أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن عجز السلطات الجديدة فى «كييف» هو الخطر الحقيقى على المنشآت النووية فى أوكرانيا وليست روسيا. جاء هذا التصريح فى بيان رسمى ردًّا على اتهامات ممثل أوكرانيا فى قمة الأمن النووى فى لاهاى لروسيا، وكأنها تهدد أمن المنشآت النووية فى أوكرانيا ودعا الولاياتالمتحدة وأوروبا إلى تقديم مساعدات أجنبية لحمايتها. من جهة أخرى أعربت الخارجية الروسية عن أسف موسكو بشأن تصريحات ممثلين عن أحزاب الائتلاف الحاكم فى أوكرانيا حول مبادرة الخروج من معاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل. وأشارت إلى أن عددًا من النواب عن حزبى «الوطن» و«الضربة» طرحوا مبادرة تشريعية حول خروج أوكرانيا من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وبينما رأت موسكو أن هذه المبادرة تشكل تهديدًا خطرًا للمعاهدة، أشارت فى الوقت نفسه إلى أن جهات ضامنة أخرى لهذه المعاهدة تفضل تجاهل هذا الخطر. وفى خطوة تعكس مدى التخبط المتفاقم فى صفوف السلطة الجديدة فى «كييف» على الرغم من الدعم اللا نهائى الذى تقدمه الولاياتالمتحدة وأوروبا، أصدر البرلمان الأوكرانى قرارًا بإقالة الأدميرال إيجور تينيوخ من منصب القائم بأعمال وزير الدفاع الأوكرانى. وكان تينيوخ قد أعلن فى البرلمان عن تقديم استقالته، إلا أن برلمان «كييف» لم يتمكن من إقرار الاستقالة فى التصويت الأول. ونفى تينيوخ فى كلمة ألقاها أمام نواب البرلمان أمس الثلاثاء، كل الاتهامات الموجهة إليه بشأن عدم إصدار أوامر فى الوقت المناسب لوحدات الجيش فى القرم. وأشار إلى أنه أمر باستخدام السلاح وفقا لنظام الخدمة العسكرية فى 3 مارس، ثم أمر باستخدام السلاح للمرة الثانية بعد مقتل عسكرى أوكرانى فى سيمفيروبول. من جهة أخرى تتصاعد المواجهات بين حلفاء الأمس فى «كييف»، إذ أكدت حركة «القطاع الأيمن» المتطرفة مقتل منسق مؤسساتها فى غرب أوكرانيا ألكسندر موزيتشكو. وفى وقت سابق أعلن النائب الأوكرانى ألكسندر دونى عن مقتل موزيتشكو فى مدينة روفنو غربى البلاد، قائلا إن مجهولين قطعوا الطريق أمام سيارته، وذلك باستخدام سيارتين، وأرغموه على النزول وركوب إحدى السيارتين. ومن ثمة أخرجوه من السيارة وهو مقيد اليدين وقتلوه بطلقتين فى الصدر. واتهم رئيس فرع «القطاع الأيمن» فى مدينة روفنو ياروسلاف جرانيتنى وزارة الداخلية الأوكرانية، بالتورط فى مقتل موزيتشكو. وكان موزيتشكو نفسه سبق أن نشر رسالة مصورة اتهم فيها وزارة الداخلية بتشكيل فريق مخصص لتصفية معارضى السلطات الجديدة فى «كييف»، مضيفا أنه يعتبر الهدف الأول لهذه المؤامرة. وفى الرسالة التى نشرت أمس الثلاثاء، قال موزيتشكو «إنه سينتقل للعمل السرى، وذلك بسبب خطط السلطات لتصفيته جسديا». وكان وزير الداخلية الأوكرانى بالوكالة أرسين أفاكوف، سبق أن أدان ما وصفها بفضائح موزيتشكو، وقال إنه إذا لم تتخذ النيابة العامة أية خطوات فعالة ضده، فسيقوم بنفسه بهذه المهمة. وانتشرت فى الإنترنت أشرطة فيديو تظهر موزيتشكو وهو يحضر اجتماعا لمجلس البلدية فى روفنو وهو يحمل رشاشا. وفى شريط آخر يعتدى موزيتشكو على النائب العام بمدينة روفنو بالضرب. كما هدد موزيتشكو بشنق وزير الداخلية أفاكوف إذا فتحت النيابة العامة قضية جنائية ضده. وسبق أن اتهمت حركة «القطاع الأيمن»، التى سبق أن قادت التمرد المسلح فى «كييف» والذى أدى إلى خلع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش ووصول الحكومة الحالية إلى السلطة، اتهمت وزارة الداخلية بقتل منسق مؤسساتها فى غربى أوكرانيا. وأعلنت الحركة مؤخرًا عن تشكيل حزب سياسى ورشحت زعيمها دميترى ياروش لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة فى مايو القادم، إلا أن أعضاءها يرفضون تسليم الأسلحة التى استولوا عليها فى أثناء هجماتهم على مؤسسات حكومية وعسكرية فى غربى أوكرانيا فى أثناء التمرد ضد يانوكوفتش. وتطالب الحكومة جميع من شارك فى أحداث «كييف» الشهر الماضى بإلقاء السلاح أو الالتحاق بالحرس الجمهورى الذى يتم تشكيله حاليا فى البلاد. وفى تحليل لافت، نشر المركز الفرنسى لأبحاث الاستخبارات مقالا لمديره أريك دينيسى يتناول فيها الأزمة الأوكرانية ودور الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبى فيها وموقف روسيا منها. وأكد دينيسى أن الغرب يؤيد المتطرفين الذين استولوا على السلطة فى العاصمة الأوكرانية، رغم أنهم داسوا على كل القيم الديمقراطية، لأن الغرب يريد تحقيق أهدافه بمساعدة «الثوار» الأوكرانيين. ويأتى المقال فى وقت يحمّل فيه قادة الدول الغربية بوتين المسؤولية عن الأزمة فى أوكرانيا، ويتهمون موسكو بتهديد «الثورة» الأوكرانية التى أطاحت ب«الطاغية يانوكوفيتش». وأشار دينيسى إلى أن «الثورة الأوكرانية» داست فى الحقيقة على القيم الديمقراطية التى يقول الغرب إنه يدافع عنها، مشيرًا إلى أن الغرب أيد، مع ذلك، ولا يزال يؤيد «الثورة» الأوكرانية، لأن هدفه الحد من النفوذ الروسى فى أوروبا عامة وفى أوكرانيا خاصة. وحذر من أن واشنطن بصدد تحقيق أهدافها مستغلة الأزمة الأوكرانية، ولذلك يجب أن تبتعد باريس عن واشنطن وتلتفت إلى الشرق، مشيرًا إلى أن روسيا تحظى بالتأييد المتزايد فى العالم بعد «الثورات العربية» والأزمة السورية، بينما تلقى فرنسا الممالئة لواشنطن المزيد من الانتقادات. وأوضح الباحث الفرنسى أن «الأحلام» الأوكرانية ستتبدد قريبا ليرى «الثوار» الواقع المعيش كما هو حقيقة، وهو أن ثلث سكان أوكرانيا روس، وأن الأسطول الروسى سيبقى فى شبه جزيرة القرم دائما.