على العجلة بدأ السيسى حملته الانتخابية، بينما خصومه سعداء بنجاح هاشتاج «أى عنوان تجميعى» على موقع «تويتر» يتضمن شتيمة صريحة للمشير بعد أن خلع بدلته العسكرية. مشهد راكب العجلة يقول إن الحملة الانتخابية للسيسى سيُدار جزء منها على الموديل الأمريكى «غالبا عبر الشركة الأمريكية نفسها التى أدارت حملة عمرو موسى فى انتخابات 2012». مشهد السيسى راكب العجلة يبدو من قبل المغرمين بالإبهار الأمريكى مدهشا ويعبّر عن وجود شخص ذكى فى الحملة. وربما يكون هذا صحيحا لكن هذا الشخص يعمل وحده. ويبنى صورة غير التى صنعت فرصة ضابط لم يلتقطه الرادار فى ظل الرعاية الأبوية لحرس قديم فرض الركود والتكلس أسلوبا للقيادة. انتقال السيسى إلى موقع البطولة/ بعد مشاركته أو استباقه إسقاط المرسى والإخوان/ صورة مختلفة عن راكب العجلة الذى يسير فى الشارع ويكلم العابرين فى مشهد يدرك كل من يراه أنه مصنوع «بالخبرة القديمة لمشاهد مبارك فى كوخ الشاى أو المرسى مع سنابل القمح...» كما أنه مشهد للدعاية «فمَن الذى التقط الصور المقربة تلك؟ وأين وجد السيسى شارعا خاليا..؟ والأهم كم تكلفة تأمين المشهد الدعائى خاصة أن حملته تقول إن مقرها سرى ومرشحها لن يغامر بأمنه فى مناظرات؟». إلى من ترسَل صورة راكب الدراجة إذن مع وسط انتخابى يشعر بالخوف من عدو داخلى «الإخوان» ومؤامرات خارجية «العالم كله تقريبا بأجهزة مخابراته..»؟ إيقاعات وطبول الهستيريا المصاحبة لوصول السيسى إلى موقع المرشح لم تدَع مجالا صغيرا للشك أننا فى حرب، ولهذا تزدهر فرص راكب الدبابة «المشير القادم من الجيش أفضل».. فماذا تريد أن تقول الصورة؟ هل هى إعلان ثقة وشعور بالأمن؟ ومرة أخرى كم تكلفت هذه الدقائق العابرة؟ وهل إذا وصل السيسى سيكون تأمينه هو علامة الأمن فى الدولة؟ هل ستتفرغ الدولة ليبدو السيسى آمنا فى الصور؟ ربما يكون صاحب الاقتراح ذكيا فى العلاقات العامة/ لكنه سيربك جمهور مرشحه الذى لا يرى ولا يسمع ولا يفكر إلا فى وصول البطل المنقذ لكى «يفرم» خصومه.. فكيف يجعله يرتدى بدلة رياضية ويقف بدراجة «أُثير جدل حول سعرها هى الأخرى.. حتى وصلت إلى 4 آلاف يورو أو 40 ألف جنيه»... والمبالغة انشغال بخطاب السيسى على طريقة السعادة من انتشار هاشتاج الشتيمة. كلاهما تعبير عن اليأس وعدم القدرة على بناء بديل سياسى فى مواجهة مرشح قادم من الأزمة/ ونتاج «الفراغ السياسى» أصلا. السيسى -وكما تقول رسائله- مرشح الدولة القديمة لتتمدد وتشغل الفراغ السياسى/ وهو اختار حملته من هامش نظام مبارك/ الذى لم يحصل على فرصته الكاملة/ وكان يعبر عن وجهٍِ عندما يقارَن بفجاجة أساطين الفساد يكون وقورا. اختار السيسى الوجه الوقور فى الدولة القديمة «الدبلوماسى/ رجل البورصة/ الخبير الإعلامى» من الذين قدموا أنفسهم بعد الثورة على أنهم «ضحايا ومضطهدون من النظام أو بالتحديد من حاشيته» وبعدم نيل الفرص فى الصفوف الأولى اعتُبر هؤلاء «الوجه النظيف من النظام»... ولهذ استبعدت الحملة وجوها مثل «مصطفى بكرى... وغيره» سيكون لهم دورا أو سسيبحثون هم عن دورهم خارج الدائرة الأقرب. وبعيدا عن الوجوه.. تساهم صورة السيسى راكب العجلة فى تقوية مجموعة «البدل الوقورة» الذين يلعبون على مستويين: الأول دبلوماسى: تنشط فيه حركة خارجية لتدخل مصر ملعبها القديم فى مرحلة عمرو موسى، وهو ما ظهر فى تحركات وزير الخارجية نبيل فهمى فى بيروت وقبلها روسيا.. يعاد بها هندسة الدور المصرى فى المنطقة لتكون محور ارتكاز ضد مشروع حكم الإخوان فى تركيا وغزة.. وفى قلب توليفة حل الأزمة السورية بتوافقات سعودية إيرانية. الثانى اقتصادى: يعاد فيه إنتاج النيوليبرالية التى سقطت وفشلت مع جمال مبارك بوجه جديد شعبوى يركب فيه الرئيس العجلة ليقول للجموع كما قالت مارجريت تاتشر «اركب عجلتك» والتى كانت رسالة إلى الفقير بأن يعمل بكل جهده بدلا من انتظار أن تساعده الدولة.. وهو الخطاب الذى استدعيت من أجله المرأة الحديدية من الطبقات الفقيرة لتقود حزب المحافظين.. حزب الأغنياء.. لكى تكون «واحدة منهم» وتفرض عليهم سياسات يتردد المنتمى إلى طبقة الأغنياء فى فرضها... وفى النهاية أدت سياسة «العجلة» التاتشرية إلى كارثة على الفقراء وضيق فى فرصهم بينما فتحت الأبواب أمام توحش الأغنياء... وهو ما دفع التاتشرية أحد أجنحة النيوليبرالية «مع الريجانية فى أمريكا» إلى الوصول إلى الأزمة. والترويج بأن «عجلة» السيسى دعوة للتقشف كحل للأزمة الاقتصادية أو إعادة خطاب «شد الحزام» كما قلت فى مقال سابق...يعنى أن السيسى لا يملك حلولا... أو يرى الحلول فى تصورات لا تختلف عن تصورات المرسى حين كان يعتقد أن أزمة الكهرباء فى «الراجل اللى بيقفل سكينة الكهربا ب20 جنيه» أو فى «إغلاق المحلات مبكرا..»... أو ترويج أن كل مشكلاتنا بسبب «ضياع أخلاقنا» أو «ابتعادنا عن الله»... وكلها إعادة تدوير للأوهام الفارغة. لا حلول من دون إرادة سياسية لتحقيق عدالة/ لا تنتقم من الغنىّ ولا تخدع الفقير بتوسيع دائرة الهبات والأعمال الخيرية/ ودون خطة إنقاذ للبنية التحتية للدولة/ خطة وليست بروباجندا «شد الحزام» أو على طريقة هشام قنديل «البسوا قطن واقعدوا كلكم فى أوضة واحدة..» بينما فى الدولة إغراق فى فخامة المبانى أو مرتبات الدوائر المقربة. ليس المهم أن يقف السيسى بركبة ونصف على العجلة... المهم العجلة تدور بأى اتجاه ولصالح مَن؟