة لوثيقة التحالف الديمقراطى، ونوع من العودة التدريجية للأزهر ليقوم بدوره المطلوب فى توحيد الأمة، وهو الدور الذى سلبه منه النظام السابق. واختلف الكتاتنى مع رأى سلطان فى ما يتعلق بدور الأزهر.