السيدة التى تم سحلها فى مجلس الوزراء، وطوابير السيدات أمام لجان الانتخابات فى الجولة الأولى والثانية، وبالتأكيد الجولة الثالثة، كل ذلك يفتح ملفا هاما فى مصر هذه الأيام، وهو ملف النساء، فطوال النضال المصرى منذ، على الأقل ثورة 1919، لعبت المرأة المصرية دورا هاما، ولكن فى أحداث ثورة 25 يناير لم يكن النساء يلعبن فقط دورا، ولكن لعبن دورا أساسيا، فالجميع يتذكر أحداث الثورة من 25 يناير إلى 11 فبراير، كانت المرأة جنبا إلى جنب الرجل، تهتف بكل ما تملك من صوت ضد الفساد والخراب الذى جاء بعد حكم استمر أكثر من 30 عاما، بالطبع لم يكن كل نساء مصر أو رجالها فى ميدان التحرير أو ميادين مصر فى جميع المحافظات فى أثناء الثورة، ولكن كان هناك ممثلوهم الذين وصلوا إلى أكثر من 12 مليون مواطن، خرجوا يوم الجمعة الأخيرة، ولكن السؤال المهم الذى لا بد أن نطرحه الآن أنه فى أى ثورة فى العالم لا بد فى النهاية أن يستفيد منها الثوار، ونحن هنا نقصد النساء فى مصر تحديدا، ماذا استفادت النساء من ثورة 25 يناير؟ أنا أرى أن كل ما نجحت فيه المرأة المصرية بعد عناء ومجهود كبيرين فى ثورتنا العظيمة أنها شاركت وكانت عاملا رئيسيا فى تسلم التيار الإسلامى الحكم فى مصر، وهنا يبرز التساؤل: لماذا انتخبت النساء فى مصر الإخوان والسلفيين وأيضا الجماعات الإسلامية؟ هل تشعر تلك السيدات أن مطالبتهن بالحرية والعدالة، ونقصد هنا حرية المرأة التى ناضلت من أجلها سيدات فضليات فى التاريخ المعاصر، هل سيعطيها الإسلاميون حقها؟ وهل يريدون فعلا أن يعطوها هذا الحق فى الحرية والعدالة؟ لا يختلف اثنان على أن التيار الإسلامى السياسى يتعامل مع المرأة من خلال المصلحة، والمصلحة فقط، والبحث عن صوتها فى الانتخابات لا عن مشاركتها فى الحياة فى مصر. انظروا معى كيف تعامل الإخوان والسلفيون مع المرأة فى الانتخابات. وضعها بعضهم فى منتصف القائمة ووضعها الآخرون فى ذيل القائمة، بل إن السلفيين كانوا واضحين فى موقفهم من المرأة والمشاركة السياسية لها، فى أن وضعوا صورة الرمز الانتخابى بدلا من صورتها الحقيقية. هم لا يعترفون بها ولا يعترفون بأى دور يمكن أن تلعبه، وهم يعلنون صراحة بوضعها فى ذيل القائمة الانتخابية أنها لا يمكن أن تمارس دورا سياسيا، فنتخيل مثلا أن المرأة التى لا توضع صورتها أمام العلن يمكن أن تقف أمام مؤتمر سياسى لتتكلم وتشرح برنامجها للجماهير. التيار السياسى الإسلامى لا يعترف بذلك، ويرفض ذلك. هل يمكن أن نرى سيدة تقف فى البرلمان أن تتحدث فى الأمور السياسية والبرلمانية بصوت عال؟ بالطبع لا، كل الشواهد لأى مراقب محايد تؤكد أن التيار الإسلامى السياسى لا يريد للمرأة فى مصر إلا أصواتها الانتخابية، من المؤكد أنه استغل الدين كثيرا فى إقناع نسوة مصر أنه هو الأجدر بتولى المسؤولية السياسية، وما نراه وما رأيناه من تلك الحشود الكبيرة التى لم يبذل الإسلاميون جهدا كبيرا فى تجميعها أمام صناديق الانتخاب لأن الجو العام ممهد تمهيدا كبيرا أمامه، لذلك فالسيدات فى مصر احتشدن أمام طوابير الانتخابات من أجل مقولة صغيرة، اسمها أن الإسلاميين يعرفون الله جيدا، لذلك سيكونون أفضل للبلد، وهذه المقولة تجدها على أفواه الكثيرات من نساء مصر، متوسطات الثقافة أمام لجان الانتخابات، وهنا يبرز السؤال، وهل غير الإسلاميين لا يعرفون الله؟ سؤال يحتاج إلى إجابة من تلك السيدات، وقد لعب الدين المسيّس دورا هاما فى تلك الصورة، نراه أمام صناديق الانتخابات، لعبها التيار الإسلامى بنجاح، ولا ننكر أنه نجاح باهر. هذه نقطة والنقطة الأخرى أن أكثر السيدات اللاتى خرجن لانتخابات، يقلن إنهن يبحثن عن الاستقرار. والسؤال الأهم: من قال إن الإسلاميين السياسيين فى مصر سيجلبون الاستقرار؟ ما من حزب سياسى عقائدى على أساس الدين أو أى عقيدة أخرى جلس على كرسيه ثم نزل حتى لو بانتخابات، إن أمام التيار السياسى فى مصر مهام جمة وظروفا دولية ومحلية غاية فى الصعوبة، ولا يمكن أن ينكر أحد أن الطريق بعد تولى الإسلاميين مهام الحكم فى مصر طريق محفوف بالصعاب والمشكلات، التى من الصعب أن ننتظر من خلالها الاستقرار.. وليس لهم أى خبرة سياسية فى الحكم. إن من يرى مشهد المرأة التى تم سحلها، وعرى جسدها، ومن يرى ويسمع الكثير من شهادات حية لسيدات وفتيات عما شهدن من تعذيب فى الأحداث الأخيرة أمام مجلس الوزراء، يؤكد بلا شك أن التيار الإسلامى فى مصر لا يرى فى المرأة إلا صوتها فى الانتخابات، الذى سيصل به إلى سدة الحكم، ليس أكثر وأقل من ذلك، وإلا فليسمعنا أحد من هذا التيار لماذا لم تأخذه الشهامة والنخوة الإسلامية للخروج والدفاع عن شرف نساء مصر، الذى سحل جهارا نهارا أمام العالم أجمع، ألم أقل لكم إنهم لا يريدون إلا الاستفادة من النساء، يريدون، بالعربى والإنجليزى، أصوات النساء، لكى يصلوا إلى الحكم فقط.. تسحل من تسحل وتعذب من تعذب، المهم طوابير النساء أمام صناديق الانتخاب.. والأهم أصواتهن.