أسئلة غامضة فى اغتيال السادات كيف اغتيل الرئيس رغم علم الداخلية بوجود مؤامرة عليه فى العرض العسكرى؟ مَن سمح له بالوقوف أمام المنصة؟ الإسلامبولى قال لقادة الجماعة: أعلم أن سيارتى ستتفحم بمجرد وقوفى أمام المنصة.. لكن سأحاول نتوقف عند حادثة اغتيال السادات، رحمه الله، فلقد اتفقت الجماعة الإسلامية فى الصعيد بقيادة كرم زهدى مع جماعة الجهاد فى القاهرة والوجه البحرى بقيادة محمد عبد السلام فرج، صاحب كتاب «الفريضة الغائبة»، على الاتحاد فى تنظيم واحد، واتفقوا على أن يقودهما عالم أزهرى، فعرضوا الأمر على د.عمر عبد الرحمن أستاذ التفسير بكلية أصول الدين بالأزهر، فوافق على رئاسة هذا التنظيم الجديد، وكان من ضمن تنظيم الجهاد فى القاهرة عبود الزمر الضابط فى المخابرات الحربية. ووضع التنظيم الجديد خطة للانقلاب على الرئيس السادات بعد ثلاث سنوات، وبدؤوا فى تنظيم صفوفهم، ولكن ما دفع التنظيم إلى الظهور، هو اكتشاف الأمن لشخص يتدرب على السلاح فى الصحراء، وهو نبيل المغربى، فقام بمراقبته، فاكتشف شلالات من الأسرار، اكتشف ضابط المخابرات عبود الزمر، واكتشفت خلايا كثيرة بمجرد متابعة الأمن لنبيل المغربى، وجاءت قرارات التحفظ فى 5 من سبتمبر 1981م، وضمت أسماء قيادات كثيرة من التنظيم الجديد، ففهم قادة التنظيم أنه بالقبض على نبيل المغربى، وصدور قرارات التحفظ مشتملة على أسماء القادة منهم معناه أن تنظيمهم قد اكتشف أمره، وأنهم مقبوض عليهم لا محالة، فقرروا قبل أن يقبض عليهم، ويلقوا نفس مصير تنظيم الإخوان فى 1965م أن يقوموا بعملية كبرى، فما دام سيُقبض عليهم إذن فليقبض علينا فى أمر كبير، هكذا كانوا يفكرون، وكانت ظنونهم هذه كاذبة، وعندما راجعوا الأحداث بعد القبض عليهم، عرفوا أن ظنونهم لم تكن صادقة، وأن تنظيمهم لم يكن قد اكتشف بأكمله. التقى قراراهم بالقيام بعملية كبرى قبل أن يقبض عليهم، ولم يقبض على أحد منهم سوى طلعت فؤاد قاسم، فما دام هم مقبوضا عليهم لا محالة فليوجهوا ضربات موجعة إلى نظام السادات. وفاجأهم خالد الإسلامبولى بأنه سوف يشارك فى العرض العسكرى، وأنه على استعداد تام لقتل السادات، ولم يتردد مجلس شورى الجماعة فى أخذ القرار، وقام محمد عبد السلام فرج بإحضار قنابل لخالد، وأخذها خالد ودخل المعسكر، وحصل على إبر ضرب النار. ما يدعو إلى الاندهاش: كيف نجحت هذه العملية مع اعتقاد خالد بحسب نص كلامه «أعلم أن سيارتى ستتفحم بمجرد وقوفى أمام المنصة، ولكن سأحاول»؟ كيف نجحت مع علم الداخلية بوجود مؤامرة على شخص السادات فى أثناء العرض العسكرى؟ مَن سهَّل لخالد دخول العرض بالقنابل وإبر ضرب النار؟ مَن سمح له بالوقوف أمام المنصة؟ لا بد أن هناك يدًا خفية سهلت وتغاضت واستفادت من نجاح هذه الجريمة. مذبحة أسيوط وبعد نجاح جريمة اغتيال السادات، قرر مجلس شورى التنظيم بدء الهجوم على النظام المصرى، وتم تكليف عبود الزمر بوضع خطة العمليات التى سوف تحدث فى القاهرة، ووضع خطة للاستيلاء على مدينة أسيوط، ثم استخدام مكبرات الصوت فى جميع مساجد أسيوط، لحث الجماهير على الانضمام إلى الثورة الإسلامية، ثم تعبئة هذه الجماهير بعد إعطائها السلاح، والخروج بها إلى المحافظات المجاورة للاستيلاء عليها. ووقع الاختيار على أسيوط لسببين: الأول: الأعداد الكبيرة للجماعة بها. الثانى: أنها تقع وسط الصعيد، فيسهل الانتقال منها شمالًا إلى المنيا، وجنوبًا إلى سوهاج وقنا، لأن بها أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة. وتحدد لبدء التنفيذ يوم الثامن من أكتوبر بعد مقتل السادات بيومين، يوم عيد الأضحى، فى أثناء وجود الناس فى المساجد لصلاة العيد. وتم تقسيم المجموعات المهاجمة إلى أربع مجموعات: الأولى: يقودها حمدى عبد الرحمن، ومهمتها الاستيلاء على نقطة شرطة اللاسلكى الموجودة بجوار نقطة المرور شمال المدينة، ومنع أى قوات من دخول المدينة من ناحية الشمال. المجموعة الثانية: يقودها ناجح إبراهيم، ومهمتها الاستيلاء على قسم أول أسيوط، ونقطة مرور الغرب، وعدم تمكين أى قوات من دخول المنطقة من الناحية الغربية. المجموعة الثالثة: يقودها كرم زهدى، ومهمتها الاستيلاء على معسكرات الأمن المركزى أمام كلية التجارة، والاستيلاء على نقطة مرور شرق، ومنع أى قوات من دخول المدينة من الناحية الشرقية. والغريب أن كرم زهدى كان يقود هذه المجموعة من السيارة، لأنه لم يستطع المشى، ولأنه قبل الأحداث بشهر قبض عليه فى سوهاج، ووضع فى قسم شرطة البلينا، فهرب منها، وقفز من فوق سور عالٍ، فوقع على الأرض، وأصيب فى قدمه، لذا قاد العملية وهو فى السيارة، وكان ضمن مجموعته عصام دربالة الذى انفجرت القنبلة فى يده وبترت كف يده اليمنى. المجموعة الرابعة: ويقودها على الشريف، ومهمتها الاستيلاء على مديرية أمن أسيوط، وقسم ثانٍ أسيوط، والاستيلاء على مركز ناصر، وقتل قوات الأمن المتمركزة أمامه، والاستيلاء على نقطة مرور أسيوط من الناحية الجنوبية. وكان من ضمن هذه المجموعة عاصم عبد الماجد الذى اخترقت طلقة ركبته فهشمتها، وفؤاد الدواليبى ومحمد ياسين وعلى عبد المنعم وهمام عبده ورجب الغضبان ومحمد الشرقاوى وطلعت ياسين قائد الجناح العسكرى للجماعة فى التسعينيات، والذى قتل فى أبريل عام 1994م ردًّا على قتل الجماعة لوكيل جهاز مباحث أمن الدولة اللواء رؤوف خيرت فى ذات العام. ونستمع لشهادة على الشريف على هذه الجريمة فى جريدة الموجز: «ذهبت أنا ومجموعتى إلى عربات الأمن المركزى الواقفة أمام مسجد ناصر وسط مدينة أسيوط، وأطلقنا النار على جنود الأمن المركزى بكميات كثيرة، وأخذوا يتساقطون الواحد تلو الآخر وهم لا يدرون ماذا يحدث بالتفصيل وإنما خمن أن هناك أمرًا ما سيحدث؟ ومن الذى يضربهم؟ ولماذا؟ فقد شلت المفاجأة تصرفهم، لذا كان عدد القتلى منهم كثيرًا، ثم انطلق الموكب إلى مديرية أمن أسيوط، وبمجرد وصولنا أطلقنا النار على الحراس فأرديناهم قتلى، واندفعنا مهرولين داخل المديرية نقتل كل من نراه من رجال الشرطة، وقد شلت المفاجأة تفكيرهم، فلم يكن منهم مقاومة كبيرة حتى تم الاستيلاء على مديرية الأمن فى دقائق، وكان عدد القتلى أيضا كبيرًا، وتم الاستيلاء على قسم ثان أسيوط، وتم توزيع السلاح الذى استولينا عليه على باقى