هزّت صفقة استحواذ غوغل على شركة موتورولا عالم التكنولوجيا، مثيرةً الكثير من ردود الأفعال. إذ تعتبر تلك الخطوة رهاناً على خوض غمار مجال الحوسبة النقالة والمنافسة مع أبل في سوق الهواتف. كما ستمنح الصفقة غوغل صندوق منافسة قيِّم لأكثر من 17 ألف براءة اختراع، وفرصة الدفاع عن برامج أندرويد. جاءت الخطوة التي أعلنت بموجبها يوم أمس عملاقة محركات البحث الأميركية "غوغل" عن إتمامها صفقة الاستحواذ على شركة موتورولا للهواتف مقابل 12.5 مليار دولار، لتثير الكثير من ردود الأفعال في مختلف الأوساط التقنية داخل أميركا وخارجها. من جانبها، اعتبرت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية تلك الخطوة بمثابة الرهان الذي اختارت غوغل أن تخوضه، بعدما رأت أن مستقبلها – ومستقبل أكبر شركات الإنترنت – يكمن في مجال الحوسبة النقالة، وقد بدأت تتحرك في هذا المجال من أجل خوض غمار المنافسة بصورة قوية مع منافستها "أبل" في السوق الخاصة بالهواتف النقالة. ومضت الصحيفة تقول إن غوغل، التي تشتهر بمحرك بحثها وبرنامج أندرويد، هزت عالم التكنولوجيا بإعلانها عن خطوة شرائها لشركة "موتورولا موبيليتي هولدنغز"، ومن ثم دخولها في العالم المتعلق بصناعة الهواتف النقالة والحواسيب اللوحية. ويتوقع، وفقاً للصحيفة، أن تُدخِل تلك الصفقة القياسية شركة غوغل في منافسة متكافئة مع شركائها الذين يعملون معها في المجال نفسه، وكثير من شركات تصنيع الهواتف التي تستعين ببرامج أندرويد، إضافة إلى شركة أبل العملاقة. كما ستمنح تلك الصفقة، التي تحتاج موافقة الجهات التنظيمية، شركة غوغل صندوق منافسة قيِّم لأكثر من 17 ألف براءة اختراع، وهو ما سيساعدها على الدفاع عن برامج أندرويد من سيل من الدعاوى القضائية المتعلقة ببراءات الاختراع. في مقابلة مع الصحيفة، قال لاري بيج، الرئيس التنفيذي لغوغل: "تسير الحوسبة صوب عالم الهواتف النقالة. وحتى إن كان هناك جهاز حاسوب إلى جواري، فإنني سأظل على هاتفي النقال". رغم ذلك، اعترفت النيويورك تايمز بأن تأثير صفقة استحواذ غوغل على موتورولا على المستهلكين لا تزال غير واضحة. لكنها أوردت عن محللين قولهم إن غوغل قد تتمكن بموجب تلك الصفقة من تسريع الخطوات التي يتم انتهاجها في تطوير وابتكار أجهزة الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية. وقال ستيف واينشتاين، محلل لدى Pacific Crest Securities: "من الضروري لغوغل أن تتأكد من أن قطاع الهواتف النقالة لا يخضع لهيمنة شركة واحدة، وهي شركة أبل. وباستحواذها على موتورولا، ستتمكن غوغل من خفض التكاليف، وتطوير منتج يحظى بالريادة مع توافر الخدمات التي تتيحها الشركة من حوله". وتابعت الصحيفة بتأكيدها أن تلك الصفقة سيكون لها انعكاسات في صناعة التكنولوجيا، حيث ستزيد من قوة شركة موتورولا، في وقت تتعرض فيه شركتا "ريسيرش إن موشن" و"نوكيا" لحالة من التعثر. ورغم البيانات الإيجابية التي أصدرها كثير من شركاء غوغل تعقيباً من جانبهم على الصفقة، إلا أن محللين رأوا أن صفقة الاستحواذ هذه ستخلق حالة من التوتر لأن موتورولا ستكون في وضعية جيدة. وهو ما قد يدفع بشركات أخرى متخصصة في تصنيع الهواتف إلى الارتماء في أحضان شركة مايكروسوفت، التي تقدم هي الأخرى برنامج تشغيل منافس. هنا، عاود بيج ليقول إن موتورولا ستعمل في حقيقة الأمر باعتبارها شركة قائمة بذاتها، وأوضح أن سانجاي جاها، الرئيس التنفيذي للشركة، وهو المسؤول عن تطوير الشركة، سيظل رأس السلطة التنفيذية للوحدة. وقال آفي سيدمان، أستاذ نظم المعلومات في جامعة روشستر "هذه فرصة لغوغل كي تحرك السوق، من حيث الأسعار والتطوير". وقال أيضاً هربرت هوفنكامب، أستاذ القانون في جامعة أيوا: "أفضل طريقة لمواجهة حافظة ضخمة من براءات الاختراع هي أن يكون لديك حافظة ضخمة من براءات الاختراع. ويبدو أن ذلك هو ما تفعله غوغل هنا، حيث تُسلِّح نفسها ببراءات اختراع لتتمكن من الدفاع عن نفسها في تلك السوق سريعة النمو". في سياق متصل أيضاً، تحدثت الصحيفة عن التحول الذي طرأ على سياسات غوغل التي سبق وأن أعلنها عام 2004 اريك سكميدت، الرئيس التنفيذي حينها للشركة، والمتعلقة بعدم الخوض في صناعة الهواتف النقالة، والاكتفاء بضمان وجود الشركة على تلك الهواتف من خلال برامج وأنظمة التشغيل. وتابعت الصحيفة بقولها إنه حتى وفي أعقاب امتلاك غوغل نظام أندرويد عام 2005، فإنها استمرت في وضع خطط تهدف من ورائها إلى دخول سوق الهواتف لسنوات أخرى عدة. وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن غوغل لا تنظر إلى صفقة استحواذها على موتورولا باعتبارها وسيلة لكسب أرضية في سوق الهواتف المحمولة، بل باعتبارها فرصة لشراء حافظة موتورولا الخاصة ببراءات الاختراع – حوالي 17 ألف منها. ولفتت الصحيفة كذلك إلى أن تركيز غوغل على براءات الاختراع بدلاً من سوق الهواتف النقالة حظي بقدر كبير من الاهتمام وأحدث أصداءً واسعةً. وختمت الصحيفة بقولها إن مساعي غوغل في هذا الشأن ربما تكون بحاجة أيضاً للحصول على موافقة الجهات التنظيمية التي قد تسعى إلى وقف الاستحواذ إذا أعلن أي عدد من الشركات المصنعة للهواتف المحمولة اعتراضه على إتمام تلك الصفقة. ايلاف