أفراد المجموعة، وقطعنا الطريق الجنوبى، وكنا نفتش العربات الداخلة والخارجة من مدينة أسيوط، وقد أصيب فى هذه المعركة كل من على الشريف وعاصم عبد الماجد وهمام عبده وعلى عبد المنعم ورجب الغضبان. وكانت عربات الأمن المركزى تأتى إلينا، وكنا نمطرها بوابل من الرصاص، وقتلنا منهم عددًا كبيرًا، حتى أوشكت ذخيرتنا على النفاد فى آخر النهار، وأصبت بسبع رصاصات فى بطنى وفخذى وصدرى، وتولى أمر قيادة المجموعة بعدى فؤاد الدواليبى، فقرر آخر النهار انسحاب المجموعة من المديرية والرجوع إلى قواعدها فى الجبال والقرى المحيطة بمدينة أسيوط». وقبض على جميع المشاركين من الجماعة والجهاد فى قتل الرئيس السادات، وحوكموا فى محاكمة عسكرية قضت بإعدام قتلة السادات وهم: خالد الإسلامبولى وحسين عباس وعطا طايل وعبد الحميد عبد السلام ومحمد عبد السلام فرج، وتم تنفيذ حكم الإعدام فى 17 من أبريل عام اثنين وثمانين قبل انسحاب إسرائيل من سيناء بأسبوع. وحُوكم باقى تنظيم الجماعة المشترك فى أحداث أسيوط فى القضية رقم 462 لسنة 1981 جنايات أمن دولة عليا طوارئ والمسماة إعلاميًّا «قضية الجهاد الكبرى» وكان المتهم الأول فيها عمر عبد الرحمن. والمفارقة أنه رغم مقتل مئة وعشرين من الشرطة، على حد تعبير على الشريف تساقطوا وهم لا يدرون ماذا يحدث؟ ومَن الذى يضربهم؟ ولماذا؟ لم يحكم على أحد منهم بالإعدام، وحكم على بعضهم بالأشغال الشاقة ما بين ثلاث وخمس وسبع وعشر سنوات وخمس عشرة سنة ومؤبد، وقضى ببراءة الباقين. والقاضى الذى أصدر هذا الحكم الغريب هو المستشار عبد الغفار محمد، وهو نفسه رئيس هيئة الدفاع عن أعضاء الجماعة الذين قتلوا الدكتور رفعت المحجوب غدرًا. وللمصادفة أيضًا أنهم لم يحكم على أىٍّ منهم بالإعدام، رغم مقتل الدكتور المحجوب وقائد الحرس عمرو سعد الشربينى!! واعتراف قادة الجماعة بمسؤولية الجماعة عن هذه الجريمة. وبعد الحكم تم خروج الأعضاء المحكوم ببراءتهم ومن قضوا ثلاث سنوات، وذلك فى عام 1984م، وبعدها بعامين يفرج عن المحكوم عليهم بخمس سنوات، وفى عام 1988م يفرج عن المحكوم عليهم بسبع سنوات. ولقد اقتنعت الجماعة بعد سنوات طويلة بخطأ هذه العملية، والتى كانت مثار فخر لهم على مدار سنوات عديدة. ولقد قال كرم زهدى لمكرم فى الحوار المنشور فى جريدة «المصور»: «وأنت تعلم أن السجن مكان جيد للقراءة والمراجعة الفكرية والمناظرة، فطيلة السنوات الماضية كنا نراجع حادثة 1981م والأحداث التى أودت بكثير من الحركات الإسلامية -وليست الجماعة الإسلامية فقط- إلى نهاية غير حسنة فى نتائجها». ولقد قال لى د.ناجح إبراهيم فى سجن دمنهور: لو عاد بنا الزمان كنّا وقفنا مع الرئيس فى اتفاقية كامب ديفيد، فقد كان يحتاج إلى نصير شعبى، وكان هذا الموقف سيفتح أمامنا أبواب الدعوة الإسلامية. وردًّا على سؤال مكرم لحمدى عبد الرحمن: «هل ما زلت تعتقد أن اغتيال الرئيس السادات صحيح شرعا، أم أنه خطأ شرعى؟ أجابه: أكدنا فى الأبحاث التى أخرجناها والأمثلة التى قرأناها فى التاريخ أن الخروج على الحاكم فى كل العصور أسهم فى مفاسد كثيرة عادت على الأمة الإسلامية وليس فى حادث الرئيس السادات، وقبل ذلك فى كل حوادث الخروج السابقة مثل خروج سيدنا الحسين بن على على يزيد بن معاوية، وخروج ابن الأشعث وعبد الله بن الزبير، فكل أنواع الخروج على الحاكم بما فى ذلك الخروج على السادات أدت إلى مفاسد كثيرة وكبيرة وفتن، وأدت إلى تمزيق الأمة، وبالتالى فهو محرم شرعا». وهذا التصريح يجب أن نقف أمامه طويلًا عند أمرين: الأول: وجود أخطاء تاريخية فيه، فعبد الله بن الزبير لم يكن خارجًا على حاكم، وإنما هو الخليفة الشرعى، ومن خرج عليه هو مروان بن الحكم، وقال عنه السيوطى فى ما نقله عن الذهبى: «إن مروان لا يعد فى أمراء المؤمنين، بل هو باغٍ خارج على ابن الزبير». وكذلك عبد الملك بن مروان باغٍٍ خارج عن الخليفة الشرعى عبد الله بن الزبير، لكنه تغلب على ابن الزبير، ونجح الخروج، وأصبح هو الحاكم، وقال الذهبى: «وإنما صحت خلافة عبد الملك حين قتل ابن الزبير» (تاريخ الحلفاء ص159 وما بعدها). والأمر الثانى: هو أن الجماعة تستحى أن تقول إنها أخطأت، فتقول: إن كنا أخطأنا، فقد أخطأ الحسن ابن بنت النبى، وعبد الله بن الزبير ابن بنت أبى الصديق، فأعلام الأمة الإسلامية أخطأت، كما أخطأنا، فلا تلومونا، كما لم تلوموهم. منطق أعوج، لتهرب الجماعة الإسلامية من تحمل تبعة أخطائها، تقول: لقد أخطأ قادة الإسلام وأعلامه على مر الزمان، ولم ينقص ذلك من مكانتهم، فلا يجب أن ينقص اعترافنا بالخطأ من مكانتنا، فقادة الجماعة لا يتحركون إلا بدليل شرعى، ولمصلحة عامة، كما قال محمد ياسين. وهذه الاستشهادات تدل على الجهل. فأئمة الإسلام لم يخطؤوا، بل المخطئ هو من منع الأمة من حقها فى اختيار ولاة أمورها، وحوَّل الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض جبرى وراثى، ولم يُخطأ الحسين ولا ابن الزبير، وإنما أخطأ من منع حق الأمة فى محاسبة ومراقبة ولاة الأمر. وأين هذا الكلام فى ميزان النقد الصحيح والقراءة الصحيحة لواقع الأمة الإسلامية، ألم يسمعوا للإمام السيوطى وهو ينقل عن الحسن البصرى رحمهما الله قوله: «أفسد أمر الناس اثنان: عمرو بن العاص يوم أشار على معاوية برفع المصاحف، فحملت، ونال من القراء، فحكم الخوارج، فلا يزال هذا التحكيم إلى يوم القيامة، والمغيرة بن شعبة، فإنه كان عامل معاوية على الكوفة، فكتب إليه معاوية: إذا قرأت كتابى فأقبل معزولًا، فأبطأ عنه، فلما ورد عليه قال: ما أبطأك؟ قال: أمر كنت أوطئه وأهيئه، قال: وما هو؟ قال: البيعة ليزيد من بعدك، قال: أو قد فعلت؟ قال: نعم، قال: ارجع إلى عملك، فلما خرج، قال له أصحابه: ما وراءك؟ قال: وضعت رجل معاوية فى غرز لا يزال فيه إلى يوم القيامة، قال الحسن: فمن أجل ذلك بايع هؤلاء لأبنائهم، ولولا ذلك لكانت شورى إلى يوم القيامة». إنها كلمات توزن بماء الذهب، تحقيقًا، وتدقيقًا، ووصفًا للعلة وسببها، وعندها نعلم من المخطئ الحسين وابن الزبير أم حكام زمانهما. لقد اقتنعت الجماعة أنها مخطئة فى قتل السادات، وفى أحداث أسيوط، وفى كل حوادثها الإرهابية، ولفظة الإرهابية ليس ذمًّا هذه العملية الإجرامية عند الجماعة، فالجماعة تفخر بأن الاغتيال سنة والإرهاب فرص، وكلمة إرهابية تعتبر عندهم مدحًا لا ذمًا. وكان حديث كرم زهدى مع عبد اللطيف المناوى فى جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية، والتى قال فيه: «إنه لو عاد به الزمن لما اشترك فى اغتيال السادات، وإن السادات مات شهيدًا»، هو الاعتراف الواضح الصريح النهائى لخطئهم فى اغتياله. وهذا التصريح هو ذات تصريح مرشد الإخوان السابق عمر التلمسانى رحمه الله: «لقد قتل السادات مظلومًا، كما قتل عثمان بن عفان رضى الله عنه». لقد كان عمر التلمسانى شخصية استثنائية فى جماعة الإخوان، فهو فى اتجاه دعوى والجماعة فى اتجاه آخر تحت تأثير التنظيم الخاص. وليس أدل من ذلك من موقفه من قتل السادات السابق ذكره، وموقف قيادات التنظيم الخاص بالإخوان، فقد أصدر مصطفى مشهور عددًا من مجلة «الطيور المهاجرة» التى تصدرها الجماعة (الإخوان) فى فيينا، وعلى غلافها صورة خالد الإسلامبولى وقتلة السادات فى القفص، وقال: أبناء الإخوان فى سجون مصر. وقد حصد الإخوان نتيجة هذا الغلاف مبلغ مليون دينار كويتى جمعها الداعية أحمد القطان لأعضاء تنظيم الجهاد المحاكمين فى قضية الجهاد الكبرى، وسلمها إلى الإخوان المسلمين فى مصر عندما علم أن أعضاءهم هم الذين يحاكمون فى هذه القضية، هذه القصة حكاها لى د. محمود شعيب. وأقرأ هذا النص فى تعليق الإخوان على مقتل السادات فى كتابهم: «المنهج الحركى للسيرة النبوية». «فزعماء الطاغوت اليوم أشعلوا الحرب على المسلمين، قتلوا رجالهم، ولم يستحيوا نساءهم، بل تجاوزوا فرعون الذى طغى، هؤلاء يتقرب إلى الله تعالى بدمائهم، وما فعله شباب الإسلام فى الحاكم الذى تحدى المسلمين فى الأرض، فصالح عدوهم اليهود فى يوم عيدهم حين قتلوا هذا الطاغية إنما غسلوا عار المسلمين جميعًا فى أرض الكنانة، بل فى كل مكان من الأرض الإسلامية، ونصروا الله تعالى ورسوله بالغيب، وشروا أنفسهم لله، كما قال عمر س: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ» (البقرة: 207). إنه نص مفزع، كاشف عن حقيقتهم التى أخبر بها ناصر هيكل: «إنك لا تعرفهم، إنهم قتلة». السادات من أخرجهم من السجون، وسمح لهم بالعمل الدعوى، وأعادهم إلى وظائفهم، وعوَّضهم، وحررهم من الخوف، وأسهم بإعلامه فى تصويرهم بصورة الضحية، وجعل الناس ينسون جرائمهم تجاه مصر والمصريين، أصبح الآن بعد مقتله فى نظرهم زعيمًا من زعماء الطاغوت، تجاوز فرعون الذى طغى، الطاغية أصبح يتقرب إلى الله بدمه. أكانت هذه نظرتهم الحقيقية له وأخفوها تحت ستار التقية، كثيرة هى الأشياء التى تجمعهم بالشيعة فى إيران ابتداءً من تسمية قائدهم بالمرشد، وانتهاء بالتقية، وقبلها أشياء كثيرة، منها قول الخمينى: لقد تعلمنا على كتب الأستاذ المرشد حسن البنا. أى نكران للجميل هذا الذى تتمتع به جميع فصائل من يسمون أنفسهم بالتيار الإسلامى، وانظر إلى الحسم فى أن قتلة السادات قد شروا أنفسهم من الله ونصروا الله تعالى ورسوله بالغيب. أينصر الله ورسوله بالغدر وبالغيلة وبالقتل وبنكران الجميل؟! الحلقة الثامنة الإثنين المقبل